كلمات لم ينطق بها.. لكنها واضحة على وجوه أصحابها

في معرض للتصوير الفوتوغرافي يتناول المآسي الشخصية في حرب العراق

صورة تحمل عنوان «زواج المارينز» لهذا الزوج من الينوي
TT

واحدة من اكثر الصور المفجعة التي ظهرت خلال حرب العراق الحالية، التقطت في العام الماضي في مزرعة في بلدة ما في الغرب الاوسط الاميركي. وهي صورة استديو للمصورة نينا بيرمان لزوجين من الينوي بمناسبة الاحتفال بعقد قرانهما.

وترتدي العروس رينيه كلاين البالغة من العمر 21 سنة، فستان عرس ابيض تقليديا، وتحمل باقة من الزهور القرمزية. أم العريس تي زيغيل البالغ من العمر 24 سنة وهو رقيب (سيرجنت) سابق في قوات المارينز، فكان يرتدى الملابس العسكرية، ويضع كل الميداليات التي حصل عليها بما فيها وسام القلب الارجواني. لم تظهر الابتسامة على وجه العروس، ربما يبدو عليها الحزن. اما تعبير وجه العريس وهو ينظر اليها، فيصعب قراءته: فوجهه الابيض بلا أية تعابير، وبلا أنف وبل حنك.

وقبل عامين، وخلال خدمته في العراق كاحتياطي في سلاح المارينز (قوات البحرية)، حوصر زيغيل في شاحنة محترقة بعد هجوم انتحاري. وأدت الحرارة الى ذوبان الجلد من وجهه. وفي مركز برووك الطبي التابع للجيش في تكساسا أجريت له 19 عملية جراحية. وقد استبدلت جمجمته المحطمة بقبة بلاستيكية وأعيد تشكيل وجهه من البداية بجلد من جسمه.

والتقطت برمان هذه الصورة، المعروضة في معرض «قلوب نينا بيرمان البنفسجية» في «رواق جين بكمان» بتكليف من مجلة «بيبول». وكان الهدف هو استخدامها في موضوع يتابع استعادة زيغيل لصحته، الذي ينتهي بزواجه. إلا ان الصورة المنشورة كانت صورة مرحة لحفل الزواج. وربما كانت صورة الزوجين وحدهما تبدو صادمة، والمشاعر المتبادلة في غاية الغموض.

ولم تكن الصورة وهي بعنوان «زواج المارينز» اول مواجه لبرمان مع جرحى حرب العراق. فقد التقطت العديد من الصور ابتداء من عام 2003. ونشرت 20 من صورها في كتاب بعنوان «القلب القرمزي، العودة من العراق»، مع مقدمة من فرلين كلينغنبورج عضو هيئة تحرير «نيويورك تايمز». وهذه الصورة المصحوبة بمقابلات مع الاشخاص الذين التقطت صورهم، عرضت في العديد من المدن الاميركية. ولا توجد صورة تثير المشاعر مثل صورة «زواج المارينز» حتى عندما تكون الإعاقة المصورة أضخم؛ فالجندي السابق لويس كالدرون البالغ من العمر 22 سنة من بورتوريكو، كسر عموده الفقري عندما سقط عليه حائط خرساني يحمل صورة صدام حسين طلب منه تدميره. وهو الآن مشلول تماما، بالرغم من عدم وضوح ذلك من صورته. كما لا يمكننا ان نرى من صورة سام روس البالغ من العمر 20 سنة من بنسلفانيا، انه فقد ساقه في انفجار، ادى الى أضرار دائمة في دماغه. ويبدو كل المحاربين القدامى في صور برمان معزولين، حتى اذا كان هناك شخص ما معهم. ويتبلور احساس بالوحدة من خلال المقابلات البسيطة التي اجريت معهم. ويعيش روس المفصول عن أسرته وحيدا في مقطورة. ويقول كالدرون الذي انتظر شهورا للحصول على إعانات قدامى المحاربين، انه يشعر بان المؤسسة العسكرية تخلت عنه. ولأنه لم يصب في المعارك فلم يحصل على وسام القلب الارجواني.

ويقول روبرت اكوستا البالغ من العمر 20 سنة وهو من كاليفورنيا وفقد يده في هجوم بالقنابل، انه ليس مستعدا نفسيا لاستئناف حياته الاجتماعية، ويوضح «لا أحب التعامل مع الاسئلة. مثل: هل كانت ساخنة؟ هل اطلقت النار على شخص ما؟ يريدون مني تمجيد الحرب والقول انها كانت عظيمة». ومقابلة اكوستا هي الوحيدة التي تحمل مشاعر معادية للحرب في معرض بيكمان، وهناك بعض العبارات المريرة؛ فقد وصف روس الحرب في العراق بأنها أفضل أوقات حياته. بينما يتذكر راندل كلونين من اوهايو الاثارة التي يشعر بها في عمليات تفتيش بيوت العراقيين. والسيرجنت جوزيف موسنر، وهو في الخامسة والثلاثين من عمره، يعتبر اكبر الاشخاص سنا في المجموعة، والتحق بالجيش وهو في التاسعة عشر من عمره. ويتذكر قائلا «لا توجد وظائف جيدة.

ولذا فكرت في ان الالتحاق بالجيش عمل جيد». وهو لا يزال يعتقد ذلك، بالرغم من التشوهات الحادة التي لحقت بوجهة. اما السيرجنت جيرمي فلدبوج الذي اصيب بالعمى وبأضرار في الدماغ في هجوم بالمدفعية، فقد كان ينوي دخول كلية الطب. ولكنه يقول لست آسفا. استمتعت بوقتي هناك. لا أريد الحديث عن التجربة العسكرية.

وتجدر الاشارة الى ان برمان لم تتدخل في التعليقات التحريرية. وقالت في مقابلات انها بدأت في تصوير المحاربين المعاقين بعد بداية الحرب لأنها لم تر أي شخص آخر يقوم بهذا العمل.

«قلوب نينا بيرمان البنفسجية» في «رواق جين بكمان» (سبرينغ ستريت) بنيويورك يستمر حتى نهاية اغسطس (آب) الحالي.

*خدمة «نيويورك تايمز»