المصممة دوناتيلا فيرساتشي: هذه نصائحي لتحسين صورة هيلاري كلينتون

اقترحت عليها ألوانا فاتحة وأحذية بكعوب ناعمة

هيلاري قبل التعديل.. صور التقطت لها في السنوات 1997 و1999 و2004 تظهر فيها بحواجب إما كثيفة جدا أو رفيعة جدا، وألوان احمر شفاه غير موفقة لأنها لا تتماشى مع لون شعرها وبشرتها
TT

هي، كانت سيدة البيت الأبيض الاولى وقد تصبح أول رئيسة للولايات المتحدة. والثانية سيدة دار فيرساتشي الأولى وترأس إمبراطوية أزياء عالمية.

لكن ربما هذا هو القاسم الوحيد الذي يربط بين هيلاري كلينتون وبين دوناتيلا فرساتشي، وما عدا هذا، فهما تختلفان اختلاف الليل والنهار، سواء من حيث النشأة والبيئة أو الظروف والتوجهات وأسلوب الحياة وأسلوب المظهر.

فبينما الأولى كلاسيكية، ليس بحكم سنوات عمرها فحسب، بل بسبب توجهاتها وطموحاتها، فإن الثانية جريئة وتنتمي إلى الدار التي كانت مسؤولة في الثمانينات عن نشر ثقافة «إذا كانت لديك الإمكانيات المادية والجسمانية، فاستعرضها ولا تخجل».

فأخوها، الراحل جياني فرساتشي هو الذي شجع المرأة على الكشف عن مفاتنها الأنثوية والتزين بكل ما غلا ثمنه وثقل وزنه من الذهب، والكل يعرف ان دوناتيلا الأخت، كانت ملهمته بأسلوبها المتمرد الذي كان يتميز باسلوب راكبي الدراجات النارية من حيث حبها للجلد وتصميماته الضيقة.

لذلك عندما تشير هذه الأخيرة الى انها يمكن ان تساعد هيلاري كلينتون على تحسين صورتها وتحسين ذوقها في اختيار أزيائها، فإن الأمر لا يدعو إلى الاستغراب فحسب، بل إلى التساؤل عن مدى توازن دوناتيلا، وما إذا كانت تريد بهذه التصريحات إثارة الانتباه إليها، هي التي لا تحتاج إلى الاضواء، أم أنها فعلا تعتقد انها يمكن ان تساعد ستينية مثل هيلاري كلينتون على اختيار ازيائها وماكياجها، وتستطيع ان تتحكم في جموحها «الإبداعي» بأن تراعي احتياجاتها ومكانتها؟ وتعيد تصريحات دوناتيلا فيرساتشي للأذهان المصممة البريطانية فيفيان ويستوود، التي لا تقل عنها جنونا وفنونا، والتي تشتهر بأسلوبها الذي يجمع بين الأناقة الراقية وأسلوب البانكس المتمرد، وقولها بأنها تحلم بأن تتولى تصميم ملابس المستشارة الالمانية انجيلا ميركل، مصرحة في حديث مع مجلة ستيرن الألمانية: «اذا كانت ميركل تريد ان تلبس من تصميماتي فإني سأقطع لها وعدا بان تكون ملابسها انيقة ورصينة وتوحي بالقوة والنفوذ».

