دور الطعام في انتخابات الرئاسة الأميركية

تناول أكلة محلية في ولاية ما بحماس تعني للناخبين: «أنا واحد منكم.. صوتوا لي»

مرشح الحزب الجمهوري نيك رومني الذي يفخر بعاداته الغذائية الصارمة اضطر لتناول قطعة من الفطير أثناء زيارته لمخبز في آيوا
TT

الترشيح لمنصب الرئيس مثل المشاركة في مسابقة للأكل وللجمال في ذات الوقت. فمن المتوقع من المرشحين تذوق الوجبات المحلية وبحماس، وفي الوقت نفسه الظهور بمظهر جذاب.

ولذا فليس من السهل ان العديد من المرشحين في الانتخابات التمهيدية للرئاسة الاميركية لديهم قضية يمكن ان نطلق عليها قضية الطعام، وهي نفس النوع من القضايا التي يتعرض لها الباقي منا، لاسيما في هذا الوقت من العام، ولكنها تزداد عمقا بمطالب الحملات.

ومن بين المرشحين الديمقراطيين الحاكم بيل ريتشاردسون لديه خبرة في الحميات الغذائية، فقد اجرى حمية اتكينز وحمية السوائل، ولكنه لا يزال ممتلئا، على الرغم من ممارسة تدريبات اللياقة البدنية يوميا. اما السناتور باراك اوباما الذي كان ممتلئ القوام في طفولته، اصبح الان يشير لنفسه بأنه رفيع القامة وناردا ما يلمس الاكلات الدهنية، الا في مناسبات خاصة، مثل سوق ولاية ايوا. وفي احدى المناسبات قالت هيلاري كلينتون، انها تدعو الله ان يساعدها على انقاص وزنها.

وفي الجانب الجمهوري يوجد مايك هابي وهو «مدمن طعام شفي من علته»، على حد قوله، فهو فقد 110 أرطال من وزنه قبل سنوات. اما رودولف غولياني وفريد تومسون فيتبعان نظاما غذائيا فرضته عليهما زوجتاهما. بينما يهتم ميت رومني بغذائه الى درجة انه يأكل نفس الوجبة كل يوم، التي تعدها زوجته: الشوفان بالفواكه في الافطار، وساندويتش دواجن او ديك رومي في الغداء، ومكرونة مع السمك او الدواجن في العشاء.

ويبدو أن جون ماكين تحدث باسم جميع المرشحين، عندما وصل الى جامعة نيو هامبشير لالقاء كلمة يوم الاحد الماضي، وعند وصوله قرأ لائحة الاطعمة الخفيفة قائلا «اريد طبقا من الاسباغيتي».

ويقول وولتر شيب طاهي البيت الابيض السابق، ان المرشحين «لا يمكنهم التحكم في حميتهم الغذائية». وكان شيب طاهيا في البيت الابيض في عهدي كلينتون وبوش. واوضح ان العديد من المناسبات في الفترة السابقة على الانتخابات التمهيدية مثل حفل هاركين للستيك المقلي وحفل كلابورن للسمك المقلي في جنوب كارولينا وسوق ولاية ايوا الرسمي، كل شيء مقلي، قد تؤدي الى ذبحات قلبية مثلما تؤدي الى تجميع الاصوات. ويجب على كل هؤلاء الذين يسعون لمنصب الرئيس عدم رفض أي اكلة محلية، ولا فإنهم سيكررون خطأ السناتور جون كيري الذي وصف بأنه شخصية منعمة عندما طلب «ستيك بالجبنة السويسرية».

واوضح شيب ان تناول اكلة محلية في ولاية ما بحماس تعني للناخبين: «انا واحد منكم.. وجزء من هذه المنطقة.. صوتوا لي».

واضاف «هناك مجموعة اشياء قليلة اكثر شخصية من الطعام. واذا ما رفضت طعام قدمه لك شخص ما فإنت بالتالي ترفضه».

ولذا فقد حضر رودولف غولياني تقريبا كل مطعم في نيوهامشير. اما رومني، الذي قد تكون كل معلوماته عن الوجبات المتأخرة هو طبق من رقائق القمح، فقد أصبح يطلب «الحليب المخفوق». وكانت هيلاري كلينتون قد ادخلت نظام السعرات الحرارية ونسبة الدهون في قائمة طعام البيت الابيض عندما كانت السيدة الاولى، ولكن شوهدت قبل عدة اسابيع في تامبا بولاية ايوا وهي تتناول ساندويتش لحم ـ ولكن بدون صلصة ولا بطاطس محمرة. وتجدر الاشارة الى ان الطعام يعتبر امرا ضروريا في الحملات الاميركية منذ فترة الاستعمار، كما اوضحت نانسي بيك يونغ، وهي مؤرخة في جامعة هوستون. ففي عام 1758، وزع جورج واشنطن الذي كان مرشحا لمنصب في ولاية فيرجينيا مشروبات كحولية على الناخبين. بينما اجرى اندرو جاكسون، الذي يعتبر اب الحملات الرئاسية المنظمة، حفلات للحم المشوي عام 1828. بينما قضي وليام ماكينلي حملته الانتخابية في عام 1896 المعروفة باسم «المدخل الامامي» في مدخل بيته الامامي يستقبل الزوار، ويتذوق الاطباق التي كان الناخبون يحضرونها الى كانتون بولاية اوهايو.

