موناكو تحتفل بحياة غريس كيلي في الذكرى الـ 25 لوفاتها

ابنة فيلادلفيا التي تحولت إلى نجمة هوليوودية.. أيقونة موضة.. وأميرة

صور من المعرض الذي سينتقل قريبا إلى لندن (رويترز)
TT

«الشباك الخلفي» يعد واحدا من اشهر واجمل افلام الفريد هيتشكوك، ومشاهده بقيت عالقة في مخيلة كل من شاهده، اذ تمكن من خلاله المخرج، المتخصص بهذا النوع من افلام الجريمة الغامضة، التي تدخلك في عالم احداثه متشابكة على الصعيدين النفسي والاجتماعي، من نقل المشاهد الى حي في نيويورك لمراقبة حياة الناس بكل حذافيرها ودقتها والدخول فيها، متعاطفا او مشتركا، من خلال الشبابيك الخلفية لبنايات تطل على ساحة مشتركة لساكنيها. هذه المشاهد اعيد تكوينها في غرفة اطلق عليها اسم «الفريد هيتشكوك»، ضمن معرض تحتفل فيه امارة موناكو بحياة أميرتها الراحلة نجمة هوليوود غريس كيلي، في الذكرى 25 لوفاتها. وستستضيف لندن المعرض بكامله قبل نهاية هذا الصيف.

المشاهد كانت قد التقطت خلال اشتراكها في بطولة فيلم «الشباك الخلفي» للمخرج الفريد هيتشكوك، امام الراحل جيمس ستيوارت احد عمالقة هوليوود.

وخصصت غرفة خاصة لـ«الشباك الخلفي»، سميت بـ«غرفة هيتشكوك»، التي نظمت على شكل مشهد من نفس الفيلم، وهي الغرفة التي كان يعيش فيها جيمس ستيوارت، المصور الصحافي حيث كانت تزوره البطلة، غريس كيلي، بعد اصابته بكسر في رجله تسبب في الزامه السرير. من خلال شباك الغرفة الخلفي اكتشف الاثنان جريمة قتل اقترفها احد سكان العمارة المقابلة بحق زوجته. يدخلك الفيلم الى عالم مليء بالقصص الشخصية والمآسي الانسانية والجريمة والوحدة وفقدان الدفء، كل ذلك اضافة الى السلوكيات الانسانية الأخرى التي تشاهدها من خلال الشبابيك الخلفية لسكان العمارة. الفيلم زاد من شهرة الشقراء كيلي وإقبال هوليوود عليها، لكنها في النهاية اختارت الزواج وتأسيس أسرة على النجومية. كان زوجها أمير موناكو الراحل رينيه وحياتها معه اشبه بقصص الخيال. جمالها وارستقراطيتها الواضحة، كانتا خلطة لا تتكرر كثيرا، رغم ان هناك بعض الامثلة التي تعد على اصابع اليد الواحدة، والتي اصبحت نوعا من حكايات خيال تعطي اقتران الحسناوات بالمشاهير، المتحدرين من اصول ليست فقط ثرية وانما ارستقراطية ايضا، مسحة ومذاقا رومانسيا خاصا ومختلفا.

ومن الأمثلة الشبيهة بقصة غريس كيلي مع الأمير رينيه، اقتران الأميرة ديانا مع ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز، وزواج جاكلين بوفيه (جاكي كينيدي) من الرئيس الأميركي جون كينيدي. حياة هؤلاء شكلت مادة غنية في الصحافة العالمية، لا تدور فقط حول حياتهم وانما مماتهم ايضا. حتى جنائز هؤلاء الحسناوات شكلت محطات تاريخية ودخلت ذاكرة الكثير من الناس. الذكريات والمناسبات المختلفة في حياتهن، مثل الزواج والوفاة وغيرها، ما زالت تفرض نفسها على الأحداث. توفيت الأميرة كيلي في 14 سبتمبر (ايلول) 1982 عندما انقلبت سيارتها من على قمة جبل، في ملابسات غامضة أثارت الكثير من التكهنات والشائعات آنذاك، مما يجعل حياتها ومماتها أشبه بفيلم مثير. وفي هذا السياق وبمناسبة الذكرى 25 على حادث الوفاة اقيم في إمارة موناكو معرض يجسد حياة ومشوار ابنة فيلادلفيا، الأميركية التي حققت النجومية في هوليوود وأصبحت أيقونة موضة ارتبط اسمها بدار كريستيان ديور، ومؤسسها الذي صمم لها أغلب أزيائها حتى بعد ان أصبحت أميرة متوجة في هذا الإمارة الأوروبية، وبعد موت المصمم. وقال فريدريك ميتران، ابن الرئيس الفرنسي الراحل فرنسوا ميتران، المسؤول عن تنظيم المعرض، الذي افتتحه الأمير البير، انه وجد تعاونا غير مسبوق من قبل عائلة الأمير رينيه، من الأمير البير والأميرة كارولين والأميرة ستيفاني، الذين وافقوا على عرض بعض الرسائل والصور، التي لم يطلع عليها احد خارج القصر من قبل، وكذلك جميع فساتينها. «لقد تركت لنا الأميرة كيلي صورة في مخيلتنا تعكس الأناقة بكل معانيها. ربما لم نشاهد افلامها او لم نقم بزيارة إمارة موناكو، الا ان اناقتها تبقى عالقة في مخيلتنا لتذكرنا دائما بالترياق اللازم لمجابهة قسوة الحياة»، اضاف ميتران. «ان اناقتها هي اناقة فتاة ثرية في مقتبل عمرها جاءت لتمثل الحلم الأميركي.. والأمل الذي كان يتوق له الناس في سنين ما بعد الحرب العالمية الثانية.. كما كانت اناقتها هي اناقة تلك الفترة الملونة من افلام هوليوود».

