أسبوع فساتين الزفاف ببرشلونة.. يدخل مرحلة النضج في عامه الـ17

الأبيض الثلجي يعود للواجهة

TT

بعد أن أصبح لكل مصمم ما لا يقل عن عشرة عروض في السنة، بين مواسم الربيع والصيف والخريف والشتاء، وما بين الهوت كوتير والملابس الجاهزة، وما بين خط «كروز» الخاص بالمنتجعات الصيفية، وخطوط للمنتجعات الثلجية وغيرها، ليس من الغريب ان يكون لفساتين الزفاف أسبوع خاص بها، كما ليس غريباً ان يكون هذا أنسبَ وقتٍ لها، وهذا ما انتبهت له مدينة برشلونة منذ سبعة عشر عاما، عندما افتتحت أول معرض لها متخصص في هذا المجال، بدأ صغيرا ليبلغ الآن قمة نضجه. فهنا يمكن ان يجد المتخصصون من أصحاب الشركات وصناع الموضة كل ما يتعلق بليلة العمر. وحسبما أكدت السنوات، فهو أسبوع يختلف عن غيره في أنه أكثر من مجرد معرض يحضره المهتمون بكل ما يتعلق بتفاصيل الأعراس، كونه أسبوع موضة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، وأكبر دليل على ذلك انه يضم باقة من المصممين من الوزن الثقيل، من أمثال مصمم دار شانيل، كارل لاغرفيلد، إيلي صعب، كريستيان لاكروا، هانيبال لاغونا، فالنتينو، فكتوريو آند لوتشينو والإسباني جيزيس ديل بوسو وغيرهم. ما يجعل هذه الأسماء تحرص على عدم التغيب عنه، تاريخه الطويل، فضلا عن أنه يتزامن مع أسبوع برشلونة للموضة لعام 2008، ليضربوا بذلك عصفورين بحجر واحد. فوسائل الإعلام تكون موجودة بشكل كثيف، كما ان المشترين والمشتريات يكون لديهم متسع من الوقت لحضور كل الفعاليات، مما يجعل المشاركة عملية مفيدة تغذي الجانب الإبداعي والجانب التجاري على حد سواء. ونظرا للسمعة التي اكتسبها الأسبوع عبر سنواته الـ17، فإن عدد المشاركين فيه من المصممين والشركات في تزايد مستمر، حيث وصلت هذا العام ذروتها، وتقدر بـ150 شركة من كل أنحاء العالم، 85% منها حجزت قبل الأسبوع بأربعة أشهر حتى تضمن مكانا لها. الفكرة من هذا الأسبوع بدأت على أساس تشجيع صناعة الأزياء عموما، ومتعلقات الزفاف خصوصا، فضلا عن إتاحة الفرص أمام المشاركين لاكتشاف اسواق جديدة، ومن تم تنشيط الحركة التجارية، ولا بأس من اكتشاف مصممين صاعدين في نفس الوقت. آخر معرض شهدته برشلونة استقطب 11550 زائرا، من بينهم 48.2% من الأجانب، مما يؤكد سمعته العالمية، فالإيطاليون شكلوا 10.7%، الفرنسيون 4.4%، اليابانيون 2.8%، البريطانيون 2.6%، الألمان 2.4%، البرتغاليون 2.2%، الأميركيون 2%، الهولنديون 1%، الروسيون 0.4%. برشلونة لحد الآن تعتبر واحدة من عواصم الموضة التي تعرف تقدما سريعا على المستوى العالمي، وإن كانت لا تزال أحيانا ترتكب خطأ كبيرا في حق نفسها بتنافسها مع جارتها مدريد في هذا المجال. في العام الماضي مثلا، أصيب العديد من المصممين الإسبان بالحيرة، أي من المدينتين انسب للعرض، خصوصا أنه من الصعب على عدد كبير منهم المشاركة في الاثنين، إذا أخذنا بالاعتبار تكاليف تنظيم عرض أزياء واحد، حوالي 70 ألف جنيه استرليني. وفي حين قد يكون هذا المبلغ زهيدا بالنسبة لبيوت الأزياء العالمية التي يمكن ان تصرف أضعاف هذا المبلغ على حفل خاص، لكنه بالنسبة لمصمم مبتدئ لم يصل إلى العالمية بعد، فهو ثروة يحسب لها ألف حساب. المبشر في الأمر حاليا، ان تغيير التوقيت هذه السنة، الذي قصد منه أن يتزامن مع الأسبوع السنوي لفساتين الزفاف، من شأنه أن يغير الحال إلى الأحسن، من الناحيتين الإعلامية والاقتصادية، إذا افترضنا أن بعضهم لن يحتاج إلى حجز مسارح خاصة للعرض في ظل وجود مسرح مفتوح للمشاركين والزائرين والإعلاميين، يتمثل في مكان المعرض. وإذا كانت الأسماء المشاركة هذا العام، وأناقة الأزياء التي عرضت لحد الآن هي المقياس، فإن أسبوع برشلونة للموضة قد نضج فعلا ووصل إلى قمة الشباب والجمال. فقد استطاع ان يقدم طوال الأسبوع فساتين للملابس الجاهزة على مستوى الهوت كوتير. افتتح الاسبوع المصمم كارل لاغرفيلد بتشكيلته الخاصة لـ«روزا كلاراش، الإسبانية المتخصصة في فساتين الزفاف، التي تعاقدت مع لاغرفيلد على اساس أن يقدم لها ما لا يقل عن 25 تصميما مختلفا مرتين في العام، تسوقها في فروعها الـ49 المترامية في كل من اسبانيا والبرتغال والمكسيك، إلى جانب انها تتعامل مع محلات أخرى في كل من الولايات المتحدة وأوربا واليابان، تصدر لها إبداعاتها الخاصة وإبداعات غيرها من المصممين الذين تتعاقد معهم، نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر، كريستيان لاكروا وجيزيز ديل بوسو. ومما لا شك فيه ان هذا التعاون المشترك مفيد ومربح لكل الأطراف، بما فيها العروس المقبلة على الزواج التي تريد ان تختال في فستان بتوقيع مصمم عالمي، فشرط روزا المهم هو ألا تتعدى اسعار أي فستان، حتى لو كان بتوقيع كارل لاغرفيلد نفسه، 3600 دولار، على أن يبدأ من 1440 دولار. أما اللافت في موضة هذا العام، فهو عودة اللون الأبيض الثلجي، الذي غاب عن منصات عروض ازياء العرائس في السنوات الأخيرة لحساب العاجي، بل والألوان الأخرى، بما فيها الأحمر. فالبعض منا لا يزال يتذكر الفستان الأحمر الصارخ الذي ظهرت به العارضة السمراء ناعومي كامبل في العام الماضي في نفس المناسبة، وكان من تصميم باتريشيا أفينادو. بالنسبة للتصميمات، فلم تدخل عليها تغييرا جذرية من حيث الأسلوب الناعم والرومانسي، لكن الجديد فيها إدخال تقنيات الهوت كوتير عليها، مما يجعلها حلما في متناول اليد، خصوصا أنه يمكن الحصول من هنا على فستان قريب مما قدمه لاغرفيلد لدار شانيل أخيرا، بسعر اقل بكثير. فالمصمم، مهما حاول ان يغير قبعته في كل مرة يتقمص فيها دور مصمم لدار أخرى، لا بد أن يحصل له نوع من «التخاطرش مع نفسه. ففستان ناعم مزين بقطع ريش صغيرة، أعاد للأذهان صورة فستان الزفاف الرائع الذي ختم به عرض شانيل وكان من الريش بذيل طويل.

