أحمد فؤاد نجم: سأشكل حكومة عالمية ضد الفقر

بعد اختياره سفيراً لفقراء العالم الى جانب مانديلا

أحمد فؤاد نجم
TT

«يا بني فيك شيء يقول لي إنك إما أن تصل إلى قمة ما وإما أن تبقى في الحضيض، فليحمك الله يا ولدي».. تلك العبارة كانت آخر ما سمعها الطفل أحمد فؤاد نجم من والده الذي توفي وهو بعد في السادسة من عمره. نبوءة الأب تحققت بين بين. فالطفل الصغير الذي فقد الكثير بعد موت الأب، بات واحداً من أشهر شعراء العامية الذين نجحوا على مدى ما يقرب من 40 عاماً في التعبير عن آمال وإحباطات ونجاحات وانكسارات البسطاء في مصر والعالم العربي، في نفس الوقت الذي ظل فيه من أكثر الشخصيات الأدبية فقراً حيث لم يسع يوماً لامتلاك المال أو الاحتفاظ به. وإمعاناً في تقديره على فقره، وشكره على تعبيره عن أحلام الفقراء في العالم العربي، اختير أحمد فؤاد نجم أمس الأول من قبل المجموعة العربية للنداء العالمي من أجل مكافحة الفقر، سفيراً للفقراء في العالم إلى جانب الرئيس الجنوب إفريقي السابق نيلسون مانديلا، ليصبح الناطق في المحافل الدولية باسم فقراء العالم العربي. وقال ربيع وهبة ممثل المجموعة العربية التي اختارت نجم بعد لقائه مع الشاعر السياسي في دار «ميريت» للنشر وسط العاصمة المصرية مساء الثلاثاء إن اختيار نجم جاء بإجماع المجموعة العربية للنداء العالمي من أجل مكافحة الفقر، تقديرا لدوره الكبير الذي لعبه في التعبير عن الطبقات الشعبية في العالم العربي، موضحاً أن أولى مهام نجم بعد اختياره لهذا المنصب ستبدأ بالمشاركة في يوم التعبئة العالمي والوقوف ضد الفقر الذي تعمل شبكة المنظمات العربية غير الحكومية على تنظيمه والاعداد له والذي يتزامن مع اليوم العالمي لمحاربة الفقر الذي شارك فيه العام الماضي نحو 23 مليون فرد حول العالم. الشاعر أحمد فؤاد نجم عبر هو الآخر عن سعادته بهذا الاختيار مبرراً إياه بمحبة الناس له لأنه ظل واحداً منهم، ومعبراً عما يجيش في نفوسهم، مشيراً بسخرية إلى أنه سيعمد إلى تشكيل حكومة عالمية يكون من وزرائها من المشاهير الذي وقفوا الى جانب الفقراء. ويعد الشاعر أحمد فؤاد نجم واحداً من أشهر شعراء العامية المصرية منذ فترة الستينات من القرن الماضي. وقد ولد في مايو من عام 1929 بقرية عزبة نجم بمحافظة الشرقية بدلتا مصر لأسرة ميسورة الحال، إلا أن وفاة والده مبكراً تسببت في معاناته الشديدة في طفولته وصباه بعد رفض أعمامه منحه وإخوته وأمهم ميراثهم من أبيهم، فالتحق بأحد ملاجئ الشرقية في طفولته بعد عجز والدته عن الانفاق عليهم. وفي سن السادسة عشرة التحق نجم بالعمل في معسكرات الإنجليز في منطقة القناة حيث تنقل بين أكثر من مهنة. فعمل كواء، ولاعب كرة، وعامل إنشاءات، وبناء. وكان لعمله في تلك المعسكرات دور في لقائه بعدد من العمال الذين اعتنقوا الفكر الشيوعي، وكان نجم قد نجح في تعليم نفسه القراءة والكتابة وبدأ في النظر الى معاناته الانسانية في إطار عام. فشارك مع الآلاف في المظاهرات التي اجتاحت مصر سنة 1946 مطالبة بخروج الاحتلال من مصر ومقاطعة العمل في معسكرات الإنجليز. وفيما بين عامي 1950 ـ 1956 التحق نجم بالعمل في هيئة السكة الحديد، إلا أنه سرعان ما تركها ليلتحق بالعمل في وزارة الشؤون الاجتماعية كساع للبريد لتوزيع خطابات الوزارة على سكان القرى والكفور، وهي المهنة التي دعمت بداخله الاحساس بالفقراء والكادحين من الشعب المصري، وتجسدت ملامح الأزمة التي تعيشها الطبقة الكادحة في عيونه. وفي عام 1959 التحق نجم بالعمل في أحد مصانع منطقة العباسية، وهي التي شهدت أكثر فترات حياته تعقيداً. فقد تم القبض عليه في وقائع الصدام التاريخي بين الدولة والتنظيمات اليسارية المصرية مع ثلاثة من العمال مات أحدهم من شدة التعذيب كما روي، لتزداد أزمته مع رفضه التوقيع على تقرير يفيد موت العامل في مشاجرة، وليدخل بعدها في أزمة جديدة حين اتهم باختلاس مبلغ من المال، وهو ما نتج عنه سجنه لنحو 33 شهراً، بعدها تعرف نجم على الشيخ إمام في منطقة حوش آدم بمنطقة مصر القديمة، ولتنطلق أشعار نجم المعارضة لحكم الرئيس جمال عبد الناصر بعد نكسة يونيو عام 1967 بصوت الشيخ إمام، معبرة عن حالة الوطن المشحون، ويبزغ نجمه بين الناس التي أخذت تردد أشعاره رغم تعرضه للاعتقال عدة مرات في مختلف العهود، لكنه كان يؤمن دائما بما عبر عنه في احدى قصائده حين قال : ان قلت كلمة لم تخاف وان خفت.. كلمة لم تقول كلام تقيل وناس خفاف والفهم لصحاب العقول مفهمتنيش شد اللحاف ونام وسيب النوم يطول واصبر تنول يعرض قفاك والصبر برسيم العقول..!