سهرات لبنان: حركة اجتماعية وترفيهية ناشطة

على الرغم من اختفاء الخيم الرمضانية

لرمضان مكانة خاصة في مشاريع الشباب الترفيهية والمسائية
TT

لم تختلف يوميات اللبنانيين ولياليهم الرمضانية هذا العام كثيرا عن السنوات السابقة رغم الأوضاع الأمنية والسياسية المتردية التي يعيشها بلدهم. إذ مهما تبدلت الأمور يبقى للشهر الفضيل خصوصيته في ذاكرة اللبنانيين وحياتهم اليومية التي تتبدل تفاصيلها بشكل تلقائي مع حلول هذا الشهر.

فبعد ان تكاد تخلو الشوارع في فترة المغرب تعود لتكتظ بعد الافطار، وتنشط الحركة كما كانت عليها ساعات النهار. التجمعات الرمضانية تتوزع على أماكن متعددة تحمل في مجملها الطابع الرمضاني الذي يسمح للصائمين أن يتمتعوا بأوقاتهم المسائية في انتظار حلول موعد السحور. كورنيش المنارة على الشاطئ البيروتي الذي لا تقتصر زيارته عادة على شهر رمضان، اصبح مقصد العائلات ليمضي أفرادها سهراتهم قبالة البحر، خصوصا أن الطقس لا يزال حارا الى حد ما في هذه الفترة، لذا حظي بحصة كبيرة هذا العام في برنامج قاطني بيروت الذين يجدون فيه منفذا يريحهم من هموم الحياة وضغوطها، ويستفيدون في الوقت عينه من امكانية الترفيه «الرخيص» الذي لا يكلفهم إلا القليل مقارنة بأماكن السهر الأخرى، حيث تنظم البرامج الفنية ووجبات الإفطار والسحور.

لكن يمكن القول إن الخيم الرمضانية التي انتشرت في السنوات السابقة في لبنان تراجعت أعدادها بشكل ملحوظ، واكتفى أصحاب المطاعم باجراء بعض التعديلات على البرامج اليومية بما يتلاءم مع متطلبات الشهر الفضيل؛ إذ يفضل العديد من الناس زيارة هذه الأماكن والاستمتاع بالأجواء الرمضانية خارج المنزل ولو مرة واحدة في الاسبوع، غالبا ما تكون خلال سهرة يوم السبت. ولرمضان مكانة خاصة في مشاريع الشباب الترفيهية والمسائية بشكل خاص، إذ لا غنى عن اللقاءات التي تمتد الى موعد السحور، وتتخللها نشاطات متنوعة. وبينما يفضل البعض ممارسة رياضة كرة القدم أو كرة السلة، يقصد البعض الآخر المقاهي بنوعيها التقليدي والحديث؛ ففي حين يعتبر الأول مكانا خاصا يجتمع فيه الرجال فقط ولاسيما الكهلة منهم ليتسلوا بلعب الورق وطاولة النرد، طوّر النوع الثاني بما يتلاءم مع الحياة الشبابية وأجوائها المرحة، وهي تحولت بذلك الى مقاه يسهر فيها الشباب والفتيات حتى ساعات الصباح الأولى، يدخنون النرجيلة ويستمعون الى عازف العود الذي يكثر وجوده في هذه الأماكن خلال شهر رمضان. وتشكل محلات الحلويات والأفران التي تبدّل مواقيت عملها من النهار الى الليل، محطة مهمة في سهرات اللبنانيين الرمضانية وخصوصا الشباب الذين لا يمكنهم الاستغناء عن الفطور فيتناولون المناقيش والكنافة أو حتى الفول المدمّس وغيرها من الأطباق التي اعتادوا تناولها في وجبة الفطور.

وفي حين يرى العديد من اللبنانيين في سهرات رمضان فرصة للخروج والاستمتاع بالحياة الليلية التي تسود أجواء هذا الشهر، يفضل البعض الآخر البقاء في المنزل وتمضية الوقت أمام شاشة التلفاز ومتابعة البرامج التي تتسابق على عرضها المحطات التلفزيونية، وإذا قرروا الخروج فلا يجدون أمامهم إلا زيارة الأقارب والجيران، حيث تتوزع المجموعات بين الرجال الذين يتسلون بلعب طاولة النرد أو الورق، وبين النسوة اللواتي يتفرغن لمناقشة مسلسلات العام وإبداء الآراء بشأنها.