«لندن آي» تثير حمى المنافسة بين مدن العالم على العجلات الدوارة

«أوبزرفاشون» التايوانية فيها شاشات بلازما وثلاجات ويمكن حجزها للقاءات الأعمال وحفلات الزواج

«لندن آي» تستقبل سنويا 3.5 مليون شخص (نيويورك تايمز)
TT

كان من المقرر ان تبقى «لندن آي»، العجلة الضخمة الدوارة التي باتت من معالم منطقة قلب لندن ويصل ارتفاعها 443 قدما، لبضع سنوات عقب افتتاحها في 31 ديسمبر (كانون الاول) 1999، إلا انه تقرر فيما يبدو الإبقاء عليها بشكل دائم. نجاح هذا المشروع ادى بدوره الى كثرة الطلب على العجلات الضخمة الدوارة في مدن الملاهي وفي بعض المواقع البارزة داخل المدن. فقد شهدت الشهور السابقة افتتاح او بدء العمل في مشاريع عجلات دوارة مماثلة، في كل من ماليزيا ومانشستر وسنغافورا ومليبورن، ويجري التخطيط لإقامة مشاريع اخرى مماثلة في برلين ودبي وبكين واورلاندو بولاية فلوريدا. وكما هو الحال بالنسبة لناطحات السحاب، فإن المنافسة على اشدها لتشييد اضخم عجلة دوارة في العالم. وتفوقت الصين بالفعل العام الماضي عندما شيدت عجلة دوارة ضخمة (نجمة نانشانغ) طول قطرها 525 قدما، علما بأن قطر «لندن آي» 443 قدما.

وستتفوق سنغافورة على كل من «نجمة نانشانغ» و«لندن آي» مطلع العام المقبل عندما ينتهي العمل في «سنغابور فلايار»، التي يبلغ طول قطرها 541، إلا ان الصين ستتفوق مرة اخرى بتشييد عجلة دوارة اخرى قطرها 682 قدما في بكين مع انطلاق دورة الألعاب الاولمبية صيف العام المقبل. هذه العجلات الضخمة تدر عائدا ضخما ايضا. فعلى سبيل المثال يستخدم «لندن آي» حوالي 3.5 مليون شخص في العام (10000 شخص في اليوم يدفع كل منهم ما يعادل 30 دولارا للدوران على مدى حوالي نصف ساعة). ومن المتوقع ان تكون سعة «سنغابور فلايار» 27000 شخص في اليوم، ويدفع الشخص ما يعادل 20 دولارا. وعلى الرغم من ان المشروع لن يفتتح قبل مارس (آذار) المقبل، فإن الثلاثة شهور الأولى كلها محجوزة. كما تحب المدن العجلات الدوارة. فهي تخلق وظائف وتأتي بالسياح، وتقدم وسيلة سهلة للتميز. وقال دنيس سبيغل رئيس خدمات مدن الملاهي الدولي في سنسيناتي هذه العجلات الدوارة اصبحت رمزا اليوم. والنجاح يؤدي الى تطوير مزيد من العجلات الدوارة في مدن اخرى».

وتشمل عجلات المراقبة الجديدة جزءا من مشروع تطويري ضخم. فسيمكن الزوار لعجلة سنغافورا وملبورن، على سبيل المثال، من التجول وسط محلات ومطاعم وغيرها من وسائل الاستمتاع قبل «التحليق»، بالمقارنة بالطوابير البطيئة امام «لندن آي»، كما ان امكانيات الرعاية هائلة. ففي الشهر الماضي، جرى استخدام «بريتش ايرواي لندن آي» كما يطلق عليها رسميا للترويج لفيلم «Fantastic Four: Rise of the Silver Surfer» وتم وضع صورة ضخمة طولها مائة قدم لبطل الفيلم الكارتوني في وسط «لندن أي» كما ان ابطال الفيلم اجروا مقابلاتهم مع وسائل الاعلام داخل كبسولات العجلة الدوارة. كما ان الكبسولات في العجلة الدوارة في «دريم مول» وهو مركز تسوق ضخم افتتح في فصل الربيع الماضي في كاوهسيونغ بتايوان، مجهز بصورة ضخمة لشخصية الفيلم الشهيرة هيلو كيتي.

وعلى العكس من نظام الجلوس في العجلات الدوارة القديمة، فإن نظام الجلوس في كبسولات عجلة «اوبزرفاشون» مكيفة الهواء، ومتحركة يمكن استيعاب 40 شخصا، ويمكن حجزها للقاءات الاعمال وأعياد الميلاد وحفلات الزواج. وتوجد في الكبسولات مقاعد جلدية وشاشات بلازما وثلاجات.

كما ان العجلات الدوارة الجديدة تسير ببطء اكثر، مما يسمح للركاب بدخول الكبسولات بدون توقف العجلات. و«لندن آي» على سبيل المثل تسير بسرعة 0.6 ميل في الساعة اما عجلة «سكاي ديرم» في فوكواكا في اليابان البالغ ارتفاعها 394 فتعلن عن السرعة البطيئة باعتبارها من العوامل التي تشجع على بيع التذاكر، تحت عبارة ضمان «الحد الاقصى للتقبيل».

وفي الواقع فإن السرعة البطيئة كانت امرا عاديا في اليابان حيث تستمتع العجلات الدوارة بشعبية كبيرة. ويوضح يوكو فوكيو الذي وضع كتابا عن تاريخ العجلات الدوارة «بعد الحرب العالمية الثانية، كانت رمزا للبعث الاقتصادي. وفي الدول الغربية، تعتبر اكثر اثارة، مثل العربات الدوارة ROLLER COASTER. الا ان العجلات الدوارة في اليابان كانت دائما مثل عجلة «اوبزرفاشون» الجديدة.