ويشكل المعرض البوما للزائر، وكأنه يتصفح حياتها وذكرياتها من خلال الصور والرسائل والمقتنيات الشخصية الصغيرة وصولا الى فساتينها واكسسوارات الموضة والتسجيلات الصوتية والتقارير الاخبارية ولقطات الأفلام وغيرها. «نريد من المعرض ان يخلق عالما لا شبيه له في حياة الأميرة كيلي تفوح منه الذكريات»، استطرد ميتران في حفل افتتاح المعرض الذي سينتقل الى لندن في سبتمبر (ايلول) المقبل. ويشكل فستان زواجها من الأمير رينيه عام 1956 احد المعروضات الأساسية في المعرض، مع العلم انها كانت قد تبرعت به لمتحف فيلادلفيا، لكن اعيد استلافه من المتحف الأميركي لعرضه في «غريمالدي فورم» المكان الذي استضاف المعرض.

ومن الرسائل المعروضة هناك مراسلاتها مع نجوم هوليوود والمشاهير، امثال كاري غرانت ومارغو فونتين وبينغ كروسبي وجاكلين كينيدي، عندما كانت زوجة لجون كينيدي قبل اغتياله، وأيضا بعد اقترانها بالملياردير اليوناني اوناسيس.

زوايا المعرض العديدة تظهر جوانب مختلفة من حياتها، ويأخذك من غرفة الى غرفة ابتداء من السنين الأميركية ومرورا بهوليوود ووصولا الى السنين التي قضتها في موناكو الى يوم وفاتها، أي من مشاهد افلام هوليوود باضوائها الصناعية الى اضواء موناكو الطبيعية وشمسها الساطعة.

وهذه هي المرة الأولى التي تنظم فيها موناكو هذا النوع من المعارض وبهذه الضخامة كتكريم لاحدى ايقونات هوليوود في القرن العشرين، واختير هذا المركز الوطني، وبالتحديد، القاعة التراثية لهذا الحدث.

يبدأ الزائر جولته من غرفة فيلادلفيا، أي سنين غريس كيلي في موطنها الأصلي ومسقط رأسها. ديكور المكان، الأزرق والرمادي، يعكس اجواء البيئة المدنية، وترى احدى ناطحات السحاب التي تدخل من خلالها الى شقة عرضت فيها الوثائق والصور التي تصور حياة عائلتها وطفولتها في ذلك المكان. كما وضع في داخل الغرفة جهاز يعرض من خلاله فيلم حول سنين روزوفلت والحرب العالمية الثانية. وفي الغرفة المجاورة، التي سميت غرفة نيويورك، عرضت بعض الصور التي تبين بداية غريس كيلي في هوليوود، حيث تعرض لقطات من الأفلام التي قدمت فيها ادوارا. واما غرفة هوليوود المجاورة، فقد صممت بشكل لتغرق الزائر بافلام هوليوود، اذ يدخل الزائر الى مشهد من فيلم «هاي نون»، خصوصا مشهد القطار، الذي يمكنك دخوله والجلوس فيه لتقرأ سيناريو الفيلم والعقود والمراسلات مع ستوديوهات هوليوود، ومشاهد اخرى من 11 فيلما اشتركت فيها غريس كيلي، مثل «البجعة»، و«القبض على سارق». اما حياتها في موناكو فيجسدها فستان الزفاف وزواجها من الأمير رينيه. وهذا الفستان يشكل نقطة مركزية في المعرض. ويسبق ذلك الفترة الانتقالية بين موناكو وهوليوود، وبداية تعرفها على الأمير رينيه وزيارته لها في أميركا، وهنا يعرض فستانها الذي ارتدته في اول لقاء لهما، وكذلك رحلتها على ظهر الباخرة المتجهة الى موناكو للقاء الأمير، وهذا اللقاء يصوره فيلم عرضت مشاهده على حائط شبابيكه تطل على غرفة أخرى تتضمن فستان الزفاف الشهير، الذي عرض على منصة كبيرة وبجانبه كل الوثائق التي تخص ذلك اليوم، مع فيلم يصور حفلة الزفاف يعرض على حائط تقف امامه سيارة الرولز الرويس التي استخدمت في حفل الزفاف. حتى حياتها معه، وفي ادق تفاصيلها خصصت لها غرفة عرضت فيها الهدايا والرسائل بينهما، وحتى الصور الخاصة جدا عرضت هنا. وفي ركن آخر من المعرض جمع في غرفة كل ما يخص جميع افراد العائلة الملكية، من العاب الأطفال وحتى المكان الذي ولدت فيه ابنتها الأميرة كارولين. وتسمع في المكان تسجيلات صوتية للأطفال وهم يضحكون. حتى اصدقاء الأميرة وزياراتهم لها خصص لهم ركن آخر في المعرض، صورهم معها في البيت وكذلك مراسلاتهم. وهناك غرفة «الفخامة»، وركن خاص بالمعجبين، التي تضمنت رسائلهم لها والهدايا التي بعثوا بها طيلة حياتها. اما غرفة اللقاءات الرسمية فقد تضمنت كل ما كان يخص مهامها الرسمية. وتتوسط المكان طاولة كانت تجلس اليها مع ضيوفها الرسميين، ويمكن لزائر الجلوس اليها وتفحص بعض الأوراق والوثائق الرسمية. المعرض مستمر حتى 23 سبتمبر، ينتقل بعدها ليقام في لندن.