صلاة التراويح والفضائيات أنقذت المراكشيين من فكاهة رمضان

برامج نجحت في إثارة السخط وفشلت في انتزاع الابتسامة

ملصق اعلاني لأحد الأعمال الفكاهية على التلفزيون المغربي («الشرق الأوسط»)
TT

المراكشيون غاضبون من مستوى الأعمال الفكاهية التي تقدم على القناتين التلفزيونيتين المغربيتين، خلال شهر رمضان الكريم. فمراكش المعروفة بمدينة البهجة، يشتهر سكانها بروح النكتة والدعابة، ومن الصعب ان يقبلوا أيَّ شيء، إذ يقال إن مؤسس مراكش، يوسف بن تاشفين، «تحرى بواسطة منجميه وضع أول حجر من تأسيس بنائها في برج العقرب، الذي هو برج الغبطة والسرور، لتبقى دائماً دار سرور وحبور. وذاك السر في كون روح الدعابة تغلب على سكانها وتفيض من بين أركانها»، ولذلك أعطيت لقب البهجة.

وكسائر المغاربة، يتحلَّق المراكشيون، بعد أذان وصلاة المغرب، حول موائد الطعام الملونة بشتى أصناف المأكولات، فيما أبصارهم مشدودة إلى جهاز التلفزيون. ولأن الإفطار عادة ما يكون فرصة لحمد الله وشكره على نعمه، فإن المراكشي يحرص على أن يكون انشراحه وإقباله على الطعام أمامه مفتوحاً على البهجة والابتسامة، في وقت اختار فيه التلفزيون المغربي، بقناتيه، أن يدفع بفواصل ووصلات إعلانية تجمع مسحوق الغسيل ببطاقات الهاتف وأنواع الشاي والسيارات والزيوت والشقق السكنية والمشروبات الغازية، قبل أن يمرر أعمالاً فكاهية أثارت انتقادات المشاركين فيها قبل المتلقين العاديين والنقاد، وذلك بالنظر إلى مستواها الهزيل الذي لم يقنع أحداً.

ومع الأيام الأولى من الشهر الكريم، اقتنع المغاربة بأن فكاهة رمضان ستكون متواضعة حالها حال السنوات الماضية. وكان لافتاً أن الصحافة المغربية، على اختلاف مشاربها وتوجهاتها، خرجت بعناوين وتعليقات عليها غطت في بعض الأحيان على أخبار وعناوين ارتفاع الأسعار وأزمة الخبز ومهمة عباس الفاسي، رئيس الوزراء المعين المكلف تشكيل الحكومة.

ولعل من أطرف، وربما، أغرب ما صاحب المستوى المتواضع للفكاهة المغربية أن النقاد، لم يكن أمامهم سوى العودة إلى تعليقاتهم وآرائهم ومقالاتهم السابقة، مغيرين اسم العمل الفني السابق باسم العمل الفني اللاحق ومستبدلين اسم «نجم» أو أسماء «نجوم» رمضان السابق باسم «نجم» أو أسماء «نجوم» رمضان الحالي، مع إضافة بعض الشدّة في النقد، ما دامت الأعمال الفنية لم تتغير، فلم تتغير المقالات والآراء السابقة؟ يقول جلال المتصدق، وهو موظف، إنه «على الرغم من أن المشاهدين حانقون، فإن المسؤولين على الإعلام والفن في البلد لم يحركوا ساكنا.

ومن حسن الحظ أن هناك الفضائيات، ومن نعم الله، كذلك، أن هناك صلاة التراويح التي تخلص الكثيرين من هزال ما يعرض». ولخص سعيد، نادل مقهى بشارع جليز، واقع الفكاهة المغربية خلال شهور رمضان المتتالية، بقوله «كل سنة يزداد المنتوج الفني رداءة، وبعد أن كنا ننتظر أن نتفكه بما يقدم، بعد الإفطار، صرنا نتفكه على ما يقدم»، قبل أن يضيف، ضاحكاً، «لا أحد يلومنا لأننا هربنا إلى الفضائيات».

ولم يستسغ أحمد بن اسماعيل، وهو فنان تشكيلي وفوتوغرافي، أن يواصل التلفزيون المغربي بقناتيه عرض الهزيل من الأعمال الفنية، فقال إن «ما يقوم به التلفزيون يعطي انطباعاً بأن الساهرين عليه لا تهمهم آراء «المشاهدين الكرام»، ففكاهة رمضان تبدو كما لو أنها برمجت للضحك على المشاهدين وليس لإضحاكهم والتخفيف عنهم. واللافت أن المشاهد وجد نفسه في حيرة مضاعفة لم تسعفه في التفريق بين الوصلات الاعلانية والأعمال الفنية، حتى أنه صار يستحسن، في كثير من الأحيان، الإعلان أكثر من الأعمال الفنية، أو يتيه بين «العمل» الاعلاني و«العمل» الفني، ما دام «النجم» يصرخ هنا وهناك». وأضاف بن اسماعيل أن الفكاهة المقدمة على شاشة الإفطار «تافهة»، و«إذ لم يعد سهلاً إضحاك المغاربة، فإنه لم يعد أيضا من اللائق اعتماد مواضيع عفى عنها الزمن.