طلاق نيكولا وسيسيليا ساركوزي

أول رئيس فرنسي ينفصل عن شريكة حياته منذ نابليون

خلال حضورهما قمة الكبار (ا.ب.ا)
TT

أخيرا، أكد قصر الإليزيه في بيان من 15 كلمة الخبر الذي كانت تتناقله وسائل الإعلام الفرنسية منذ أيام عديدة حول افتراق الرئيس نيكولا ساركوزي وزوجته سيسيليا وبدء معاملة الطلاق حبيا. وبذلك، يتم وضع حد للتأويلات والتفسيرات التي شغلت الفرنسيين منذ الصيف الماضي، حيث لم يظهر الثنائي الرئاسي معا منذ أواسط شهر يوليو/ تموز الماضي. ومع هذا الإعلان، يكون الناطق باسم القصر الرئاسي دافيد مارتينون قد طوى صفحة من الإحراج المستمر، الذي كان يعاني منه في اللقاءات الصحافية الأسبوعية التي درج للدعوة اليها قبل ظهر يوم الخميس. فهو لن يسأل بعد اليوم عن صحة شائعات الطلاق ولن يكون مضطرا للرد ككل مرة أن «لا تعليق» لديه على شائعات صحافية. وأصبح ساركوزي، بهذا الانفصال أول رئيس فرنسي منذ نابليون، ينفصل عن زوجته خلال توليه منصبه.

وعقب أحد رسامي الكاريكاتير في فرنسا على الانفصال برسم علق عليه بالقول على لسان ساركوزي: «سأوفي بوعدي». وصورة أخرى يقول فيها: «برنامجي هو الانفصال». ولكن تبين أن زوجته سيسيليا هي التي أرادت هذا الانفصال. ومع افتراقه عن زوجته، يكون الرئيس ساركوزي أول رئيس للجمهورية ينفصل عن شريكة حياته وهو في قصر الإليزيه. الرئيس الاشتراكي الأسبق فرنسوا ميتران الذي بقي في الإليزيه 14 عاما كان يوزع اوقاته بين عائلته الشرعية (دانيال ميتران وولديه جان كريستوف وجيلير) وعائلته السرية. وفي أواخر حياته، كشف ميتران للعلن السر الدفين وهو أن له صديقة خلف منها ابنة هي مازارين بنجو التي اصبحت كاتبة وتوزع وقتها بين فرنسا والمغرب. وفي بداية حكم الرئيس فاليري جيسكار ديستان، وكان وقتها شابا، ضجت الأوساط الباريسية باخبار مغامراته النسائية. كذلك عرف عن الرئيس السابق جاك شيراك ميله للجنس اللطيف. والكتب التي تشير الى ذلك عديدة.

وفي الثنائي الرئاسي الحالي، فان سيسيليا هي الطرف الراغب في الانفصال. وسبق لها في العام 2005 أن تركت بيت الزوجية وعاشت متنقلة بين باريس ونيويورك الى جانب الإعلاني ريشار أتياس وكانت متزوجة في السابق التلفزيوني جاك مارتان الذي توفي الشهر الماضي ولها منه ابنتان، بينما لساركوزي صبيان من زواج سابق. ولنيكولا وسيسيليا صبي، هو لوي. وعندما تقلد ساركوزي منصب رئيس فرنسا بدا مع زوجته وأولاده وكأنه الرئيس الأمريكي الأسبق جون اف كنيدي، من ناحية الانسجام الأسري الذي ظنه الناظر لهذه الأسرة الرئاسية. وتسابقت الصحافة الشعبية آنذاك في تناقل صور الرئيس وزوجته التي أسبغت عليها صحيفة «لو فيغارو» آنذاك لقب «ديانا فرنسا».

ويبدو أنه لم يكن من السهل على سيسيليا الإسبانية الأصل أن تنسجم مع دورها الجديد كسيدة فرنسا الأولى حيث سارعت إلى القول: «لا أعتبر نفسي سيدة فرنسا الأولى، إن هذا اللقب يزعجني.. لست مناسبة للجانب السياسي فانا أفضل لبس الجينز والصندل».

