فيلم «المسيح في عيون المسلمين» يثير جدلا صامتا

الأول من نوعه في محطة تلفزيونية بريطانية

TT

المسيح لم يصلب أو يقتل بل أنقذه الله ورفعه حيا إلى السماء».. انه نبي عظيم لكنه ليس ابنا لله».. ومحمد خاتم الانبياء والمرسلين، هكذا جاءت رؤية المسلمين لنبي الله عيسى بن مريم في فيلم وثائقي بثته قناة «آي تي في» التلفزيونية البريطانية عند الحادية عشرة من مساء أول من امس «المسيح في عيون المسلمين».

والفيلم هو الأول من نوعه الذي تناول هذا الموضوع في محطة تليفزيونية بريطانية، يهدف إلى إلقاء الضوء على الجانب الروحي للمسلمين بدلا من التركيز على المتطرفين منهم فقط كما هو معتاد في وسائل الإعلام الغربية. وقال مالفين براج مقدم الفيلم لصحيفة الغارديان البريطانية اول من امس: «لقد وجدت الفكرة مثيرة، في أن المسيح شخصية عظيمة في الإسلام، ولكن القليلين منا يدركون ذلك». وأضاف أن الفيلم مرتكز على بحث مستفيض، مستبعدا أن يثير سوء فهم طائفي بين المسلمين والمسيحيين.

وأعرب براج عن أمله في أن يثير الفيلم شعوراً لدى مسلمي بريطانيا بأن هناك تلفزيونا بريطانيا يهتم بهم.

إرشاد أشرف، مخرج ومنتج الفيلم، وصف العمل بأنه «محاولة لنقل التركيز من التطرف إلى الجانب الروحي للإسلام»، مضيفا أن «المسلمين يحبون ويحترمون المسيح، وهو أحد أهم الأنبياء في نظر ديننا الإسلامي».

واستضاف الفيلم، الذي تبلغ مدته نحو ساعة عدداً من العلماء والأئمة والمؤرخين المسلمين، من ابرزهم الشيخ حمزة يوسف استندوا في رواياتهم إلى ما جاء بالقرآن الكريم حول نبي الله عيسى بن مريم، وجميعهم أجمعوا على أن المسلمين يعترفون بالمسيح ويؤمنون به نبيا عظيما، لكنهم لا يؤمنون بأنه ابن الله ، كما يعتقد المسيحيون. وانتقلت عدسات الكاميرا الى مسجد فينسبري بارك بشمال لندن الذي كان يشرف عليه ابو حمزة المصري المعتقل حاليا في سجن بيل مارش وتحدث من هناك الامام الشيخ احمد سعد. ومن خلال الفيلم نقلت صورة السيد المسيح وامه مريم العذراء حسب المفهوم الاسلامي الذي يصور مريم ابنة عمران كامرأة صالحة تقية .. اجتهدت في العبادة حتى لم يكن لها نظير في النسك والعبادة .. فبشرتها الملائكة باصطفاء الله لها.. (إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين ـ يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين) آل عمران. ثم بشرت الملائكة مريم بأن الله سيهب لها ولداً يخلقه بكلمة كن فيكون وهذا الولد اسمه المسيح عيسى بن مريم .. وسيكون وجيهاً في الدنيا والآخرة ورسولاً إلى بني إسرائيل .. ويعلم الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل.. وله من الصفات والمعجزات ما ليس لغيره .. كما قال تعالى: (إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقربين ـ ويكلم الناس في المهد وكهلاً ومن الصالحين ـ قالت رب أنى يكون لي ولدٌ ولم يمسسني بشر، قال كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون). (آل عمران).

وتحدث ضيوف البرنامج عن اللحظة القاسية في حياة مريم عندما ذهبت إلى قومها تحمل ولدها عيسى .. فلما رأوها أعظموا أمرها جداً واستنكروه.. فلم تجبهم .. وأشارت لهم اسألوا هذا المولود يخبركم.. قال تعالى .. (فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئاً فرياً ـ يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغياً ـ فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبياً (مريم)

* فأجابهم عيسى على الفور وهو طفل في المهد .. (قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً ـ وجعلني مباركاً أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حياً ـ وبراً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقياً ـ والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حياً) «مريم».

وفي ما يتعلق بصلب وقتل المسيح، أشار الضيوف المسلمون إلى أن رواية القرآن الكريم تختلف تماما مع ما يراه المسيحيون، وقالوا: «إن صلب المسيح ما هو إلا وهم وخيال، فهو لم يصلب أو يمت على الصليب، بل من قُتل هو شبيه له، في حين أرسل الله ملائكته لإنقاذ المسيح ورفعه إلى السماء حيا».

بالمقابل، رفض ممثلو المنظمات البروتستانتية والكاثوليكية المسيحية الرئيسية تلبية دعوى وجهها لهم أشرف للمشاركة في الفيلم، حسبما يقول المخرج المسلم.

وحول رأي القادة المسيحيين في فكرة البرنامج وموضوعه، حث فيليب لفيس مساعد أسقف منطقة برادفورد البريطانية لشؤون الحوار بين الأديان، المسلمين والمسيحيين على الاستفادة من الفيلم الذي وصفه بأنه «مساهمة قيمة لفهم مسألة معقدة»، بحسب صحيفة الغارديان.

من جانبه، هاجم القس البروتستانتي باتريك سوخديو والمتحدث باسم «صندوق بارناباس» ـ المعني بحماية المسيحيين من الاضطهاد ـ الفيلم واتهم معديه وقناة «آي تي في» بازدواجية المعايير.

وتساءل سوخديو، وهو مسلم تحول للمسيحية عام 1969، قائلا: «ماذا سيكون رد فعل الأقلية المسلمة في بريطانيا إذا عرضت القناة ذاتها برنامجا يشكك في كون محمد (صلى الله عليه وسلم) هو آخر الأنبياء؟».

وأضاف أن «إنكار القرآن لإلوهية المسيح أمر غير مقبول، كما يقول القرآن إن المسيح سيقوم يوم القيامة بتحطيم كافة الصلبان، كيف يمكن أن نشيد بذلك؟