عائلة مصرية تصدر الأفاعي وتزود المراكز العلمية بسمومها

تعيش في أحضان الثعابين والزواحف السامة

الحاج نصر طلبة يمسك بأحد الثعابين (تصوير: صلاح الرشيدي)
TT

عائلة أدمنت حياة الخطر منذ ثلاثة قرون مضت، فجميع أفرادها من صغيرهم إلى كبيرهم، لا يعرفون سوى التعايش مع الزواحف والثعابين السامة التي يستخرجون منها سمومها لبيعها في ما بعد إلى مراكز السموم وشركات الدواء سواء في داخل مصر أو خارجها. ولا تنسى عائلة طلبة، التي تعيش في محافظة الجيزة على مسافة 30 كيلومترا من وسط القاهرة، أن تفتخر بين الحين والآخر بما فعله أحد أجدادها حين قام بتكليف من الخديوي إسماعيل باصطياد 4 تماسيح ضخمة من نهر النيل في أسوان، لوضعها في حديقة حيوانات الجيزة عند افتتاحها منذ ما يزيد على المائة عام. وتتباهي العائلة باعتماد الأبحاث والدراسات التي يتم إجراؤها في عدد من الجامعات المصرية على ما يقومون باصطياده، وكذلك حدائق الحيوانات في مصر التي تحصل من العائلة بين الحين والآخر على أنواع مختلفة من الزواحف. وهو ما يتطلب أن يعمل كل أفراد تلك العائلة البالغ عددهم نحو 80 فرداً من مختلف الأعمار في هذا المجال. في منزلهم بمدينة أبو رواش كان اللقاء مع الحاج نصر طلبة كبير العائلة، الذي بدأ منذ أن كان عمره خمسة أعوام، وكما هو متبع لديهم، في التدرب على كيفية الإمساك بالثعابين والزواحف السامة واستخلاص السموم منها في ما بعد. عند دخولنا عليه اصطحبنا الى حوش المنزل الواسع حيث كان أبناؤه وأحفاده يروضون بعض الزواحف ومن بينها ثعبان للكوبرا، للتمكن من استخلاص السم منها وتعبئته في قوارير. وفي ناحية أخرى تقف طفلة صغيرة وهي تمسك بيديها ثعباناً يلتف حول رقبتها دون ان تبدو عليها علامات الفزع. قال الحاج طلبه: هؤلاء أحفادي وأولادي، كلنا نعمل في هذا المجال منذ سنوات طويلة. وقد أكسبتني خبرتي مع الثعابين الكثير من المعلومات عنها. وبت أستطيع تحديد ما إذا كانت سامة أم لا من مجرد رؤية أثرها. فيمكن التعرف على الثعبان السام من غير السام أو الذكر أو الأنثى من خلال أثره على الرمال. فالسام في نهاية ذيله ظفر أو حزازية تترك علامة في أثره، أما غير السام فأثره ناعم دون خدوش. كما يمكن التعرف إذا ما كان أنثى أو ذكرا، فالأنثي تلف في سيرها يمينا وشمالا، أما الذكر فيسير في خط مستقيم. ويؤكد الحاج نصر أن الثعبان لا يهاجم إلا في حالات محددة من بينها الدفاع عن حياته أو إحساسه بالجوع. ويبرهن على ذلك بالكوبرا التي تعد من أكثر الزواحف خطرا، حيث تنتصب واقفة محذرة قبل أن تهاجم الشخص الواقف أمامها. فإذا ابتعد رجعت الى حالتها الطبيعية. أما إذا أصر الشخص على المواجهة ففي تلك الحالة تهاجمه.

رحلة اصطياد الزواحف هي الأخرى لها قصة> يقول عنها الحاج نصر: نقوم برحلات طويلة تستغرق نحو شهرين في صحاري مصر وجبالها. فنذهب الى الصحراء الشرقية والغربية وصولا إلى الحدود الليبية، بما في ذلك الواحات والجنوب المصري حتي حدودنا مع أسوان. وقد تستمر الرحلة أكثر من ثلاثة أشهر. ونستدل على أماكن الثعابين والزواحف بتتبع الأثر أو بقايا البول والبراز والتي تشير إلى وجود الصيد هنا أو هناك. وفور تحديد المكان يتم حفر المنطقة المحيطة به حتى نهايته ثم تتم عملية التعامل معه بطرق خاصة تحتاج إلى تدريب وتمرين لاعتمادها على شل حركة الثعابين والزواحف السامة حتى لا يلحق الضرر بمن يقوم بعملية الصيد. بعد ذلك تأتي مرحلة التربية، حيث توضع الثعابين في مزرعة تتشابه ظروفها مع البيئة التي كانت تعيش فيها الزواحف حتى تتمكن من مواصلة الحياة والتزاوج، فنقوم برعايتها ومتابعتها بشكل دوري وتغذيتها بوجبات من الفئران والسحالي وأحيانا من الدجاج.  ويضيف الحاج نصر: نقوم بالتعامل مع العديد من الجهات الدولية التي تطلب منا تصدير الزواحف السامة وهي على قيد الحياة، حيث نقوم بتصدير نحو 50 ألفا منها سنوياً، أو تطلب منا سمومها التي من المفترض ألا تقل درجة تركيزها عن 90 في المائة، فنقوم بجلب الثعبان واستخلاص السم منه. بعدها يتولى الأطباء المتخصصون إعداد السم سواء على شكل حبوب أو بودرة. كما نمد بعض المراكز البحثية في مصر بالزواحف والسموم أيضاً.

ويتحدد سعر بيع الزواحف أو سمومها حسب درجة خطورتها ومدى تركيز السم الموجود بها. ويوجد في مصر نحو ‏40‏ نوعا من الثعابين، ‏33 منها غير سام، أما الباقي فهو سام ومن أخطره الكوبرا المصرية والتي يصل طولها إلى مترين، ويقدر وزنها بنحو 4 كيلوجرامات، وتباع بمبلغ 2000 دولار. هناك أيضاً المقرنة والقوعة والغريبة والكذابة والبرجيل والبخاع‏،‏ أما غير السام فهناك الأرقم وأبو السيود وأبو العون والعزرون والجداري الهرسين والشوكاري وغيرهم‏.‏‏‏