الصورة تقول «هذا الشبل من ذاك الأسد».. والإعلام له رأي آخر

الأمير تشارلز في سيراليون في عام 2006 (أ.ب)
TT

الناس ليسوا سواسية أمام الإعلام، سواء في اهتمام وسائل الإعلام بهم، أو اهتمامهم هم بالإعلام. وبتأمل صورتي ولي العهد البريطاني ونجله الأمير وليام هنا، فأول ما يتبادر إلى الذهن عند رؤيتهما أنهما تقولان عن الأمير تشارلز وابنه الأكبر ووريثه وليام «هذا الشبل من ذاك الأسد». لكن بالنظر إلى تعابير وجهيهما، فإن الفرق يبدو واضحا بين الشخصيتين، ليس لناحية فرق السن وحده، بل من وجهة نظر الصحافة الشعبية البريطانية أيضا. صورة الأمير وليام التقطت منذ ايام عند افتتاحه مهرجان للكشافة في مدينة تشيلمسفورد البريطانية، بينما التقطت صورة الأمير تشارلز العام الماضي، خلال زيارة قام بها لسيراليون في غرب أفريقيا، وفيما يبدو الابن منسجما مع نفسه، مثل الطفل الصغير الذي اكتشف لعبة جديدة، يبدو الأب رغم ابتسامته متحفظا، ربما لأنه يعرف مسبقا ان كل تصرفاته تحت المجهر ولا تتحمل أي خطأ.

ومما لا شك فيه ان تجربتهما مع الإعلام تختلف باختلاف تفاصيل الصورتين. الابن تهلل له الصحافة والثاني تنتقده بشدة، وربما هذا ما يجعله غير منسجم معها عند التقاط أي صور له. تفسير الصحافة البريطانية، الصفراء بالذات، أن وليام شاب في مقتبل العمر، يعيش حياته كما يجب، ولا يختلف عن أي شاب في سنه، بغض النظر عن ارستقراطيته، وهذا ما يجعلها تغفر له حتى زلاته وهفواته، فهو ابن جيله وافعاله سليلة ما تبقى من مراهقته. والأب لا يتلقى نفس المعاملة دائما، فهي تنتقد بشدة أي فعل مماثل يقوم به، وربما قد تكون على حق، على الأقل من ناحية انه نفسه لا يبدو طبيعيا أو مرتاحا في مثل هذه المواقف. المشكلة ان الصحافة البريطانية، عندما تقارنه بالابن تصنفه على انه لا يزال ينظر الى الخلف ويعيش في كنف الماضي إلى حد يجعله يبدو غريب الأطوار بعض الشيء. ويجب ان يقال إن ولي العهد لم يسع البتة لتغيير هذا الانطباع، بل عززه بآراء قوية معلنة. ومن ضمن هذا هجومه الضاري في كل مناسبة على المعمار الحديث بسائر أشكاله، وتباكيه على اندثار «لندن العهد الفيكتوري» وسط غابة من الفولاذ والزجاج.

ومن ضمنها أيضا تمسكه، رغم تبدل الأزمان، برياضة صيد الثعالب وهي تقليد ارستقراطي قديم، وإعلانه انه يحادث النبات، ودعوته للجوء الى الطب البديل، مثل استخدام الحقن الشرجية المملوءة بالقهوة علاجا للسرطان.

وشعبية وليام على حساب والده، ظلت تتزايد بفضل عدة عوامل، منها انه تجسيد لريعان الشباب والوسامة التي ورثها من ملامح أمه الأميرة ديانا، إلى جانب عفويته. أضف الى ذلك أنه ـ على نقيض أبيه ـ أقرب كثيرا في آرائه وتصرفاته، الى الشارع منه الى البلاط الملكي، الذي يصفه دعاة الجمهورية بأنه «صفعة على وجه الديمقراطية وانتصار للماضي على حساب الحاضر والمستقبل».

بعبارة أخرى صار وليام «الوجه الحسن» بعد سلسلة، بدت لا نهائية، من المشاكل والفضائح الزوجية والعائلية والعاطفية، التي عصفت بأبناء العائلة خلال الثمانينات والتسعينات.

* وحدة أبحاث «الشرق الأوسط»