افتتاح متحف أرض اللبان في متنزه البليد الأثري بصلالة

تضمن ملامح من التاريخ العماني عبر العصور

القاعة البحرية في المتحف تضم التراث البحري العماني («الشرق الأوسط»)
TT

احتفل في مدينة صلالة بمحافظة ظفار هذا الأسبوع بافتتاح متحف ارض اللبان بمتنزه البليد الأثري وذلك تحت رعاية هيثم بن طارق آل سعيد، وزير التراث والثقافة. ويضم المتحف قاعتين، الاولى لتاريخ عمان عبر العصور، والثانية علاقات العمانيين بالبحر. ويأتي هذا الاحتفال تزامنا مع احتفالات سلطنة عمان بذكرى الثالث والعشرين من يوليو الذي يؤرخ لحقبة من هذا التاريخ ربما هي الأكثر غنى وثراء في تاريخ السلطنة. حضر الحفل عدد كبير من المسؤولين في الحكومة والوكلاء والسفراء العرب والأجانب المعتمدين في السلطنة وشخصيات خليجية وعربية واجنبية متخصصة في التراث والثقافة. ويعتبر المتحف واحدا من ابرز واهم المتاحف التاريخية العمانية حيث يجسد حضارة سلطنة عمان منذ العصور ما قبل الميلاد وحتى عصر النهضة المباركة. وألقى عبد العزيز بن محمد الرواس، مستشار السلطان قابوس للشؤون الثقافية، كلمة قال فيها «ان العمانيين اليوم ذكورا وإناثا يقفون صروحا بشرية تسرد بجهدها وعملها قصة نجاح التجربة العمانية في مسيرة الترقي المستمرة». وأضاف «إن افتتاح متحف ارض اللبان يضيف الى معالم النهضة العمانية المباركة بعدا آخر تتشكل من خلاله إطلالة شاملة على عمان بمختلف مناطقها عبر الأزمنة»، موضحا ان اختيار منظمة «اليونسكو» لمواقع ارض اللبان بمحافظة ظفار كونها موطن شجرة اللبان وبلاد المنشأ والتصدير، ووضعها على قائمة «اليونسكو» للتراث العالمي الثقافي والطبيعي يشكل قيمة مضافة لكنوز عمان وتراثها الحضاري استنادا الى حيثيات علمية ومعايير عالمية. وأشار الرواس الى ان متحف ارض اللبان يقدم موجزا لتاريخ عمان من خلال قاعدتين، الاولى للتاريخ وتحتوي على شواهد حضارية للتراث الثقافي العماني عبر العصور، والثانية لنماذج مصغرة للسفن العمانية وموجز لعلاقة العمانيين بالبحر. ويضم المتحف في جنباته ملامح من التاريخ العماني عبر العصور وهي تروي محطات ونماذج من الأحداث والوقائع التي كانت سلطنة عمان مسرحا لها أو كان العمانيون طرفا فيها. فقد ضمت قاعة التاريخ جغرافية عمان وتضاريسها وعمان في الأزمنة القديمة وظفار إرض اللبان وإسلام اهل عمان ونهضة عمان الحديثة. فيما ضمت القاعة البحرية التراث البحري وكيف عرف العمانيون الملاحة منذ القدم وبناء القوارب والسفن الشراعية والإبحار والتجارة التي اشتهرت بها السلطنة منذ القدم خاصة تجارة اللبان الذي ينقل من ميناء سمهرم والبليد الى عدد من موانئ العالم، وشكلت تلك التجارة وغيرها مكونات للخطوط التجارية التي ربطت عمان ببقية العالم، وتشير بعض الوثائق الصينية الى ان اول البحارة العرب الذين وصلوا الى الصين كانوا من عمان وذلك عام 750م كما كان احمد بن نعمان الكعبي اول مبعوث عربي يصل الى الولايات المتحدة الامريكية عام 1840م. ويعود تاريخ مدينة البليد الى فترات زمنية ما قبل الإسلام وكانت تمثل مركزا سكنيا منذ نحو 2000 عام قبل الميلاد وبرزت خلال العصر الحديدي كمدينة مركزية نشطة ازدهرت في العصور الاسلامية. وقد وصف كل من الرحالة ماركو بولو وابن بطوطة المدينة على انها اكثر المدن ازدهارا وواحدة من اكبر الموانئ الرئيسية على المحيط الهندي مما جعلها مركزا تجاريا مزدهرا لتصدير اللبان الى الصين وروما. وقد تم اكتشاف موقع المدينة للمرة الاولى من قبل بترام توماس عام 1930 بينما بدأت التنقيبات فيه للمرة الاولى في عام 1952، وفي عام 1977 قامت وزارة التراث والثقافة بتنفيذ برنامج مسح لموقع البليد، ثم قام مكتب مستشار السلطان قابوس للشؤون الثقافية بتنفيذ برنامج شامل للترميم وتطوير الموقع الذي هو عبارة عن مجموعة من المعالم الأثرية تغطي مساحة مستطيلة تصل الى 64 هكتارا يحيط بها جدار عال من ناحية الشرق والشمال وخندق صغير من ناحية الغرب. ويحتوي الجدار على أربع بوابات، ومدينة البلدي مقسمة الى ثلاثة اقسام (تجاري وسكني وخدمي) بالاضافة الى مسجد وحصن في الجهة الغربية. وقد تم تسجيل موقع مدينة البليد في منظمة اليونسكو كتراث عالمي عام 2000.