البرقع في الهند .. موضة

من الشيفون والجورجيت أو الكريب وتصل قيمته لما بين 400 و 500 دولار

تنتعش صناعة البراقع والحجاب في دول آسيا عموما، ويزيد الإقبال عليها اكثر قبيل العيد (رويترز)
TT

يطول الحديث عن البرقع الذي ترتديه النساء ويتشعب في أكثر من بلد في القارة الآسيوية. وتتفاوت درجات الاهتمام به من منطقة إلى أخرى، من إقليم إلى إقليم في البلد الواحد. فبعد عقود من عودة البرقع الذي فرضته حركات متطرفة بالقوة، صار النظر إليه يختلف ولا يكاد يكون اتفاق حوله. ففيما يراه البعض «التزاما» دينيا بحتا، ينظر كثيرون إليه على أنه صورة من صور العبودية القديمة التي تريد ان تلغي المرأة. وتأتي فئة كبيرة لتتعامل مع البرقع كـ «موضة» جميلة وجذابة.

والحال، فإن البرقع التقليدي الذي تستخدمه النساء المسلمات لتغطية وجوههن وأجسادهن صار «موضة» في الهند. وبدأت النساء في خلط البراقع التقليدية بالحديثة. ويتم تفصيل وخياطة تلك البراقع الطويلة طبقا لأحدث الموضات، وباستخدام اقمشة ملونة ومرصعة بالخرز والترتر.

وفوق ذلك بدأت العباءات التقليدية القديمة المفصلة من قماش قطني سميك او من قماش حرير عادي، والمتوفرة فقط باللون الاسود وحده، في الاختفاء او انحصر استخدامها لدى النساء الكبيرات في السن والفقيرات.

ويصنع البرقع «الموضة» من الشيفون والجورجيت او الكريب. وبالرغم من وجود ثاني اكبر تجمع اسلامي في العالم في الهند بعد اندونيسيا، حيث يوجد 165 مليون مسلم، اصبح البرقع موضة اكثر من كونه رمزا دينيا ولاسيما بين الشابات المسلمات.

وقال مهاد صديق، الذي يعمل في صناعة البراقع «لم يعد البرقع ذلك الشكل الممل الكئيب. لقد أصبح تعبيرا عن الموضة لكي يستمر طلب المستهلك، ونحن نضع تصميمات معينة ونستخدم الكومبيوتر طبقا لطلبات عملائنا. وقال صديق إن البراقع تصنع خصيصا للزبونات، ويجب طلبها مسبقا. وكشف ان بعض البراقع تصل قيمتها الى ما يتراوح بين 400 و 500 دولار.

وتجدر الاشارة الى ان ارتفاع الاسعار يرجع الى الطلب على الكريستال المطرز الذي يشترى من دول مختلفة مثل النمسا وتشيكيا وسلوفكيا. وتستورد الاقمشة المستخدمة لبراقع المصممين من دبي وماليزيا. والحد الادنى لسعر البرقع في محله 80 دولارا.

وتقول غزالة خان، التي ترأس مؤسسة كير انديا، ان هذا الاتجاه يظهر ان النساء المسلمات يردن التقدم مع الزمن.

وتؤيد نصرت بانو روحي، وهي ناشطة في مجال حقوق الانسان، وجهة النظر تلك. وقالت ان «براقع المصممين تبدو اكثر جاذبية ولم تعد رمزا لاضطهاد النساء».

لكن ثمة من لا تعجبه تلك التصميمات. فقد قالت الكاتبة راضية حميد التي قالت ان «براقع المصممين قضت على الهدف الاصلي (...) الحجاب ضروري للمرأة المسلمة لأنه يحميها من لفت انتباه الرجال إليها، ولكن التصميمات العصرية والجميلة تجذب انتباه الرجال».

ويقول فياض ادريس، صاحب محل لبيع البراقع، في سوق مينا بمدينة لوكنو، ان الطلب على البراقع الملونة أكبر بين طالبات الجامعة. وتقول صابرينا، وهي طالبة ادارة تعيش في منطقة اسلامية محافظة من مدينة لوكنو: درست في الكلية لسنوات كثيرة وأنا ارتدي البرقع الأسود. وأعتبر البرقع مريحا لكبار العائلة لأنهم ينظرون اليه كشيء اساسي في الاسلام. ولكنني اشعر بارتياح اكبر مع برقع المصممين. وتريد كل امرأة ان تبدو انيقة، وارتداء الثوب الأسود البسيط نفسه كل يوم سيجعلني غير مختلفة ولذلك فإنني سعيدة بوجود طائفة متنوعة من الألوان والتصاميم من أجل تلبية كل الحاجات».

وتعتبر اسمى وهاب، الطالبة التي تبلغ 20 عاما، ان «الحجاب الأسود يمثل لباسا يفرضه الآباء علينا، ولكن برقع المصممين يمثل خيارا نمارسه». فهل الحجاب يحرر المرأة من نظرة المجتمع الجنسية، ويجعلها متحررة لكي تستكشف امكانياتها بما يتجاوز الوجود الجنسي او الجسدي؟ أم أن الحجاب يسجن المرأة ويلغي مكانها في العالم الحديث؟ هل يطلب الاسلام من المرأة ان ترتدي الحجاب ؟ ليست هناك اجابات واضحة على مثل هذه الأسئلة وأخرى مثيلة. وارتباطا بهذا الجدل تعتبر الشابات في كشمير، وهي الولاية الوحيدة ذات الأغلبية الاسلامية في الهند، الحجاب تعبيرا عن الموضة.

وبدأت ريحانة خان، 26 عاما، تتباهى بالحجاب بعد أن نفذت الجماعات الاسلامية المتطرفة سلسلة من الهجمات بالحمض على نساء مسلمات كشميريات لإرغامهن على ارتداء البردة. وتعتقد ريحانة أنها وجدت «طريقا وسطا» من أجل ان يبقى تعبيرها عن الموضة سليما وتحقق في الوقت نفسه حماية لنفسها من المتطرفين، اذ ارتدت الحجاب الملون. وتقول «ان حجاب المصممين يغطي جسمي كله وأبدو أنيقة وعصرية في ذات الوقت». والحقيقة ان عدد النساء اللواتي يخترن الحجاب الأسود التقليدي قد انخفض الى حد كبير.

كما أن هناك طلبا على براقع المصممين من جانب النساء الهنديات المسلمات اللواتي يعشن في دول الخليج، لأن ارتداء البرقع تقليد متوارث هناك، والمسلمون الآسيويون عادة يتبنون الثقافة التي وجدوا آباءهم عليها.

وقد دخلت نادرة خان، وهي مصممة أزياء شابة متخرجة من معهد التصميم في دلهي، الى عالم براقع المصممين. وهي تقول انه «على الرغم من انني سأصمم ازياء اخرى أيضا ولكن هذا التعبير الجديد عن الموضة يبرهن على أنه يحقق ارباحا بالنسبة لي. وسأبدأ قريبا فتح محل لحجاب المصممين وأحاول ان اجعله أكثر ابداعا آخذة في الحسبان الحفاظ على الناحية التقليدية. وذكرت نادرة أنه «بالنسبة لمناسبات مثل الزواج تفضل النساء الحجاب الذي يعتبر تصميمه باهظا. ويمكن أن تكلف مثل هذه البراقع احيانا ما يزيد حتى على بدلات الزفاف نفسها».