المخرج الفلسطيني ميشيل خليفة: سأظل أغني للحرية في كل أفلامي

يرى أن الإنسان العربي يعيش حرباً أهلية بداخله

المخرج الفلسطيني ميشيل خليفة
TT

تفتحت عيناه في مدينة الناصرة الفلسطينية، على آثار نكبة حرب عام 1948 وما أعقبها من إعلان قيام دولة إسرائيل. فما بين هجمات الجماعات الصهيونية، وكوارث الاحتلال، وما بين مشاهد فراق الأحبة إما بالقتل أو بالتهجير، تكونت المشاهد الأولى في حياة المخرج الفلسطيني ميشيل خليفة، الذي كرمه مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والقصيرة مؤخراً. ولد ميشيل خليفة عام 1950. طفولة وصبا بملامح عادية ميزت سنوات عمره الأولى، إلا أن ميله للفن المسرحي بدا واضحاً مع مرحلة المراهقة، وهو ما دفعه إلى السفر إلى بروكسل عند إتمامه العشرين من عمره لدراسة فن المسرح هناك. حيث حصل على شهادة الإخراج المسرحي في عام 1977. وعلي الرغم من دراسته للمسرح، إلا أنه اتجه الي تقديم الأفلام الوثائقية والروائية القصيرة لأنها تصل إلى ملايين الأشخاص في كل أنحاء العالم، بينما جمهور المسرح محدود على حد قوله. فمنذ عام 1980 بدأ خليفة في تقديم عدد من الأعمال من بينها «الذاكرة الخصبة» عام 1980 الذي يروى كيف يعيش الإنسان في حياته اليومية في عالمه الخاص بما فيه من أحزان وأفراح ونجاحات وأسرار وطموح.

وهذه كلها أمور تتقاطع عند الآخرين من الذين قد يكونون في نفس الزمان والمكان، وفيلم «معلول يحتفل بتدمير نفسه» عام 1984، و«عرس الجليل» عام 1987، و«الزواج المختلط في الأراضي المقدسة» عام 1995، بالإضافة الي إنتاجه عدداً من الأفلام الهامة ومن بينها في عام 1982 فيلم «تقاطعات» للمخرج محمود بن مولود ، و«الأثر» للمخرجة ناجية بن مبروك عام 1983. وفي الوقت الذي كانت فيه أعماله تحصد الإعجاب بها، كان ميشيل خليفة يشعر بالرهبة من الأعمال التالية التي يجب عليه تقديمها، نظراً لرؤيته للعملية السينمائية التي يعتبرها صعبة. فهو دائم القول: «من السهل أن تكتب سيناريو عن علاقة حب بين شاب وفتاة أو طلاق أو غير ذلك من هذه النوعية من السيناريوهات. ولكن يظل اختيار الموضوع الذي يلمس الواقع والمجتمع والأزمة التي يعيشها الفرد أمرا صعبا للغاية وبخاصة في ظل انخفاض مستوى الحرية المسموح به في عالمنا العربي. فالمأساة الحقيقية في العالم العربي أنه حدثت حرب أهلية داخل الإنسان العربي، ومن هنا تنبع أهمية الحرية التي ينادي بها أهل الفن».

ولا يتواني خليفة عن المشاركة في أي حدث سينمائي يدعى له في شتى بقاع الأرض، وبخاصة في العالم العربي الذي ولد ونضج وصور فيه كل أفلامه بشكل طبيعي.ويقول: «كل ملتقي أستطيع أن أعرض فيه أفلامي في المنطقة العربية أعتبره نوعا من التواصل، فما معنى أن أكون سينمائيا في هذا الزمان وفي هذه المنطقة وأفلامي لا تعرض بالشكل المطلوب».

ويرى النقاد والمهتمون بعالم السينما أن أفلام خليفة نجحت في تجسيد العديد من القضايا التي تعيشها الأمة الفلسطينية في ظل وطن مكلوم متنازع الهوية. فهو لم يعبر في أعماله عن الواقع السياسي بقدر ما عبر عن الحالة الإنسانية التي يعايشها المواطن الفلسطيني. وهو ما أكسب أفلامه المزيد من المصداقية، والفرصة للعرض في عدد من المهرجانات الدولية.

عند صعوده إلى خشبة المسرح في افتتاح مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والقصيرة والذي يرأس لجنة التحكيم في دورته الحالية، قال خليفة: «سأظل أغني وأغني أكثر للحرية في كل أفلامي المقبلة، فهي الهدف الذي أسعى له منذ بدأت خطواتي الأولى في هذا المجال. فقد كانت أمالي أن أخرج أفلاما أعبر فيها عن التجربة والنضال والحرية الفلسطينية».