وكانت ويستوود ايضا تعتقد بانها تستطيع تغيير مظهر ميركل من كونه بسيطا وعمليا وجعله «شيك» على طريقة رئيسة الوزراء البريطانية السابقة، مارغريت ثاتشر، التي كانت بالنسبة لها أيقونة موضة متميزة بكلاسيكيتها، حتى وإن لم تكن تتفق مع سياساتها كونها كانت من أشد المتحمسات لحزب العمال حتى عهد قريب عندما صرحت بأنها مستاءة جدا منهم ومن سياساتهم في العراق وغيرها، مما سيجعلها تصوت لأول مرة في حياتها لصالح حزب المحافظين. والطريف أن مارغريت ثاتشر، أو بالأحرى مظهرها، كانت ايضا ملهمة للعديد من المصممين، نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر الشاب، مارك جايكوبس الذي أطلق منذ سنوات موضة التايورات والقميص الذي يعقد حول العنق مثل الربطة أو الوردة، مما يشير إلى ان السياسيين والسياسيات قد ينافسون النجوم مستقبلا في خطف الاضواء ليس في الإلهام فقط بل على السجاد الأحمر وفي الحملات الدعائية للأزياء ومستحضرات التجميل، لا سيما وأن رئيس الاتحاد السوفياتي السابق، غورباتشوف فتح الباب على مصراعيه أمام آخرين، عندما ظهر في إعلان ترويجي لدار «لوي فيتون» الفرنسية مؤخرا. من النصائح التي تبرعت بها دوناتيلا فيرساتشي للسيناتورة هيلاري كلينتون ان تتخلى عن التايور، لأنه يجعلها تبدو قاسية وجادة اكثر من اللزوم، وان تتبنى الفستان الناعم بقماش خفيف مثل الجيرسيه بألوان قوية ومتوهجة، مثل الأزرق والبنفسجي الغامق لكن أن تتجنب الأحمر والألوان الخفيفة، لأنها لا تتماشى مع الشعر الأشقر. بالنسبة للاكسسوارات قالت إنه يتعين على هيلاري ان تبتعد عن الأحذية ذات الكعوب العريضة وان تستعيض عنها بأحذية بكعوب صغيرة وناعمة مع جوارب نايلون شفافة. ورغم ما قد تثيره تصريحات دوناتيلا فيرساتشي من استغراب أو استنكار، فإن الحقيقة التي لا يختلف عليها اثنان، انها لم تقل شيئا جديدا، لا تعرفه هيلاري كلينتون ولم تستغله في حملاتها الأخيرة. فشتان بين صورة تلك المحامية ذات النظارات السميكة والشعر المنكوش، أو سيدة البيت الأبيض ذات التايورات المحددة والصارمة ذات الألوان الداكنة والاكسسوارات الكلاسيكية إلى حد الملل، وبينها اليوم. فكل شيء فيها الآن ينطق بالنعومة، سواء ابتسامتها الجذابة، التي يعود الفضل فيها لأسنانها المنظومة وألوان أحمر الشفاه الموفقة، أو ملابسها الأنيقة أو قصة شعرها القصيرة بغرتها الجذابة التي تعمد أحيانا إلى رفعها عن جبينها. وكلها تغييرات إيجابية ومدروسة تراعي صورتها ككل، وتؤكد أن رغم ما للسن احكام، إلا أنه لا يتعارض مع الأناقة، على شرط عدم المبالغة. لهذا جاء التغيير تدريجيا وبشكل هادئ، ركزت فيه على التصميمات الكلاسيكية التي تراعي مقاييسها الجسمانية وتخفي عيوبها، مع تركيزها على الالوان الفاتحة إلى حد التوهج أحيانا، والتي اختارتها، ليس بمحض الصدفة، بألوان الأحجار الكريمة على اختلاف درجاتها، بدءا من الازرق الفيروزي إلى الوردي المرجاني والأخضر الزمردي، لأنها ألوان الموضة من جهة، ولأنها تعكس ظلالها المتوهجة على الوجه وتكسبه إشراقا وشبابا، وهو أمر مهم بالنسبة لواحدة تريد ان تحكم أكبر قوة في العالم. والهدف مشابه لما قالته دوناتيلا فيرساتشي، وهو التخفيف من جديتها وإعطاء انطباع بأنها قريبة من الناس ومن القلب، وإن كان يؤخذ عليها أنها لا تزال مخلصة للتايور المكون من جاكيت وبنطلون، ولم تستبدله بالمكون من الجاكيت والتنورة، إلا في حالات نادرة جدا، وربما هذا ما جعل دوناتيلا تقول ما تقوله، خصوصا وأن تصميم البنطلونات التي كانت تظهر بها سابقا كانت بتصميمات جد «قديمة» وتظهرها بصورة غير مواكبة للعصر على الإطلاق.

وهذا خطأ تقع فيه العديد من النساء من سنها، باختيارهن بنطلونات واسعة عند منطقة الخصر، أحيانا ببليسيهات، اعتقادا منهن انهن يموهن عن منطقة الأرداف العريضة والبطن، ثم تضيق عند الساق، مع انه كان حريا بهن ان يخترنه مستقيما ومتسعا من أسفل لخلق بعض التوازن بين الجزء العلوي العريض والجزء الأسفل النحيف.

وهذا التغيير لا شك أن الفضل فيه يعود إلى خبراء في تلميع الصورة وخبراء أزياء متمرسين، لكن ليسوا من مدرسة دوناتيلا فيرساتشي. كما ان تجربة الفرنسية سيغولين روايال، لا بد وأن تكون قد قدمت درسا مفيدا للكثير من خبراء الصورة والأزياء. فهي التي بدأت موجة الألوان الفاتحة والمشرقة، وبالذات الأبيض، لما يوحيه من براءة وصدق وأنوثة وجمال، إلى جانب بدئها موضة الأحذية ذات الكعب العالي والعملي في الوقت ذاته، مما جعل العديد من المصوتين، من صفوف النساء بالذات، يتعاطفن معها ومع أجندتها السياسية لأنها أشعرتهم بانها واحدة منهم، كما انها أثرت بشكل أو بآخر على العديد من النساء القويات، اللواتي بتن يحذون حذوها بمعانقة أنوثتهن، لكن ليس على الطريقة «الفرساتشية» حتما.