الرجال المصريون يستيجيرون من تسلط المرأة

أنشأوا جمعيتي «سي السيد»، و«الأزواج المخلوعين» .. والبقية تأتي

TT

دوام الحال من المحال، وسبحان من له الدوام، وهنيئاً لك يا فاعل الخير. و«يا عيني يا عيني يا عيني ع الولد»، عبارات قد تعبر عن الصورة المنتشرة الآن في المجتمع المصري الذي يشهد وللمرة الأولى تكوين جبهات ذكورية تسعى لنيل حقوقها التي سلبت على يد الجنس اللطيف، ومواجهة تسلطه الذي بات لا حدود له على حد زعم أصحاب تلك الجبهات. فمن كان يصدق أن الرجل الذي لطالما شكت المرأة من جبروته وتسلطه عليها على مدى قرون عدة، سيأتي عليه اليوم الذي ينادي فيه بالحد من سلطة المرأة وجبروتها ويلجأ هو الآخر الى ذات الوسيلة التي استخدمتها المرأة من قبل لتحقيق ذات الغرض. البداية كانت منذ عدة أشهر وعلى استحياء حين أعلن شخص يدعى نعيم علي يسين في القاهرة عن تكوين جمعية «سي السيد» الذكورية لاستعادة حقوق الرجل وهيبته المسلوبة داخل الأسرة وخارجها ووضع المرأة في حجمها الطبيعي وإعادتها الى ما كانت عليه. الجمعية كما هو واضح من الاسم حملت اسم أشهر شخصية ذكورية في عالم السينما  لمصرية جسدت جبروت وتسلط الرجل وحزمه، وهي الشخصية التي كتبها الأديب الراحل نجيب محفوظ في ثلاثيته الشهيرة وقدمها للسينما الفنان يحيى شاهين ببراعة مشهودة. جمعية «سي السيد» لم تقتصر في عضويتها على الرجال المقهورين الشاعرين بالغبن، ولكنها حوت أيضاً عددا من النساء الساعيات الى العودة لظل وكنف الرجل الحمش شديد الهيبة حاسم الكلمة والقرار. وقتها لم تحظ الجمعية الوليدة بالكثير من الانبهار الاعلامي وبخاصة أنه لم يكن بين أعضائها وجوهاً اجتماعية معروفة كما لم ينجحوا في الاعلان عن أهداف وجدول وخطة لأعمال جمعيتهم. وعلى الرغم من أن أحداً لم يعد يسمع عنهم شيئاً إلا أنهم ما زالوا يواصلون اجتماعاتهم سعياً وراء «سي السيد». كان من الممكن أن يطوي النسيان تلك الجمعية إلا أنه ومنذ عدة أسابيع تم الاعلان عن جمعية ذكورية جديدة، أطلق البعض عليها من باب السخرية «جمعية الازواج المخلوعين»، بينما اسمها الحقيقي هو «جبهة مكافحة تسلط المرأة». الجمعية أعلنت ان الهدف الرئيسي من تكوينها هو حماية المرأة من نفسها لأنها بحاجة لمن يحميها من تلك الأفكار الهدامة التي تبنتها على مدى سنوات جعلتها تظن أنها قادرة على العيش بدون رجل. الغريب أن الجمعية أسسها مستشار بإحدى الهيئات القضائية المصرية ويدعى مرسي عبد الستار والذي أكد لـ«الشرق الأوسط» أن قانون الخلع هو أول القوانين التي سيسعى الى إلغائها لأنه في رأيه قانون أضر بالمرأة والمجتمع كله بعد منحه المرأة حق الإنفصال بسهولة عن زوجها وهدم الأسرة في أي وقت شاءت، وهو حق أساءت المرأة استخدامه ويجب سحبه منها! فالمرأة في رأي عبد الستار قد «نجحت في السنوات الماضية في الحصول على عدد من القوانين والامتيازات وما زالت تطالب بالمزيد فإلى متى الصمت من قبلنا نحن الرجال.؟، ويضيف عبد الستار: « لقد وصل الى علمي أن المجلس القومي للمرأة يعد لقانون جديد ينص على أن الزوجة من حقها التقدم ببلاغ ضد زوجها إذا ما أشاح في وجهها، وإذا ثبتت التهمة عليه، يعاقب بالحبس لمدة ستة أشهر»! وعند سؤاله عن مدى جدية تلك المعلومة، قال: «لي مصادري الخاصة التي تعلمني بكل ما يحدث في مجالس النساء تلك»!.

حديث السيد عبد الستار يذكرنا بحوارات مسلسل كان قد قدمه السيناريست عاطف بشاي منذ عدة أعوام في جزءين، حمل الجزء الأول منه عنوان «يا رجال العالم اتحدوا» بينما حمل جزءه الثاني عنوان«النساء قادمون»، وأظهر المسلسل مدى تسلط المرأة وإمعانها في إذلال زوجها والاستيلاء على كل حقوقه المشروعة وغير المشروعة وهو ما دفع بالرجال الى تكوين جبهات يطالبون فيها بحقوقهن، عفواً بحقوقهم. ولكن بعيداً عن الكوميديا الدرامية، هل نستطيع القول إن الفترة المقبلة ستشهد المزيد من الجمعيات الذكورية المطالبة بحقوق الرجل؟ وهل بالفعل تعبر تلك الجمعيات عن الرجال، أم أنها جمعيات تضم عدداً من الباحثين عن الشهرة وملاحقة وسائل الإعلام؟

الدكتور هاني السبكي إستشاري الطب النفسي أكد أن هيبة الرجل في أي مجتمع تنبع من داخله وانها صفة تنشأ معه منذ الصغر ولا تكتسب ولا يجب أن يكون هناك مطالبة بها من الأساس، وتساءل أي هيبة يطالب بها الرجل و30% من النساء المصريات هن المسؤولات عن الانفاق على أسرهن بما فيها أزواجهن. وأضاف: «كثيراً ما تأتي لي حالات من كافة المستويات أشعر فيها بمسؤولية الرجل عما آل اليه حال الأسرة المصرية، وهو ما يجعلني أتساءل أين الرجل المصري الذي كان حكاية العالم بشهامته ورجولته واحترامه لذاته ولزوجته. في اعتقادي أن تلك الجمعيات الذكورية مجرد فقاعة صابون سرعان ما ستنتهي». على الجانب الآخر فإن الجمعيات النسائية لم تعبأ بما تم الاعلان عنه من جمعيات ذكورية، فتقول دكتورة نادية حليم أستاذ الاجتماع وعضو المجلس القومي للمرأة: «أقول لمن يطالب بحقوق الرجال ووقف تقدم المرأة، أن الأمر ليس حرباً بين جبهتين». وتشير نادية حليم الى ان الواقع يؤكد أن المرأة عانت كثيراً من قوانين جائرة لم تنصفها حتى تم تعديل البعض منها. مثل قانون الطاعة الذي كان مطبقاً قبل تعديله عام 1985، والذي كانت تستخدم فيه قوة البوليس لتنفيذه، وما زال هناك العديد من القوانين التي بحاجة إلى تعديل وهو ما دفع بالمجلس القومي للمرأة للاعداد «لإضافة بعض التعديلات على قانون الاحوال الشخصية المصرية بما يضمن حقوق المرأة التي عانت لسنوات وإذا كان الرجل يشعر بفقده لحقوقه فليطالب بها». ونفت الدكتورة نادية أن يكون قانون الخلع قد أضر بالمجتمع مؤكدة على أنه منح المرأة حقاً من حقوقها الشرعية وأنها لم تسئ استخدامه.