هوس عربي بالمسلسلات التلفزيونية في رمضان

من زمن «الإمساكية» التي تحدد مواقيت الصلاة إلى عصر الـ«مسلسكية» التي تقرر مواعيد إذاعة المسلسلات

مشهد من مسلسل «يتربى في عزه» («الشرق الأوسط»)
TT

سامح الله ذلك الـ«ريموت كنترول» الذي بات يقبع في أيدينا وبخاصة في شهر رمضان لينقلنا بضغطة زر واحدة من مسلسل إلى آخر، ليربط ملايين المشاهدين في مصر والعالم العربي بشاشة التلفزيون الذي يظلون قابعين أمامه إلى ما شاء الله، في المنازل والمقاهي والنوادي وحتى الخيام الرمضانية لا بد أن تجد جهاز تلفزيون يتضاعف حجمه بمساحة المكان ليشاهد من خلاله الناس ما يفضلونه من مسلسلات.

هذا العام يعرض على شاشات الفضائيات العربية ما يقرب من 45 مسلسلا تتنوع بين الإنتاج المصري الذي ما زال يحتل المرتبة الأولى في حجم الإنتاج والمشاهدة على القنوات الفضائية العربية بنحو 25 عملا، والإنتاجين السوري والخليجي الذي بات له جمهوره هو الآخر إلى الحد الذي خصصت له شبكة راديو وتلفزيون العرب قناة خاصة به أطلقت عليها «حكايات 2».

ماراثون الأعمال الدرامية التلفزيونية لم يعد يتقيد بالإذاعة عقب الإفطار، ولكنه صار عرضاً مستمراً طوال النهار قبل وبعد الإفطار على كافة القنوات الفضائية المصرية والعربية.

الطريف هذا العام هو ما فعلته إحدى شركات الحلاوة الطحينية الشهيرة في مصر والتي ابتكرت دعاية خاصة بها من تلك النوعية التي توزع مع الصحف اليومية. الدعاية التي ابتكرتها الشركة كانت عبارة عن ورق من كرتون ملون في أحد وجهيها إمساكية لشهر رمضان الكريم، وفي وجهها الآخر الذي أطلقت عليه اسم «مسلسكية» طبعت الشركة جدولا كتبت فيه مواعيد عرض المسلسلات الرمضانية على القنوات الفضائية العربية.

المسؤولون عن الدعاية بالشركة أكدوا أن الفكرة روجت للمنتج الخاص بهم بشكل جيد خاصة انهم استغلوا حالة الشغف الخاصة بمتابعة تلك المسلسلات الرمضانية للدعاية للمنتج. وعلى الرغم من انتشار ظاهرة الخيم الرمضانية سواء تلك الخاصة بالإفطار أو الخاصة بالسحور، إلا أن الحرص على متابعة المسلسلات الرمضانية ما زال من المظاهر الرئيسية للشهر الكريم وبخاصة لدى الأسر محدودة الدخل التي لا تملك إمكانية الخروج لتناول طعام الإفطار أو السحور خارج المنزل.\ويشهد موسم المسلسلات الرماضنية المصرية انعاشا واضحا وهو ما ادى الى استعادة الدراما المصرية لبعض جاذبيتها التي اهتزت قليلا في الاعوام الماضية امام المسلسلات السورية والخليجية.

في مقدمة الأعمال المقدمة هذا العام يبرز مسلسل «حنان وحنين» الذي يقوم ببطولته الفنان المصري العالمي عمر الشريف وهو من تأليف وإخراج إيناس بكر، المسلسل يحمل شحنة من الحنين تنطبق على اسمه. هذا ما قاله الناقد طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط» مضيفاً: «على الرغم من افتقاد المسلسل للحبكة الدرامية المطلوبة لنجاح أي عمل، إلا أن المسلسل يمنحك حالة من الحميمية الخاصة مع قصة بطله المغترب عن وطنه منذ ما يزيد عن 30 سنة. ويقول الناقد اشرف بيومي لوكالة أ.ف.ب ان المسلسلات في هذا الشهر «حققت نجاحا كبيرا ومثالها البارز مسلسل «الملك الفاروق» كما يظهر حتى الآن اخراجا وتمثيلا وصورة واقبالا جماهيريا». وترى الناقدة علا الشافعي ان «الصحوة التي تشهدها الدراما المصرية ربما تعود الى المنافسة التي فرضتها الدراما السورية على جميع العاملين في هذه الصناعة في مصر من كتاب ومخرجين وفنانين ومنتجين».

وكانت الصحافة المصرية خلال الاعوام الثلاثة الماضية قد قادت حملة شرسة ضد المسلسلات المصرية من خلال مقارنتها بنظيرتها السورية متهمة كتاب الدراما والمخرجين والفنانين بعدم التعرض للمشاكل الحقيقية التي يعاني منها المجتمع المصري، الى جانب استسهال العمل بدون بذل مجهود حقيقي لابرازه بما يليق بمستوى الدراما.

وساهم في المقارنة القائمة قيام كل من التلفزيون المصري والسوري بتقديم مسلسل عن «بيبرس» سلطان مصر والقائد الاسلامي الذي هزم التتار على ارض فلسطين حيث ظهر التفوق الدرامي السوري من حيث الكتابة والاخراج والتمثيل وتنفيذ المشاهد.

ويشير الناقد عادل عباس الى «التحدي الذي شكلته مشاركة عدد من المخرجين والفنانين العرب خصوصا من السوريين واللبنانيين في الدراما المصرية.. لم تأت بخيار مصري رسمي بل فرضها بالاساس انتاج رأس المال الخاص الذي يسعى الى الربح واصبح هذا الحضور يشكل تنوعا يستطيع عبره زيادة ارباحه من خلال جودة المنتج الذي فقدته الدراما المصرية».

وتشير الشافعي الى ان «تدني مستوى الدراما المصرية في السنوات الاخيرة ادى في الاعوام الاخيرة الى قيام الجمهور بادارة ظهره لهذه الدراما» وفقا لوكالة أ.ف.ب.