انطلاق بينالي الشعر العالمي في مدينة ليبج البلجيكية

شعاره «الشعر فاكهة محرمة».. وأسئلة عن خطره الداهم على الطغاة

TT

تحت شعار «الشعر فاكهة محرمة»، انطلقت في بلجيكا مساء أمس (الخميس) اعمال الدورة الخامسة والعشرين للبينالي العالمي للشعر، التي تستمر على مدى ثلاثة ايام من الرابع الى السابع من الشهر الجاري. ويستضيف البينالي قصر المؤتمرات بمدينة لييج، التابعة للقسم الوالوني الناطق بالفرنسية في بلجيكا، التي تقع في البقعة السحرية من البلاد، حيث الحدود المشتركة مع عدد من الدول المجاورة، وهي المانيا وفرنسا وهولندا ولوكسمبورغ.

وينعقد البينالي تحت الرئاسة الشرفية للملكة فابيولا زوجة ملك بلجيكا البرت الثاني، والرئاسة الفعلية للشاعر الاسكوتلندي المقيم في فرنسا كينيث وايت. ويشارك ضمن هذا المهرجان الشعري، الذي يعقد مرة كل سنتين، ما يربو على 200 شاعر وشاعرة قادمين من 50 بلدا من مختلف انحاء العالم. ويشارك خلال هذه الدورة من الشعراء العرب، الشاعر اللبناني صلاح ستيتيه والتونسي عبد العزيز قاسم والجزائرية حواء الجبالي والشاعر والمترجم العراقي صلاح نيازي والأردني طاهر رياض والعراقي هاتف الجنابي والمصري رفعت سلاّم والمغربي طه عدنان، بالإضافة إلى الشاعر والناقد التونسي جلال الغربي.

وحسب ادارة البينالي، تنقسم هذه الدورة إلى ورشتين، تنشغل أولاهما بمسألة مقولة «الشعر للجميع»، فيما تقارب الثانية أطروحة «الشعر والكشف».

وتقول اللجنة المشرفة على المهرجان في «الافيش» الخاص به، إن الشعر هذه الفاكهة المحرمة، أنضج تعبير عن الحرية. ولهذا فقد عانى الشعر ومعه الشعراء من شتى ألوان الاضطهاد الذي مارسته قوى الاستبداد عليهم على مرّ العصور. وتسعى ورش البينالي الى الاجابة على عدد من الاسئلة المهمة بهذا الصدد ومنها: ما هو الخطر الداهم الذي قد يشكله الشعر على السلطة؟ ولماذا يظل الشعر مستعصيا على الجمهور العريض؟ أيّ الحواجز والمعوقات تنتصب في وجه الشعر على المستويات النفسية والتربوية والتكنولوجية؟ كيف السبيل إلى إسماع صوت الشاعر للجميع؟ أوليس من واجب الشاعر العمل على إدخال إنسان القرن الواحد والعشرين إلى الشعر؟

وحسب ديباجة المهرجان، فقد اختير لأعمال الدورة الحالية عنوان رئيسي وهو، «الشعر فاكهة محرمة»، وعنوان فرعي هو «الشعر بين الانفتاح والمقاومة».

ويقول الشاعر المغربي المقيم في بروكسل طه عدنان، إن الجديد في المهرجان، في دورته الحالية، أنه يدعو الى ان يخرج الشعر الى الساحات العامة والى المقاهي والا يقتصر الامر على القاعات وقصور المؤتمرات، وانما فتح الشعر على جمهوره الواسع والعريض. وبمعنى آخر الخروج بالقصيدة الى فضاء أرحب. ويضيف عدنان «يعتقد البعض ان الزمن الآن هو زمن الرواية وليس زمن الشعر، في حين ان الشعر حاضر في كل شيء ابتداء من الاشهار، ولولا شعرية هذه الوصلات الاشهارية لما حققت نجاحات، وهناك ايضا شاعرية السينما ونجدها واضحة في بعض المشاهد، اذن الشعر مؤثر في كل اشكال الابداع والمتعة الوجدانية والرؤية البصرية، ومن حسنات الشعر انه قادر على الانخراط في اشكال التعبير الانساني». وحسب ادارة المهرجان، ستقام خلال اعمال الدورة الحالية ندوات ونقاشات وقراءات شعرية وأنشطة أخرى عديدة، محورها الشاعر وجوهرها القصيدة، إذ تأتي لتعرض هذه الفاكهة المحرمة على الجمهور في أكثر من مكان عام بالمدينة، حتى لا تبقى القصيدة سجينة الكتب المدرسية ومنتديات الأدب. وتقول مديرة المهرجان موسيا هولو ـ وهي شاعرة وفنانة تشكيلية ـ انها تعمل بوفاء لزوجها مؤسس البينالي، من أجل أن يستمر مصحوبا بنفس الوهج العالمي، ويظل محافظا على هذا التقدير والرعاية من الشخصيات المهمة واصحاب القرار، خاصة أن الملكة فابيولا ترعى المهرجان، الذي يعتبر من المهرجانات القليلة في بلجيكا المعترف بها من جانب اليونسكو، ونعمل من أجل أن يظل مهرجانا شعريا مرجعيا.

ويذكر أنه في ختام كل دورة تمنح الجائزة الكبرى للبينالي لشاعر معاصر تتويجا لعطائه الشعري. وسبق أن منحت الجائزة لشعراء كبار من أمثال الشاعر الفرنسي سان جون بيرس والمكسيكي أوكتافيو باز والسنغالي ليوبولد سنغور واليوناني يانيس ريتسوس والسوري علي أحمد سعيد (أدونيس). أدونيس الذي سبق له أن ترأس البينالي سنة 1996، إلى جانب عدد من شعراء العالمين العربي والإسلامي، كالمصرية أندري شديد سنة 1984 والسنغالي سنغور سنة 1986 واللبناني صلاح ستيتيه سنة 1988 والألباني إسماعيل قدري سنة 1992 والتونسي عبد العزيز قاسم سنة 1994 وأخيراً المغربي عبد اللطيف اللعبي في 2005.

يشار إلى أن هذا الملتقى الشعري العريق عرف تأسيسه بمدينة كنوك الفلامنية في مطلع خمسينات القرن الماضي على يد الشاعر البلجيكي الراحل أرتور هولو، الذي ظل يرأس البينالي حتى وفاته قبل أزيد من عامين. وواصل البينالي انعقاده في كنوك الناطقة بالهولندية حتى عام 1979 لينتقل بسبب مشاكل لغوية إلى لييج الفرانكوفونية، حيث تدور أشغاله باللغتين الفرنسية والإنجليزية.