سياقة السيارات في لبنان.. لا تعترف بالتكنولوجيا

800 قتيل سنوياً.. 300 منهم من المشاة

TT

أن ترى سيارة تسير الى الخلف على الطريق السريع أو أخرى يركنها سائقها الى جانب هذه الطريق نفسها، ليس امرا غريبا في لبنان، ذلك ان السائق يتقيد بما يحلو له من انظمة السير ويخالف ما يطيب له. وان ترى سيارة تنعطف من أقصى اليمين الى اقصى اليسار وبشكل فجائي ليس امرا مستغربا. كذلك أصبح من الشائع جدا ألا يستخدم اللبناني إشارات الانعطاف. وفي حال استعمالها فلا يتوانى بعضهم عن اخراج أيديهم أو أعناقهم من النافذة لإعطاء اشارة الانعطاف.

وفي الشوارع الداخلية للمدن، تسود عشوائية البناء وتغيب ادنى معايير التخطيط المدني، وهذا ما يمكن التأكد منه عبر تفحص موقع «غوغل ايرث» على الانترنت. وفي هذه الشوارع الضيقة يكون المرور مسموحا من الجهتين، وإن كان الشارع لا يتسع الا لسيارة واحدة ومن النوع الصغير جدا. اما إذا نشطت إحدى البلديات ونصبت إشارة ممنوع المرور من جهة معينة فتتحول بعد أيام قليلة إلى مجرد لافتة قد تستخدم لاحقا لحاجات اخرى كوضع اعلان أو غيره. أما اشارات المرور الضوئية، فتلك تكنولوجيا لا تزال غريبة عن يوميات اللبنانيين، فهم لم يعتادوا بعد على احترام تلك الاضواء ربما لأنها ليست معممة في كل المدن باستثناء وسط العاصمة التجاري. وإن صودف أن وجدت في منطقة اخرى فتكون إما معطلة او في حاجة إلى شرطي سير يحميها من تجاوزات اللبناني. وعن السرعة حدث ولا حرج، خصوصا على الطرق السريعة حيث يتبارى الهواة في ابراز مواهبهم «البطولية» وإطلاق اصوات محركاتهم وفراملهم من دون ان يعوا الخطر الذي يسببونه لانفسهم والآخرين ومن دون ان يحلم المعرضون لأخطارهم بإمكان ملاحقة هؤلاء عبر رادارات. فهذه أيضا تكنولوجيا تأخرت في تثبيت «هيبتها» في لبنان رغم وجودها في عدد من النقاط.

ووسط هذه الفوضى بات، للأسف مشهد المسعفين الذين يسارعون لانتشال هذه الجثة أو انقاذ ذاك الشاب، مألوفا لدى اللبنانيين، لا بل أكثر أصبح خبر الحوادث القاتلة يرد بشكل شبه يومي في نشرات الاخبار المسائية وبمدة لا تتعدى الثواني.

قد تكون المواضيع والتحقيقات الصحافية التي نشرت وبثت حول فوضى السير في لبنان لا تحصى وارشادات التوعية والتحذير التي تطلقها الجمعيات الاهلية للوقاية من حوادث السيارات ايضا لا تحصى، ورغم ذلك حصدت هذه الحوادث 800 قتيل و10 آلاف جريح في لبنان عام 2006 وقدرت الخسائر المادية بمليار دولار. وقال رئيس تجمع الشباب للتوعية الاجتماعية «يازا» زياد عقل لـ«الشرق الاوسط» ان «المعدّل العمري الوسطي للوفاة بحوادث السير هو 22 عاما»، لافتا الى ان «نسبة الحوادث وعدد ضحاياها في الدول العربية يزدادان بسرعة، ففي عام 2002 كان عدد قتلى حوادث السير في قطر 100 وارتفع عام 2006 الى 300 وذلك مع نمو البلاد وازدياد واقتناء السيارات. كذلك في سورية حيث امتد نشاطنا، بلغ هذا العدد 1800 قتيل عام 2000 ووصل عام 2006 الى 2800». وعن تطوير شبكات الطرق، افاد أن الجمعية تتابع عن كثب مراحل تنفيذ «مشروع النقل الحضري» الممول من البنك الدولي وتبلغ قيمته الاجمالية 120 مليون دولار. فقال انه «يتم استقدام رادارات لضبط السرعة ستعمل قريبا، وفي ما يتعلّق بالإشارات الضوئية فستركب خلال اشهر على 220 تقاطعا في بيروت الكبرى كذلك ستجهز الطرق بنحو 730 عدادا للوقوف». أما بالنسبة الى المشاة الذين يشكلون نحو 40 في المائة من ضحايا الحوادث، بحسب نشرات «اليازا»، فلم يبن سوى عدد قليل جدا من الجسور رغم نداءات المجتمع الاهلي وسقوط نحو 300 ضحية سنويا. وقال عقل «يجب بذل جهود اكبر لإبعاد المشاة عن السيارات. حل جسر المشاة ضروري، وفي المبدأ يجب تركيب جسر كل 700 او 800 متر لكن هذا امر مستحيل. لذلك نطالب بأن يسلك الناس الأنفاق المخصصة لاجتياز الطرق. في النهاية، ان المسؤولية تقع على أصحاب المركبات كما تقع على المشاة».