رحيل الممثل ميشيل سيرو صاحب شخصية «المجنونة زازا نابولي»

حياة فنية حافلة تخللتها 3 جوائز سيزار و135 فيلما

ميشيل سيرو لدى تلقيه جائزة سيزار عام 1996 (رويترز)
TT

توفي الممثل الفرنسي ميشيل سيرو مساء أول من أمس عن 79 عاماً، إثر معاناة مع المرض. وكان سيرو، ذو الوجه المتجهم، قادراً على اضحاك الجمهور بملامحه الجدية ونبرة صوته وتلونه بين العديد من الشخصيات، وهو أكثر الفنانين حصولاً على الجوائز إذ نال «سيزار» أفضل ممثل ثلاث مرات.

ودخل سيرو الدير وهو في الرابعة عشرة من عمره ليصبح راهباً. وهناك التقى بقسيس يدعى فان هام نصحه بالاتجاه نحو التمثيل. وتشاء الأقدار أن يتوفى الممثل في بيته بمدينة آنفلور على ساحل فرنسا الشمالي وهو مع رجل دين آخر رافقه في ساعاته الأخيرة .

وأثارت وفاة سيرو تأثرا كبيرا في فرنسا سواء في عالم الاستعراض او بين السياسيين، وكان الرئيس نيكولا ساركوزي من الاوائل الذين اشادوا به. وقال ساركوزي في بيان «فارقنا احد كبار اسماء المسرح والسينما والتلفزيون» مبديا حزنه العميق. وتابع البيان ان «هذا الفنان الشعبي الذي ترك اعمالا مذهلة تمكن من التأثير في نفوس جميع الفرنسيين بفضل موهبته العظيمة كممثل سواء في ادوار كوميدية او درامية».

كما حيا رئيس الوزراء فرنسوا فيون «ممثلا استثنائيا»، فيما اشادت وزيرة الثقافة كريستين البانيل بـ«شعبيته الكبيرة» و«مهارته في اضفاء صدقية حقيقية الى الشخصيات التي احسن تجسيدها، ايا كان نوع الافلام».

وشكل سيرو ثنائياً شهيراً على المسرح مع زميله الممثل جان بواريه، وألهبت أعمال الثنائي مرابع باريس وكباريهاتها في خمسينات القرن الماضي. وكانت انتقالته الى السينما مع المخرج هنري جورج كلوزو في فيلم «الشيطانيات». لكن الدور الذي وضعه في قائمة المشاهير هو دور «زازا نابولي»، الرجل الذي يرتدي ملابس النساء في مسرحية «قفص المجنونات». وتحولت المسرحية الى فيلم ناجح قام بدور البطولة فيه أيضاً الى جانب النجم الايطالي هوغو توغنازي. وتعددت أدوار ميشيل سيرو حتى صار من الدعائم غير المنظورة للسينما الفرنسية. وقال بواريه عن سيرو، كما ذكرت الوكالة الفرنسية للأنباء في تقريرها، «كان كثير الحركة على المسرح وكان كثيرا ما يرتجل الى حد كنا جميعا منهكين في نهاية العرض، وعلى الاخص أنا».

وعلق مولينارو «لم يكن من السهل على هذين الممثلين شديدي الشغف بالنساء تجسيد مثليي الجنس».

ولقي الفيلم نجاحا باهرا في فرنسا حيث اجتذب خمسة ملايين مشاهد. ووصلت شهرته الى الولايات المتحدة حيث رشح لثلاث جوائز اوسكار وحاز سيرو عن دوره فيه جائزة «سيزار» الفرنسية وجائزة «دوناتيلو» الايطالية. وفتح هذا النجاح امام مولينارو ابواب الولايات المتحدة حيث كرم الممثل داستن هوفمان سيرو بتمثيله فيلم «توتسي» من اخراج سيدني بولاك عام 1982.

وعلق سيرو عن فوزه بجائزة اوسكار «سررت كثيرا لفوزي بها ليس لمجرد حصولي عليها، بل لان محترفي السينما اجمعوا على تكريم الضحك».

وتبع هذا النجاح الاول جزء ثان من اخراج مولينارو عام 1980 وجزء ثالث من اخراج جورج لوتنيه عام 1985، غير ان الافضل بين الجوائز الثلاث تبقى الاولى. ولد سيرو في 24 يناير (كانون الثاني) 1928 في برونوا في عائلة متواضعة وملتزمة مسيحيا.

بدأ حياته الفنية عام 1948 في فرقة روبير ديري الكوميدية «لي برانكينيول» وتابع العمل بعدها مع صديقه جان بواريه (توفي عام 1992) فكان يظهر في الحانات الليلية الباريسية ويعود اول ظهور له على الشاشة الكبيرة عام 1954 في فيلم «آ لي بيل باكانت» للمخرج جان لوبينياك.

وفي نهاية السبعينات بدأ يظهر في ادوار ذات نوعية ومنها ادوار درامية مثل «غارد آ فو» (موقوف رهن التحقيق) لكلود ميلر عام 1981 والذي جعله يفوز بثاني جائزة سيزار و«اون نو مور كو دو فوا» (لا نموت سوى مرتين) للمخرج جاك ديري عام 1985.

وبعد دور «زازا»، كان له ادوار اخرى لافتة في عدد من الافلام منها «لو دكتور بوتيو» (الطبيب بوتيو) للمخرج كريستيان دو شالونج عام 1989 و«نيلي والسيد ارنو» لكلود سوتيه عام 1996، وقد فاز بثالث جائزة اوسكار عن دوره في هذا الفيلم الاخير. وتابع العمل المسرحي فلقي نجاحا كبيرا في مسرحية «لافار» (البخيل) عام 1986 مسرحية «نوك» عام 1992. كان متزوجا منذ 1958 وابا لابنتين فقد الكبرى منهما عام 1977 في حادث سيارة.

صدرت له ثلاثة كتب مذكرات بعنوان «لو كري ايه لا كاروت» (الصرخة والجزرة) عام 1996 و«ميشال سيرو، فو زافيه دي ميشال سيرو؟» (ميشال سيرو، هل قلتم ميشال سيرو؟) عام 2001 و«لي بييه دان لو بلا» (هفوات) عام 2004.