الأزياء الشعبية في نجران غلبت الماركات العالمية

يعتبرها الآباء صورة ممتدة بين الأجيال ليبقى عبق التاريخ في ملابسهم

شبان يرتدون الزي النجراني ويشاركون في أحد الاحتفالات الشعبية («الشرق الأوسط»)
TT

بعيدا عما تجود به مصانع ماركات السادة «روبيرتو كافالي» و«غوتشي» و«شانيل» وغيرها من الماركات العالمية التي يفضل ارتداءها الشباب في مساءات المناسبات الاحتفالية، فإن أهل نجران ظلوا على الدوام يفضلون تكريس ثقافة «الزي التراثي» في احتفالات الأعياد بتعويد أطفالهم على ارتداء الأزياء الشعبية التي تعكس قرونا ممتدة تميز سكان المنطقة عبر سلسلة ممتدة من العادات والتقاليد يحرصون عليها كماركة مسجلة باسم «التاريخ».

وفي الوقت الذي يبدو فيه المشهد مألوفا بأن تزدحم محلات الماركات العالمية في المدن الكبرى بالمئات من العائلات وهي تشتري لأطفالها أحدث ما أنتجته خطوط الموضة العالمية، نجد في الأسواق النجرانية أن اتجاه الأسر تركز نحو الأسواق «التاريخية»، خاصة في ما يتعلق بالأطفال، إذ يفضل الآباء أن يشتروا لأبنائهم ما يسمى شعبيا بـ«المذيل»، وهو يشبه الثوب الوطني، غير أن أطرافه الخاصة باليدين أكثر طولا ويمكن ربطها ببعضهما البعض، إضافة للأحزمة الجلدية التي كان الأولون من الأجداد والآباء لا يسيرون الا بها، وتستخدم لحمل الأسلحة والرصاص.

وتتشابه مدن وقرى الجنوب الغربي من البلاد في عادة تشجيع الأطفال والشبان الصغار على ارتداء الأزياء الشعبية، وإن اختلفت تلك الأزياء في فروق بسيطة. وحول ذلك يقول سالم بن حامد، بينما كان يقيس لطفله ثوبا تراثيا، إن حلمه كان أن يتزوج ذات يوم ليرى طفله الصغير يشاركه فرحة العيد، وهو يرتدي ما يعبر عن تراث أجداده ويذكره بأيام جميلة. تلك الرؤية الفنية، النابعة من النفس وأشواقها، تكشف عن القيمة التي يشكلها ارتداء الزي التراثي في مناسبات الأعياد أكثر من غيرها. ويقول بن حامد «لا يشعر بالصورة سوى الأب، وهو يرى طفله الصغير يكبر على عادات أجداده.. على الأقل أنت تواجه غزو الماركات والفضائيات بيوم خال من الصناعة المستوردة».

ومما يعطي لهذه الأزياء رونقا مختلفا، ما يشير إليه راشد اليامي، وهو صاحب محل لبيع الملابس التراثية، إذ يقول إن هذه الملابس «تترافق واحتفالات شعبية تتطلب شكلا معينا للتفاعل معها، وتنسجم وتلك العروض الشعبية، واحتفالات الخيول في بعض الميادين»، مضيفا «أبيع وأستمتع أكثر عندما أشاهد إصرار الأطفال على ارتداء هذه الملابس، مفضلين إياها على أنواع أخرى من الثياب المصنعة خارجيا وتحتل مساحة من محلي للتعاطي مع متطلبات السوق، بعد أن أصبح البيع في نشاطي الأساسي موسميا».

من جانب، أوضح محمد بن ناصر آل مردف، مدير جمعية الثقافة والفنون في منطقة نجران، أن ثمة برامج تستهدف كل شرائح المجتمع، خاصة في العيد، مشيرا إلى أن لجانا مختلفة شاركت في احتفالات أهالي نجران التي نظمتها الإمارة مساء أول أيام العيد على ملاعب إدارة التربية والتعليم. ويذكر أن أكثر من فقرة حازت اهتمام الناس ولفتت إليه الكبار والصغار.. فقرات فنية شعبية أدتها فرق الفنون الشعبية التي قدمت الألوان الشعبية المشهورة في منطقة نجران. وبدا أن فعاليات عيد الفطر هذا العام، كانت أكثر تنظيما، عوضا على الجهود الفردية التي كانت في السابق، والتي كان اقامتها مرهونا بتوفر تمويل مالي يسمح بإقامة عروض للخيول واحتفالات شعبية على مدى 5 أيام.