وعندما امتدح زوجها جمالها أمام جمع من ضيوفه الذين دعاهم لحفل في حديقته في الرابع عشر من تموز/ يوليو الماضي فاجأته سيسيليا بردها: «لم يكن ذلك ضروريا». وتجنبت سيسيليا منذ ذلك الحين الظهور مع زوجها في مكان واحد.

وبحسب معلومات الصحافة الفرنسية، فإن سيسيليا غادرت قصر الإليزيه منذ العشرين من سبتمبر/ أيلول الماضي وكانت تتنقل ما بين جنيف ولندن وباريس. وشوهدت في الأيام الأخيرة عدة مرات في العاصمة الفرنسية. وكرست لها مجلة «باري ماتش» في عددها الأخير ريبورتاجا صحافيا قام بتحقيقه المصور الرسمي للثنائي الرئاسي، ولم يفهم الغرض منه، خصوصا أن العدد المذكور خلا من أية مقابلة صحافية معها.

وجاء في البيان الرئاسي المقتضب أن «سيسيليا ونيكولا ساركوزي يعلنان انفصالهما حبيا ولن يدليا بأي تعليق». وبحسب صحيفة «لوموند» ومجلة «نوفيل أوبزرفاتور» والقناة الإخبارية «إل سي أي»، فإن الطرفين تقدما بطلب طلاق الى قاض في مدينة نانتير، الواقعة غرب العاصمة. وإذا كان ذهاب سيسيليا الى المحكمة مؤكدا ـ فإن الروايات تختلف بالنسبة للرئيس. وفي أي حال، فإن قاضيا جاء الى قصر الإليزيه في اليوم التالي ليوقع الرئيس على وثيقة طلب الافتراق فالطلاق. وتزوج نيكولا وسيسيليا في العام 1996.

وجاء إعلان الانفصال قبل ساعات من توجه ساركوزي الى لشبونة للمشاركة في القمة الأوروبية. وفي الأسابيع الأخيرة، امتنعت سيسيليا عن مرافقته في رحلاته الرسمية الى الخارج فلم تذهب معه الى بلغاريا حيث كان البلغاريون ينتظرونها لشكرها على الدور الذي قامت به للإفراج عن الممرضات والطبيب الفلسطيني من السجون الليبية. كذلك امتنعت عن مرافقته الى روسيا ولن تذهب معه بطبيعة الحال الى المغرب يوم الإثنين القادم في زيارة الدولة الأولى التي يقوم بها الى هناك. وسال الكثير من الحبر حول اسباب انعدام الاتفاق بين الثنائي الرئاسي رغم أن ساركوزي حرص باستمرار على الإشادة علنا بسيسيليا. وكان لافتا أنه قبلها على شفتيها وهذا أمر غير معهود في القصر الرئاسي بمناسبة تنصيبه في شهر مايو/ ايار الماضي. وما انفك يجد لها الأعذار ليفسر اسباب غيابها في مناسبات عديدة منها تلبية الدعوة الى الغداء مع عائلة الرئيس بوش الصيف الماضي أو امتناعها عن مرافقته الى صوفيا. وتوصف سيسيليا البالغة من العمر 49 عاما بأنها «امرأة مستقلة، معاندة، وحريصة على استقلاليتها». وسبق لها أن أعلنت قبل وصول ساركوزي الى الرئاسة أنها «غير منشرحة» لأن تلعب دور السيدة الفرنسية الأولى وهي بأي حال لم تصوت لزوجها في الدورة الثانية. ومع هذا التطور، يبدأ فصل جديد من حياة الطرفين اللذين يحبان الأضواء. ولا شك أن الإعلام الفرنسي سيستمر بالاهتمام بالرئيس وبسيسيليا اللذين كانا يشبهان في الماضي بالثنائي الرئاسي الأميركي جون وجاكي كنيدي.