الإماراتي معتوق أميرا للشعر العربي

20 مليونا شاهدوا أكبر أمسية شعرية في العالم

اقبال جماهيري على مشاهدة تتويج أمير الشعراء
TT

بعد حوالي ثلاثة أشهر من المنافسات المحمومة، انتهت رحلة البحث عن أمير (جديد) للشعر العربي، يرث اللقب المشهور سابقا للشاعر أحمد شوقي.

وكان مساء أول من أمس مساء عامرا بالشعر والأدب، واعتمد لقب أمير الشعراء رسميا للشاعر الإماراتي عبد الكريم معتوق، الذي تمكن من الوصول إلى اللقب الصعب الذي تنافس عليه نحو 5000 شاعر من الوطن العربي.

وبعيدا عن الجدل الذي ساد أوساط المثقفين العرب حول مهرجان أمير الشعراء، وأحقيته في منح اللقب لشاعر حديث، خلفا للشاعر أحمد شوقي الذي اقترن به اللقب طويلا، فإن المهرجان الشعري الذي وضع مسؤولو أمارة أبوظبي ثقلهم خلفه، نجح وبامتياز في إعادة الأضواء مجددا للشعر العربي الفصيح. ومنذ بداية التنافس بين الشعراء الخمسة والثلاثين في البرنامج التلفزيوني المحبوب، كان من الواضح للمتابعين أن اللقب لن يخرج كثيرا عن الشعراء الخمسة الذين تأهلوا للمرحلة النهائية وهم: الإماراتي عبد الكريم معتوق والسعودي جاسم الصحيح والموريتاني محمد ولد داده والسودانية روضة الحاج بالإضافة إلى الفلسطيني تميم البرغوثي.

ورغم حدة المنافسة الا ان معتوق ظفر باللقب وحده باستحقاق، حاملا معه، بالإضافة إلى إمارة الشعر، مليون درهم إماراتي (266 ألف دولار)، بينما جاء في المركز الثاني الشاعر ولد داده، وثالثا السعودي جاسم الصحيح ثم روضة الحاج وأخيرا تميم البرغوثي.

وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن متوسط المشاهدة لحلقات أمير الشعراء على قناة أبوظبي الفضائية، كانت هي الأعلى على الإطلاق في تاريخ القنوات الفضائية العربية. وبحسب المصادر فإن المسوحات التي قامت بها شركات متخصصة أظهرت أن متوسط المشاهدة للحلقة الواحدة يصل إلى 20 مليون مشاهد.

وخلال الاحتفالية الأخيرة في مهرجان أمير الشعراء، تنافس الشعراء الخمسة على إظهار أفضل ما في جعبتهم من الصور الشعرية، وكانوا جميعا على قدر المسؤولية في وصولهم وتمثيلهم لقبيلة الشعر. وخطف عبد الكريم معتوق الإعجاب بقصيدته الوطنية التي ألهبت مشاعر الحضور في المسرح والمشاهدين في المنزل. وما زاد من فرصة فوز معتوق، هو أيضا إبداعه في مسابقة التحدي، والتي هي عبارة عن أبيات ارتجالية يطلقها الشعراء المتنافسون عن مواضيع تختارها لهم لجنة التحكيم. وإذا كانت مسابقة شاعر المليون، التي أطلقتها هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، أشعلت فتيل المسابقات الشعرية في الوطن العربي، قد سيطر عليها التنافس القبلي بين قبائل الشعراء النبطيين وغلب عليها التفاخر بالأنساب بين الشعراء، فإن مسابقة أمير الشعراء تمكنت من رفع الذوق العام بقصائد قوية وبصور بلاغية تساهم في إعادة الاعتبار للشعر الفصيح. لكن الأمر من جهة أخرى لم يخرج، في مهرجان أمير الشعراء، عن دائرة التشجيع من قبل كل دولة لشاعرها، ولم تسجل إلا حالات قليلة كان الشعر وحده هو المنتصر، بينما كان الغالب هو المساندة الشعبية، بل والحكومية في أحايين أخرى، عبر الحث على التصويت لشاعر كل دولة، لكن كل ذلك لا يلغي المنافسة الشريفة بين الشعراء أنفسهم الذين ارتقوا عن المشاحنات التي حدثت في مسابقة شاعر المليون.

ولأن المسابقات العربية، غالبا، لا تنتهي بالابتسامة عند النصر، كان لافتا أن الاتهامات أحيطت بالأمير الجديد للشعر في نفس المساء الذي انتهت فيه مراسم التتويج، فحفل المنتدى المخصص للمسابقة، والذي يزوره الآلاف ويشارك فيه شعراء معروفون، بالانتقاص من شاعرية معتوق وذهب البعض ليرثي الشعر «بقراءة الفاتحة على روح الشهيد». ومع أن البعض من المشاركين بالمنتدى، شككوا بفوز الشاعر معتوق واعتبروه مدبرا مسبقا، إلا أن كل هذه الاتهامات بقت كما هي عليه في الموقع الذي تديره اللجنة المنظمة نفسها دون حذف.

ومع أن ثلاثين شاعرا غادروا المسابقة وتركوا منافساتها للخمسة الذين تأهلوا للحلقة الأخيرة. إلا أن إدارة المهرجان جمعت الشعراء الخمسة والثلاثين مجددا في أوبريت شعري، قام فيه كل متسابق بإلقاء بيت شعري واحد بهدف الكشف عن قدرة الشعراء في نظم قصيدة متكاملة جميلة المعاني. وفي نهاية الحلقة صعد الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان مستشار الأمن الوطني بدولة الامارات العربية المتحدة، يرافقه محمد بن خلف المزروعي مدير عام هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، إلى خشبة مسرح الراحة، لتتويج الفائزين وتسليمهم جوائزهم.

وقال محمد خلف المزروعي المدير العام لهيئة ابوظبي للثقافة والتراث لـ «الشرق الأوسط»، إن مسابقة أمير الشعراء «نجحت وبامتياز في أن تعيد للشعر الفصيح مكانته التاريخية ودوره الحضاري وحضوره الاجتماعي لتستعيد من خلاله اللغة العربية ذاتها ومكانتها التاريخية والتراثية».