أما الملاحظ عموما، في السنوات الأخيرة، فهو توجه المصممين إلى إرضاء المرأة بتصميم فساتين عصرية وناعمة تخلو من التعقيدات واستعمال تنورات التول المنفوخة، حتى تتمكن من الاستفادة منها في مناسبات أخرى بعد الزواج، لاسيما أن المبلغ الذي من الممكن ان تصرفه عليه يكون عاليا للغاية، مما يجعل ارتداؤه لليلة واحدة شبه جريمة. ما رأيناه على منصات برشلونة، يحتفل بالفخامة والعصرية في آن واحد، وكل ما فيه ينطق انه خاص بليلة العمر التي لا يجب ان يبخل عليها بشيء، بدءاً من نوعية القماش إلى فخامة التصميم. لكن الفخامة هنا لا تعني التنورة المستديرة التي تستحضر أزياء ماري أنطوانيت أو القرن الثامن عشر، بل فخامة تعتمد النعومة والفنية، ومن تم المناسبات الخاصة في أي زمان أو مكان، حتى أنها في كثير من الأحيان بدت وكأنها فساتين سهرة خاصة، وفي بعض الأحيان وكأن العارضات راقصات باليه يقلدن رقصة البجع. ما أعطى هذه الانطباعات غياب الأكسسوارات التي تعودنا ان ترافق فستان الزفاف، مثل الطرحة، فقد تمت الاستعاضة عنها تماما بتسريحات تجمع بين الابتكار والبساطة.