العرقسوس يعود للبيوت الدمشقية

شراب موسمي وفائدة طبية

بائع العرقسوس بملابسة التقليدية في دمشق
TT

الزائر لدمشق والمدن السورية الأخرى في شهر رمضان الحالي، سيشاهد عشرات البائعين مع عرباتهم ينتشرون في الأسواق والشوارع والحارات يبيعون شراب العرقسوس حيث يبدأ هؤلاء ببيعه منذ الصباح وحتى قبل الإفطار ليعودون إلى منازلهم منهين يوم البيع الذي ينتهي قبل الإفطار بدقائق ويبلغ الازدحام على هؤلاء الباعة ذروته قبل موعد الإفطار بساعات قليلة أو مع خروج الموظفين من دوامهم وعودة أصحاب المحلات إلى بيوتهم استعداداً للإفطار حيث يتجمع هؤلاء على باعة شراب العرقسوس لشراء كيس منه يكون البائع قد أعده وهيأه للتناول المباشر مع إطلاق مدفع رمضان.

ويحرص السوريون بمختلف شرائحهم من الغني والفقير على أن يكون شراب العرقسوس أول ما يتناولونه بعد إطلاق مدفع الإفطار وبعد ساعات الصيام الطويلة من النهار وهو تقليد سار عليه السوريون منذ سنوات طويلة لاعتقادهم بأن العرقسوس يطفئ عطش الصائم.

ورغم ان الشراب يمكن تحضيره في المنزل الا ان الكثيرين يفضلون شراءه من الباعة لان تحضيره في المنزل يحتاج لوقت طويل نسبياً كما أن سعره رخيصاً وبالتالي فشراؤه من البائع بشكل يومي لا يسبب عبئاً مالياً على الأسر. ويقول عماد أحد بائعي العرقسوس الذي تخصص في بيعه منذ سنوات طويلة ان شراء الشراب من الباعة أوفر مادياً للأسرة فالبائع يقدمه بارداً وجاهزاً ونظيفاً ورخيص الثمن.

وحول طريقة تحضير العرقسوس قال عماد: أصبحت هناك شركات ومعامل تحول النبات الأخضر إلى مصنع ومجفف ويباع معبأ ومغلفاً وبالتالي لا حاجة للبائع أن يقوم بشرائه أخضراً وتجفيفه عبر أشعة الشمس كما كان يفعل البعض سابقاً. نقوم بطحن وتجهيز أعشاب وجذور العرقسوس حتى تختمر وفي اليوم التالي نضعها في قماش ناعم (شاش أبيض) لتنقية الجذور المجففه من أي مخلفات غير مرغوبة ونصب الماء عليها بشكل دائم كما تضاف إليها مادة الكربونات لتساعد على الهضم والبعض يضيف إليها عطرة الورد ليأخذ شراب العرقسوس رائحة ذكية ونظل نصب الماء على العرقسوس المغلف بالقماش حتى ينقى بشكل ممتاز بعد ذلك ننقله إلى أوعية كبيرة ومغلفة بأكياس النايلون البيضاء لنبيعه للصائمين بحيث يمكن أن يحضر من الكيس الواحد حوالي 5 كؤوس من شراب العرقسوس. يذكر هنا أن العرقسوس نبات عشبي من صنف البقوليات و يتراوح طوله من 50 ـ 125 سم وهو موجود بكثرة في الأراضي السورية. ويؤكد الباحثون السوريون أن العرقسوس السوري يمتاز بارتفاع نسبة مادة الغليسرين وهي المادة الفعالة فيه إضافة إلى نكهته المميزة وفوائده الواسعة ـ كمدر للبول ومعالج للإمساك ومفيد في تغيير رائحة الفم وتزكيته، كما أنه يزيل الجفاف من الحلق (وهذا مهم للصائم) وغير ذلك من الفوائد الصحية. ولكن الشيء اللافت للنظر في دمشق وغيرها من المدن أن بائعي العرقسوس يزدادون بشكل كبير في شهر رمضان فقط. ويتميز البائعون بلباسهم المميز والأدوات والأوعية التي يحملونها على ظهورهم أو على العربات وهي عادة وعائين احدهما للتمر الهندي والآخر للعرقسوس. ويبرر ـ عماد ـ قلة نشاط بائعي العرقسوس خارج شهر رمضان قائلا: «نحن بالفعل لدينا نشاطات أخرى في غير رمضان حيث نبيع على البسطات أو العربات مواد أخرى ولكن نعتبر شهر رمضان موسماً جيداً لنا لبيع شراب العرقسوس فالطلب عليه كبيراً من الصائمين ويحقق لنا أرباحاً مقبولة خلال هذا الشهر الفضيل ولذلك بعد انتهاء الشهر الكريم نعود إلى نشاطنا الأساسي ببيع مواد أخرى ويبقى العرقسوس يباع في محلات بيع العصير وبعض المطاعم والمقاهي الدمشقية».