موسم المواهب الجديدة في أسبوع لندن للموضة

لندن ترفض عارضة بمقاس صفر وتطالب بشهادات صحية

من عرض ازياء لويلا بارتلي (إ.ب.أ)
TT

تحاول لندن، وهي تحتفل بأسبوعها للموضة هذه الأيام، ان تتخلص من آثار المواسم الماضية، التي ألقت بظلال ثقيلة عليها، فقد انتقدت بشدة لعدم أخذها قرارا صارما حول منع العارضات النحيفات من المشاركة في العروض، الأمر الذي غطى على أخبار المصممين وإبداعاتهم. واللافت أنه منذ بداية الجدل حول العارضات الأنوركسيات بمقاس صفر، ولندن تعاني من الانتقادات اكثر من غيرها من العواصم، كونها لم تدن المصممين بقوة ولم تمنع مشاركة النحيفات بشكل واضح كما هو الحال بالنسبة لكل من مدريد وميلانو. في المقابل، ارتأت ان تكتفي بدور المرشد، وأن تترك المسؤولية لصناع الموضة، على ان يقتصر المنع على السن فقط، والذي يجب ألا يقل عن 16 سنة، فضلا عن تقديم العارضات شهادات طبية تفيد بأنهن لا يعانين من أي اضطرابات صحية، وأن نحافتهن وراثية وليست ناتجة أي أيٍّ امراض. كان من البديهي ان يلقي عدم حزمها في هذه المسألة بغمامة ثقيلة على أسبوعها في الموسمين الماضيين، بحيث غطت اخبار العارضات الانوركسيات ووصف عظامهن النافرة على إبداعات المصممين وأخبار الأزياء التي تم عرضها، وهو ما كان بمثابة عقاب غير مباشر لكل من سولت له نفسه الاستعانة بعارضة نحيفة. لكن من الواضح ان لندن تعلمت الدرس، ولا تريد ان تكرر نفس الخطأ، فآخر الأخبار التي تداولتها اوساط الموضة قبل انطلاق الأسبوع، قرار رفض أول عارضة بمقاس صفر تعاني من اضطرارات غذائية من قبل وكالة «موديلز1». العارضة هي شارلوت كارتر، التي ولدت في زيمبابوي ولا يتعدى عمرها الـ22 عاما، ورفض الوكالة لها جاء قبل ايام من نشر تقرير يحث وكالات الموضة بفحص العارضات جيدا، والتأكد من عدم معاناتهن من أيِّ اضطرابات تتعلق بالأكل، مثل الأنوركسيا والبوليميا.

اللافت أن العارضة التي طالها الرفض، شارلوت كارتر، كانت تعتبر إلى حد الاسبوع الماضي من العارضات المطلوبات جدا، حيث شاركت في عدة عروض عالمية في أوروبا على الأخص، ولم ينتبه أي أحد إلى معاناتها من اضطرابات غذائية، وهو ما اعترفت به فيما بعد، ملقية اللوم على صناعة الموضة من جهة، وعلى مشاكلها الخاصة من جهة ثانية. وصرحت انها منذ دخولها مجال عرض الأزياء، كانت تعرف أن الطلب على خدماتها يزيد كلما نقص وزنها، مما شجعها على التمادي في الأمر. وعلى غير المتوقع تقبلت شارلوت قرار الرفض برحابة صدر، مشيرة انه لولا انتباه صناع الموضة إلى الخطر الذي بدأ يهدد عارضات من أمثالها لكانت نهايتها مفجعة. وأكدت وكالة «موديلز1» التي تعمل معها كارتر، أن هذه الاخيرة لم تشعر بالإحباط أو الغضب عند رفضها، بل العكس شكرتهم على اهتمامهم بصحتها، وعلى تنبيههم لها انها تمادت في إنقاص وزنها عندما تقدمت للمشاركة في أسبوع لندن. أما هي فتقول إن الرفض كان بمثابة ناقوس إنذار بأن تهتم بصحتها. مما لا شك فيه ان هذه الخطوة إيجابية وتحسب للندن، وهو ما لا يمكن ان يقال عن نيويورك، حيث ولد مفهوم «مقاس صفر»، ورأينا في اسبوعها الأخير ان العديد من المشاركات يتمتعن بأجسام أقرب إلى الهياكل العظمية، إذ لا ننسى أنها عاصمة البلد الذي تقدس فيه النحافة. وأطرف دليل على هذا أن فكتوريا بيكهام عندما كانت تشد الرحال إليها مع زوجها لاعب الكرة، ديفيد، قالت انه من الأمور التي تجعلها متحمسة للهجرة إليها أن الأميركيين لن يعايروها بنحافتها الأنوركسية، بل العكس سيعجبون بها ويضعونها في مصاف كل من جيسيكا ألبا وأنجلينا جولي ورينيه زيلويغر، اللواتي كلما ظهرن في صورة جديدة، بدا وزنهن اقل. وما دمنا في سيرة العارضات وصناعة الموضة، فقد أثيرت ضجة كبيرة في استراليا أخيرا استدعت تدخل رئيس وزراء أستراليا، جون هاوارد، لينتقد اختيار فتاة عمرها 12 عاما كأفضل عارضة خلال عرض أزياء. وقال هاوارد «ينبغي أن نحافظ على مفهوم البراءة في مجتمعنا، واعتقد أن الزج بفتيات لا تزيد أعمارهن عن 12 عاما في مثل هذه العروض هو أمر مشين». وسارع كيفين رود زعيم حزب العمال إلى التنديد بمنظمي عرض أزياء «جولد كوست فاشون ويك»، قائلا: «اعتقد أن من حق كل طفل الاستمتاع بطفولته، وأشعر بقلق حقيقي بشأن الصغار الذين يشاركون في مثل هذه النوعية من العروض». تجدر الإشارة إلى ان ضجة مشابهة أثيرت في العام الماضي بسبب اختيار فتاة عمرها 15 عاما كأفضل عارضة في عرض أزياء «ملبورن فاشون ويك» لكن سرعان ما جرى استبدالها بعارضة أخرى أكبر سنا. فالمصممون كانوا إلى حد السنوات القليلة الأخيرة لا يتورعون عن استعمال أي فتاة طويلة بمقاييس صبيانية، بغض النظر عن عمرها، إذا كان الأمر سيخدمهم ويظهر ازياءهم بشكل جذاب. هذا الأمر، في الأقل، لا يمكن ان تتهم به لندن، التي كانت من بين العواصم التي منعت مشاركة أي عارضة يقل عمرها عن 16 عاما من المشاركة، لحمايتهن نفسيا وجسديا.