ولكن في الوقت الذي استمر فيه استهلاك المواد الغذائية في الحملات، فقد تغيرت المقاييس الجسدية بطريقة درامية، فالرئيس السمين الذي كان الاميركيون ينتخبونه في القرن التاسع عشر اختفى وحل محله الرئيس الارشق والاكثر لياقة.

ويجب على المرشحين ـ بل وزوجاتهم ـ الحفاظ على اناقتهم وحجمهم، والا تعرضوا الى نوعية السخرية التي تعرض لها بيل كلينتون وآل غور. او مثلما حدث لاليزابيث ادواردز عندما هبطت في مطار خلال حملة زوجها الانتخابية في عام 2004 لتجد لافته تنتظرها عليها كلمة «الناصحة». وفي الانتخابات الحالية خفضت وزنها بعدة مقاسات، وذلك نتيجة لاكل الفاكهة واصابع البروتين التي تحملها معها في كل مكان.

ويأكل هاكابي وجبات خفيفة ويلتزم بالسلطات واصبع البروتين والخضر المبخرة. ولكن اذا اخذنا في الحسبان أيا من الرحلات الانتخابية التي قام بها هذا الشهر، نرى ان عقله قاده مرات كثيرة الى مناطق غذائية خطرة. وفي زيارة له لاحد المصانع رأى احد العمال يخرج شطيرة وقال له «ضع بعض اللحم والجبن على الشطيرة وسيكفيك هذا». وذكر هاكابي الذي كان بوزن زائد عندما كان حاكما لولاية اركانسو لدرجة انهيار مقعد عندما جلس عليه، ان السمنة يمكن ان تقلل من فرص السياسيين. واوضح «عندما تكون ممتلئا فإن بعض الناس ينظرون اليك ويقررون عدم الادلاء بأصواتهم لصالحك». وبالطبع لا يريد المرشحون ذلك. ولذا فإن العديد من المرشحين يمارسون تدريبات اللياقة البدنية بحيث ينتهي بهم الامر وهم يمارسون الرياضة والسياسة معا. فقبل عدة اسابيع في ماسون سيتي بولاية ايوا وجد كل من ريتشاردسون وادواردز نفسيهما يشتركان في نفس صالة اللياقة البدنية في نفس الفندق ويتبادلان الحديث عن الاخبار والاعلانات السياسية في التلفزيون. وفي سؤال عما اذا كان وزن المرشحين قد تغير منذ بداية الحملة، نفت معظم الحملات ذلك او رفضت التعليق.

وبالنسبة لمجموعة يمكن ان تصبح مشكلتهم هي الطعام الكثير، يمكن للمرشحين الشعور بالجوع. فالكثير منهم لا يمكنهم تناول الطعام في الحفلات الرسمية بسبب انشغالهم بالترحيب بالناخبين. ووجود اجهزة الاعلام حولهم.

فلا يوجد مرشح يحب ان تلتقط كاميرات التصوير او التلفزيون صورته وفمه ممتلئ بالطعام. وفي الاسبوع الماضي عندما كان اوباما في آيوا وطلب آيس كريم، اذا بإحدى البائعات في المحل تحدثه عن وفاة زوجها المجند في العراق ومعاناتها في تحصيل المستحقات المالية المخصصة لها. وكان الموقف محرجا ان يستمع اوباما للسيدة وهو ممسك بالايس كريم، الذي بدأ بالذوبان، فما كان منه الا ان وضعه جانبا حتى انتهى من الحديث مع السيدة.

ولذا فإن المرشحين يتناولون وجباتهم الحقيقية بعيدا عن اعين الاخرين. وهي عادة عبارة عن دواجن مشوية بالخس والبطاطس المقلية، ويتناولونها بسرعة بين المناسبات وخلال تنقلهم بالسيارة.

ولا عجب ان جولياني في احدى محطاته طلب من المصورين ابعاد كاميراتهم حتى يأكل بحرية، ولكنه في مناسبة أخرى توقف عند أحد محلات البيتزا، وخلال تنقله بين الطاولات لتحية الناخبين تسللت اصابعه الى قطع البيتزا ومضى في التهامها، وعندما اقترب من احدى الطاولات الخالية من الطعام قال لهم «لقد أكلتم كل الطعام، لم يبق لي ما استطيع سرقته» وانتقل بسرعة الى الطاولة التالية.

*خدمة «نيويورك تايمز»