متحف الدمام الإقليمي يكشف عن آثار تعود إلى 1600 سنة

حصر ما يقارب 7500 قطعة فخارية في مساحة لا تتعدى 70 مترا مربعا

مجموعة من الآثار المكتشفة في قرية العوامية بالمنطقة الشرقية
TT

كشفت أعمال تنقيب عن الآثار، قام بها باحثون في الوكالة العامة للآثار والمتاحف، يعملون في متحف الدمام الأقليمي، عن كمية كبيرة من الآثار تعود لأكثر من 1600 سنة، في قرية العوامية بمحافظة القطيف، شرق السعودية. وتعود هذه الآثار إلى عصور مختلفة يرجع أقدمها إلى العهد الساساني (الدولة الفارسية)، أي ما قبل 1600 سنة، وكشفت عملية التنقيب التي شملت مساحة لا تتجاوز الـ 70 متراً مربعاً عن فخاريات وأوان حجرية وبعض أدوات الصيد (الغوص) عثر عليها بكميات وفيرة تجاوزت في بعضها عدة آلاف، كما دلت هذه المكتشفات عن حالة من الرفاه الاقتصادي كانت تتمتع بها المنطقة، في ذلك العهد.

وقال الباحث الأثري سعيد الصناع رئيس الفريق البحثي لـ«الشرق الأوسط»، إن فريق البحث تلقى دعماً من لجنة أهلية تضم مهتمين بالآثار، تكفلت بتكاليف التنقيب، وكان الهدف حفظ التراث الأثري للمنطقة وإبرازه، مضيفا أن التنقيب تم في منطقة سكنية، وفي منطقة ضيقة لا يتجاوز طولها الـ10 أمتار، وعرضها 7 أمتار، ومع ذلك تم جمع الاف الكسر الفخارية التي تعود إلى عصور مختلفة، منها ما يعود إلى فترة السيادة الساسانية على المنطقة، أي قبل العهد الإسلامي، مما يعني أن عمر هذه الفخاريات يتجاوز 1600 سنة. عثر ايضا على نوعيات من الفخار تعود إلى العصر العباسي، إلى فترة 1200 سنة.

وتقع بلدة العوامية إلى الشمال من محافظة القطيف التابعة لإمارة المنطقة الشرقية، وتبعد البلدة عن مركز المحافظة ما يقارب الثلاثة كيلومترات، وكانت تعرف في العصر الإسلامي الأول بالزارة، وكانت قبل العهد الإسلامي مقراً المرزبان الساساني ( الوالي )، وكانت مهمة هذا الوالي جمع خراج المنطقة والمناطق المحيطة بها إلى سهل تهامة، بحسب المراجع التاريخية التي تحدثت عن تاريخ المنطقة في فترة ما قبل الإسلام، مع العلم انه تمت محاصرتها في حروب الردة، وتعرضت المدينة إلى التدمير التام والحرق على يد القرامطة في عام 283 هجرية.

يشير الصناع إلى انه تم العثور على قواطع للأصداف، وكذلك عدد من المدقات الحجرية، كما تم العثور على اساسات لجدران منازل كانت مبنية من الحجر الصلد (حجر مصقول) على العكس من السائد في المنطقة، وهو استخدام الصخور البحرية، كما عثر على بعض الأدوات بحالة جيدة مثل الرحى والثقل المستخدم في عمليات الغوص، وكذلك قنينة زجاجية تعود إلى العصر العباسي.

ويبين الصناع أنه تم حصر ما يقارب 7500 قطعة فخارية تم ترميم بعضها، منبهاً إلى أن عمليات التنقيب توقفت في الموقع، بسبب قلة الإمكانيات، رغم ما تتمتع به العوامية من غزارة في المكتشفات الثرية، وكذلك كونها مركز تجمع سكاني، كما دلت على ذلك التنقيبات الأثرية لفترة تزيد عن 7000 سنة قبل الميلاد، وكما تم الكشف عنه من قبل بعثة دنماركية قامت بعملية التنقيب في جزيرة تاروت في عام 1967 وكان ذلك آخر كشف أثري يتم الإعلان عنه في المنطقة.

ويضيف الصناع أن هناك خطرا على الآثار الموجودة في البلدة بسبب الزحف العمراني الذي غطى كثيرا من المواقع الأثرية، وكذلك الاستزراع، حيث تتحول كثير من الأراضي الفضاء إلى مزارع، مشيراً إلى أن المنطقة التي تم التنقيب فيها منطقة زراعية.

ويوضح الصناع: «توقعنا ان نحصل على نصوص مكتوبة أو بعض العملات، لكن لأن الموقع، كما ذكرت، كان صغيرا لم نحصل على ذلك، إضافة إلى كمية المياه التي كانت تتدفق أثناء عملية التنقيب، مما كان له الأثر الواضح على كثير من المكتشفات، مع أن مراجع علمية في الآثار تحدثت عن العثور على نص كتب باللغة الآرامية في بلدة العوامية، كشفت عنه إحدى الفرق البحثية الغربية التي نقبت في المنطقة».