الرجل الذي غير «ثقافة» السفر

وفاة توني رايان صانع «رايان إير» أكبر شركات الطيران مخفوضة التكاليف

TT

سوف يتذكر عشاق السفر على طائرات «رايان اير»، اكبر شركات الطيران الاوروبية رخيصة التكلفة، ولوقت طويل، مؤسسها د. توني رايان، الذي توفي امس الاول في بيته في كو ـ كلدار في ايرلندا، عن واحد وسبعين عاما، بعد 18 شهرا من الصراع مع سرطان البنكرياس. وقصة توني، الرجل الذي غير ثقافة السفر ككل بجعله متاحا لكل الطبقات، قصة نجاح بكل المقاييس، فقد بدأت قبل 23 عاما تقريبا، بطائرة واحدة صغيرة تضم 15 مقعدا فقط ، من مطار واتفورد في جنوب شرقي ايرلندا لتهبط بعد حين في مطار غاتويك جنوب لندن. في ذلك اليوم، لم تكن الطائرة وحدها التي حلقت تلك المسافة الطويلة، نسبيا، لطائرة صغيرة بحجمها وطرازها، بل حُلم رجل، حَلم بما لم يخطر على بال آخرين. فقد كانت تلك الرحلة اول مؤشر على ولادة شركة «رايان اير» وتجسيدا لحلم رجل تحدى شركات الطيران العملاقة ووجد طريقا لشركته، ربما رفيعا او ضيقا، لكنه في عالم الاعمال كان عريضا بما يكفي لتحقيق نجاح تاريخي. فمصادر الشركة التي خلفها توني على مدرجات المطارات وفي اجواء اوروبا، تخطط لنقل 52 مليون مسافر خلال العام المقبل.

يقول مايكل لوليري، الرئيس التنفيذي للشركة، في «رثاء» صديقه توني «ان العمل (معه) يعد امتيازا، وكذلك التعلم منه. سوف افتقد توجيهاته، وتشجيعه وصداقته. ونحن مصممون بفخر واعتزاز على ان تبقى (رايان اير) حاملة لاسمه».

ولد توني رايان عام 1936 في مدينة ثيرليس الآيرلندية، وتميز كرجل اعمال نشط منذ بداية شبابه. وقد امضى سنواته الأولى في عالم الاعمال مع شركة «الخطوط الجوية الوطنية الايرلندية»، المعروفة بـ «اير لنغوس»، ومقرها العاصمة الايرلندية دبلن. وتمتلك الشركة اليوم 41 طائرة ايرباص تعمل على الخطوط الجوية بين اوروبا وافريقيا وشمال اميركا والشرق الأوسط، تمتلك الحكومة الايرلندية 28% من قيمتها. بقي توني يعمل مع الشركة حتى عام 1975، حين اسس في مدينة شانون بجنوب ايرلندا، شركة لتأجير الطيران وتمويله باسم «غينيس بيت افييشن». وقد احتلت الشركة مكانة عالمية، قبل ان تطرح للبيع في الاسواق المالية عام 1992، وتتقدم شركة «جنرال إلكتريك» لشرائها في العام التالي 93.

وكان رايان قد اسس خلال تلك الفترة، وتحديدا في عام 1985، الشركة التي حملت اسمه «رايان اير». وقد منيت الشركة بخسارة في سنواتها الأولى قبل ان يطلق رايان نموذجها رخيص التكلفة، ويوكل الى مساعده مايكل اوليري، الذي يحظى بثقته، مهمة انجاحها. وقد اتخذت الشركة من دبلن مقرا لها، بينما جعلت من مطار «لندن ستانستد» البريطاني منطلقا لأكبر رحلاتها الجوية.

وتعتبر الشركة الآن، اكبر شركة نقل جوي رخيص في اوروبا، وهي واحدة من اكبر وأكثر الخطوط الجوية الدولية نجاحا، على مستوى تحقيق الفوائد، ومن حيث عدد ما تملك من طائرات، وكذلك عدد المسافرين على متن طائراتها، وهي الثالثة بين شركات الطيران الاوروبية في هذا المجال، أي عدد المسافرين. ومنذ 31 يوليو (تموز) الماضي، اصبحت الشركة تعمل على 516 خطا جويا تمر بـ 26 بلدا منطلقة من 23 مطارا.

رحل د. توني، الذي غير «ثقافة السفر، وشجع غير القادرين عليه على التنقل والترحال والتعرف على ثقافات الغير أو فقط الاستمتاع بالشمس»، وخلف اسطولا سيبقى يحلق في الاجواء التي حلقت فيها خلال سنوات عمره بمتاعبها وما جمعته من ثروة وما تلقته من انتقادات، وتثمين وشهرة ووجع رأس للكثيرين ايضا.