ومن ناحية البناء، لا تزال العجلات الدوارة الجديدة تحمل تتشابه كثيرا مع العجلة الاصلية التي صممها المهندس المدني جورج فيرس عام 1893 من اجل السوق العالمي في شيكاغو. وكانت تعتبر انذاك ردا اميركيا على برج ايفل في فرنسا الذي افتتح في عام 1889، وكان يعتبر، مثل «لندن آي» مشروعا مؤقتا.

وحتى بالمقاييس الحدية لا تعتبر عجلة فريس الدوارة قديمة: فمقابل 50 سنتا كان يمكن لـ 1500 شخص تقريبا الوصول الى ارتفاع 264. واكبر عجلة دوارة في الولايات المتحدة اليوم هي عجلة تكساس ستار في سوق ولاية تكساس في دالاس. حيث لا يزيد ارتفاعها على 212 قدما، وفشلت حتى في التفوق علي عجلة ريسنراد في فيينا، التي اشتهرت في فيلم «الرجل الثالث» الذي عرض في عام 1949 ولا تزال تعمل بعد مرور 110 سنة على تشييدها.

وقبل النهضة الاخيرة، تعرضت العجلات الدوارة لصعوبات كثيرة، ولا سيما في الولايات المتحدة واوروبا. وطبقا لنورمان اندرسون، وهو بروفسور متقاعد في جامعة ولاية نورث كارولينا الذي اصدر كتاب «العجلات الدوارة: تاريخ مصور»، لم تكن كل من ديزني لاند التي افتتحت في عام 1955 ولا وولت ديزني وورلد التي افتتحت عام 1971 مصممة لتشمل واحدة. ومع ظهور العاب مثيرة في مدن الملاهي في السبعينات والثمانينات اصبحت العجلات الدوارة موضة قديمة.

واوضح اندرسون «كل مهرجان ومعرض ولاية توجد به عجلة دوارة. ولكن المشكلة ان هي انه مشيدة بطريقة جيدة بحيث تستمر للابد، وبالتالي لم يكن هنا من مبررات اقتصادية لتشييد عجلات جديدة.

ويتفق سبيغل من خدمات مدن الملاهي الدولي مع ذلك ويشير «الى انها اصبحت قديمة الطراز في منتصف السبعينات. ولم يكن هناك احد يديرها، ولم نشهد اية نشاطات في هذا المجال حتى حققت لندن نجاحا كبيرا. ومنذ ذلك الوقت اصبح الازدهار متشابها لما حدث للعربات الدوارة، عندما بدأت العربات الدوارة المصنوعة من الصلب في الارتفاع اكثر واكثر. والان يتزايد حجم العجلات الدوارة من حيث القطر ولست متأكدا ما هو الحد الاقصى». الا ان الاكبر لا يعني الافضل. فقد ذكر سبيغل «هذه العجلات الدوارة الكبيرة التي يزيد ارتفاعها عن 120 مترا تصل تكلفتها الى ما يتراوح بين 100 و 200 مليون دولار. ولذا اذا لم يركب ملايين الاشخاص العجلة، فلن تكن ناجحة اقتصاديا».

ومن بين قيود الارتفاع مشكلة قضاء الحاجة. فقد ذكر فوكسينغ «ان اكبر قيد هو الوقت الذي يمكن للناس قضاؤه بعيدا عن دورات المياه». وقال متحدث بإسم متسوبيشي للصناعات الثقيلة التي تشيد العجلات الدوارة، ان الدراسات اشارت الى ما يتراوح بين 35 الى 45 دقيقة هي اطول فترة يرغب فيها الناس في الانتظار.

وذكر فلوريان بولين رئيس مؤسسة «غريت وويل» وهي شركة طورت العديد من العجلات الدوارة الجديدة «نصف ساعة هو وقت جيد لرؤية مشاهد جميلة، واكثر من ذلك يصبح تكرارا.

وقال «اعتقد اننا الان نقترب من الحد الاقصى. واعتقد انه لن يتم تشييد عجلة دوارة اعلى من تلك المقامة في بكين ويصل ارتفاعها الى 208 امتار».

ولذا فإن بعض العجلات الدوارة تتنافس الان في مجال الاشياء الجديدة وليس الحجم. «فتيانجين آي» وهي عجلة دوارة تقام في الصين العام القادم، ستبنى حول جسر مرور بحيث تمر السيارات من الجانبين. وتجدر الاشارة الى ان العجلات الدوارة الكبيرة على اسطح المحلات التجارية الضخمة منتشرة في اليابان وكوريا، وفي عام 2005 شيدت «رايد تريد» عجلة بيضاوية في واجهة محل للقمار في اوزاكا.

وقال فوكسينغ «يريد المطورون اشياء جديدة لتمييز العجلة التي يشيدونها». وأضاف ان «رايد تريد» تلقت طلبا بتشييد عجلة دوارة على شكل رقم 8.

وفي الوقت نفسه بدأت مجموعات من العجلات الدوارة الصغيرة نسبيا (المتنقلة عادة) في الانتشار في عدد من المدن مثل يورك في انجلترا وفي بلفاست في ايرلندا الشمالية. وفي اميركا الشمالية، اول عجلات مراقبة من الجيل القادم هي عجلة نياغرا سكاي وويل البالغ ارتفاعها 175 قدما، التي بدأت تشغيلها في فصل الصيف الحالي في الجانب الكندي من شلالات نياغرا.

وأوضح فوكسنغ «في نهاية اليوم اذا كان لديك الموقع ومعالم جذابة تسمح لك برؤية المنطقة، فالنجاح مضمون تقريبا».

خدمة «نيويورك تايمز»