كتاب مصور يحاول استخلاص روح مدينة جدة

900 صورة لمدينة بلا أسوار

جانب من كورنيش مدينة جدة (تصوير: غازي مهدي)
TT

«متحف تحت الشمس» هو عنوان كتاب جديد يختزن بالصور ذاكرة مدينة جدة الجمالية، ويحاول إيصال روحها للزائر أو لابن المدينة الذي يريد الاحتفاظ بلقطات لأماكن صنعت فرقاً في حياته أو مخيلته وارتبط بها شعورياً من حيث لا يدري كما يقول صاحب الكتاب، المصور الفوتوغرافي السعودي خالد خضر.

ويقول خضر بأن عمله كمصور فوتوغرافي محترف لأكثر من 30 عاماً استطاع فيها أن يلمح بعين المصور والحرفي وبعين العاشق الجداوي تطور المدينة الجمالي ومكامن السحر المخبئة في جنباتها، هو الذي حرضه على وضع الكتاب ليكون دليلاً سياحياً متكاملاً يعرض ذاكرة الأمكنة بمدينة جدة، ويبين ماضيها وتطورها من مدينة داخل سور تغلق أبوابها السبعة بعد غروب الشمس لا يستطيع أي كان الخروج منها أو الدخول إليها، إلى مدينة مفتوحة على كل العالم وكل الثقافات. والكتاب يحتوي على أكثر من 900 صورة تم التقاطها على مدى 30 عاماً من العمل في مجال التصوير الفوتوغرافي، تضم صوراً لمجسمات جدة الجمالية منذ أول عمل جمالي وضع فيها قبل حوالي الـ27 عاماً عندما كان المهندس محمد سعيد فارسي أميناً للمدينة، وهو الذي كان له السبق في أن يضع الأشكال الجمالية في المدينة بمشاركة أهالي المدينة وتجارها، وهو ما حول المدينة الى معرض مفتوح لكل أسرة. وعلى غير عادة المتاحف والمعارض الفنية التي يستطيع روادها فقط المشاهدة، يستطيع أهالي جدة وزوارها الاستمتاع بمفاتنها عن طريق اللمس، ويستطيعون اللجلوس قريباً منها وأخذ ما شاؤوا من الصور.

ويضيف خضر أن الكتاب يحتوي على قسم خاص لصور تاريخ جدة الاجتماعي والعمراني وتضم هذه الصور بيوتات جدة القديمة، مثل بيت زينل، وبيت باعشن، وبيت نصيف، وبيت باجنيد، وغيرها من الأسر العريقة المعروفة في المدينة. كما يضم الكتاب صوراً لمدرسة الفلاح، وميناء جدة، ومطار الملك عبد العزيز وهي العناصر التي جعلت من مدينة جدة في الماضي بوابة الحرم المكي الشريف وكانت ذات أثر كبير في تطور المدينة من نواحي مختلفة. يركز الكتاب على أعمال الفنانين الكبار التي زينت المدينة منذ أول عمل جمالي تم وضعه فيها قبل ما يقارب الـ30 عاماً، وكان من تنفيذ الفنان عبد الحكيم رضوي بطريق مكة، إضافة إلى الأعمال الفنية لكبار فناني العالم ومنهم هنري مور الذي اشترى أمين جدة السابق المهندس محمد سعيد فارسي أحد أعماله بمبلغ 50 ألف دولار ووضعها في جدة، إلى جانب أعمال باساريلي وشفيق مظلوم، وسيزار.

ويقول خضر بأن فكرة الكتاب لقيت مباركة كبيرة من مسؤولين كبار ومعنيين بتاريخ مدينة جدة وعلى رأسهم الأمير مشعل بن ماجد بن عبد العزيز محافظ مدينة جدة، الذي اختار عنوان الكتاب بنفسه، وأسهم في كتابة مقدمته، وكذلك أمين مدينة جدة السابق المهندس محمد سعيد فارسي.

وعلى الرغم من أن عين المصور خضر مدربة تماماً على التقاط الجمال وتحديد مكانه بدقة إلا أنه يعجز ـ كما يقول ـ عن تحديد المكان الذي يحمل روح المدينة بالضبط، ويقول إن «شخصية مدينة جدة لا يمكن تحديدها أو حصرها في مكان واحد، حاولت كثيراً لكنني كنت في كل مرة أعجز عن ذلك، فهي تنعكس في أكثر من مكان فكورنيش جدة الشمالي، يعكس المباني الحديثة والمباني الشاهقة وتناسق الجمال مع العمارة الحديثة، في حين أن المنطقة القريبة من مسجد العناني غنية بالكثير من الأشكال الجمالية التي تقدر قيمتها بملايين الريالات، وبإمكان أي كان الجلوس على مقربة منها والتقاط الصور، أما في منطقة البلد الماضي العريق وعبق التاريخ». إلا أن المكانين الأكثر اقتراباً من روح المدينة، الفتية، والدائمة الحركة، والمنفتحة على كل جديد والمضيافة هما برأي خضر ميدان البيعة ونافورة مدينة جدة وهي رمز يعبر عن المبخرة والدخان، فعندما يدخل الزائر إلى جدة من أية جهة سواء من الأرض أو الجو يفاجأ بارتفاع النافورة، وكأن المدينة تستقبل القادمين إليها دائما برائحة البخور العطرة.