دراسة: النساء يتفوقن على الرجال في التسوق.. رسمياً

بسبب قدرتهن في تحديد أماكن الأشياء وخصوصا الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية

دقة النساء في معرفة أماكن الأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية، مثل الافوكادو والعسل، وصلت الى اربعة اضعاف قدراتهن في معرفة أماكن أطعمة مثل الخيار والخس (أ.ب)
TT

في إحدى اسكتشاتها تقدم الممثلة والكوميدية البريطانية فكتوريا بريتين، صورة ضاحكة عن عادات التسوق عند المرآة، اذ تصف كيف تدخل المرأة الى متاجر الملابس وتبدأ بقلب وفرد قطع الثياب المختلفة التي تم توضيبها قبل دقائق من قبل العاملين في المكان، وبعد ذلك تخرج من هذا المتجر، من دون شراء أي شيء، وتتجه الى متجر الآخر مكررة نفس العملية. التسوق بالنسبة للمرأة، سواء كانت نتيجته شراء الحاجيات أو الفرجة، هو متعة تعترف بها الكثير من النساء. وطبعا عندما تكون النتيجة هي شراء الحاجيات، فهذا يزيد طبعا من المتعة. مشهد الرجال وهم يجلسون عند ابواب المتاجر وعلى المقاعد في اركان مختلفة من المتاجر في انتظار زوجاتهم او صديقاتهم اصبحت من المناظر المألوفة التي اعتاد الشخص على رؤيتها عند زيارة المتاجر الكثيرة المنتشرة على طول شارع «اوكسفرد ستريت» الذي يعد واحد من اكبر الشوارع في العالم المخصصة لهذه النشاط التسوقي، الذي تتضح معالمه باستمرار، ويظهر الفروقات بين المرأة والرجل في هذا المجال. وطبعا هذا ليس بالشيء الجديد لقد بينت ذلك العديد من الأبحاث.

الجديد في الموضوع هو ما خلصت اليه دراسة قام بها فريق من الباحثين في كاليفورنيا حول الفروقات بين الرجال والنساء عند التسوق في السوبرماركت لشراء المأكولات. اذ تبين الدراسة أن آلاف السنين من النشوء والتطور، وهنا يتبع فريق البحث منهجية العالم البريطاني تشارلز داروين، قد خلق نمطا سلوكيا واضحا يظهر القدرات النسائية على «الابحار»، أي التعرف على الأمكنة وايجاد الطرق التي تؤدي الى الهدف، وهذا هو ما هو معروف عن الرجال، أي قدرتهم في قرآءة الخارطة، وايجاد الأماكن والشوارع بسهولة. في السابق كان الاعتقاد ان النساء يعانين من ضعف في معرفة الاتجاهات و«الابحار».

كما ان الاعتقاد السائد هو ان القدرات النسائية اقل بكثير من القدرات الرجالية في سياقة السيارات وهذه الصورة ناتجة عن ضعفهن في معرفة الاتجاهات، ولهذا، حسب الاعتقاد السائد، ان تركيزهن في قيادة السيارة اقل من الرجال بسبب البحث الدائم خلال القيادة عن الأمكنة بسبب ضعف قدراتهم في معرفة الاتجاهات. لكن البحث الجديد يبين ان النساء يتمتعن بنفس قدرات الرجال في معرفة مكان الأشياء. لكن هذه القدرات، كما جاء في البحث الذي ضم فريقا من الأكاديميين من جامعة سانتا كارلا في كاليفورنيا وجامعة ييل، ونشرت نتائجه أمس الجمعية الملكية البريطانية في منشوراتها، تسخرها النساء في ايجاد ما يحتجن اليه من مأكولات، خصوصا تلك التي تتمتع بسعرات حرارية، خلال عملية التسوق في «السوبر ماركت». ويقول البحث إن سبب الاعتقاد بأن الرجال أفضل من النساء في معرفة الاتجاهات، يرجع الى المجتمعات البدائية وخصوصا في مناطق السفانا في أفريقيا، أي تلك المعروفة بمجتمعات «الصيد والتجميع»، وفيها يقوم الرجال بصيد الحيوانات. لكن الفريق ومن خلال المعلومات المتوفرة عن تلك المجتمعات ودور النساء فيها، يعتقد ان دور النساء في مجتمعات «الصيد والتجميع»، أي التقاط النباتات البرية يعطيهن نفس القدرات الرجالية في معرفة الاتجاهات.

وهذا ما بينه الفريق في بحثه من إجراء تجاربه على 45 رجل و45 امرأة في احدى الأسواق. وقال ماكس كراسنو احد اعضاء الفريق ان النساء في التجربة أظهرن نفس القدرات في معرفة أمكنة الأشياء في السوق، اضف الى ذلك انهن اظهرن قدرات اخرى تبين معرفة امكنة الأطعمة المفيدة والعالية في السعرات الحرارية. وطلب الفريق من المشتركين من الجنسين التوجه مثلا الى بعض الأماكن في السوق، حيث تباع الفراولة والطماطم مستخدمين في ذلك البوصلة. وعندما يبقى مؤشر البوصلة على الصفر يعني ذلك ان نسبة النجاح بالتوجه مباشرة الى المكان هي مائة في المائة، ولكن عندما يصل المؤشر الى درجة 90 يعني ذلك ان الحالة ميؤوس منها، قال الفريق. ووجد البحث ان مؤشر البوصلة عند الرجال وصل 33 درجة وعند النساء 25 درجة، وهذا يعني انهن افضل بنسبة 27 في المائة، كما ان النساء كن اكثر دقة في البحث عن مكان الأطعمة العالية بالسعرات الحرارية، ولهذا عرفن تماما اين تباع الفطائر بدقة اكبر من معرفة مكان الكرافس. وقال ماكس كراسنو لصحيفة «ديلي تلغراف» ان دقة النساء في معرفة اماكن الأطعمة العالية بالسعرات الحرارية مثل الافوكادو والعسل وصلت الى اربعة اضعاف قدراتهن في معرفة اماكن اطعمة مثل الخيار والخس. وقدرة النساء في استعمال البوصلة والوصول الى هدفهن كانت اعلى عند النساء من الرجال، خصوصا عند البحث عن فطائر الكريما العاليا بالسعرات الحرارية.

السعرات الحرارية بالنسبة للمجتمعات الحالية، اصبحت مقرونة بالبدانة بسبب الاستهلاك المفرط لها وطريقة الحياة الحديثة التي لا تسمع بحرقها بسهولة بسبب الجلوس لساعات طويلة في المكتب وامام التلفزيون. أما في المجتمعات القديمة، مثل مجتمعات «الصيد والتجميع» فإن السعرات الحرارية مطلوبة جدا بسبب الحركة الدائمة والحاجة الى طاقة اكبر لأعضاء المجتمع لمزاولة نشاطاتهم اليومية. ويبين هذا، كما اضاف ماكس كراسنو، ان الرجال بشكل عام يتمتعون بقدرات عالية في معرفة الاتجاهات بشكل عام، لكن تظهر هذه القدرات عالية عن النساء في حالات محددة وفي اماكن محددة. ويعتقد ان الأبحاث تجاهلت في السابق حوافز اساسية في عملية البحث عن الأشياء (الابحار) في الأمكن مثل البحث عن الأطعمة العالية بالسعرات الحرارية.