عرس للغة الضاد في باريس

احتفالية تدشين برنامج الأمير سلطان لدعم العربية في اليونسكو

من معرض اليونسكو كتاب القانون لابن سينا
TT

«إنه عرس اللغة العربية في باريس»، بهذه الكلمات وصف الدكتور زياد بن عبد الله الدريس، المندوب الدائم للمملكة العربية السعودية في اليونسكو، تدشين برنامج الأمير سلطان بن عبد العزيز لدعم اللغة العربية في منظمة الامم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم، في احتفال جميل جرى أمس. والعربية هي واحدة من ست لغات عالمية معتمدة، رسمياً، للتداول في مؤتمرات اليونسكو ووثائقها، لكن نقص المترجمين الفوريين منها واليها وتواضع الجهاز الفني الكفيل بتحقيق حضور لغة الضاد في اليونسكو، على قدم المساواة مع اللغات الأخرى، جعل من ذلك القرار الذي اتخذه الآباء المؤسسون للمنظمة صعب التنفيذ. ثم جاءت المبادرة النبيلة لولي العهد السعودي الأمير سلطان بن عبد العزيز بتبرعه بمليون دولار، أردفها بنصف مليون، لتحيي الحلم بإعادة العربية الى موقعها في هذا الصرح الثقافي العالمي.

حضر حفل التدشين الأمير خالد بن سلطان، نائب رئيس مجلس امناء مؤسسة سلطان بن عبد العزيز آل سعود الخيرية. في حين كان القائمون على البرنامج مسرورين بالمنحة الكريمة، فاجأهم الضيف بإضافة مليوني دولار الى الرصيد الأول للمبادرة. وهكذا بات من غير المقبول أن تكون اللغة التي يتحدث بها الملايين عاجزة عن اثبات حضورها الكامل، على الأقل في الموقع الإلكتروني الثري لليونسكو، بكل ما يمثله من مصدر معرفي حول البلاد العربية، تاريخاً وتراثاً مكتوباً وشفهياً، لملايين المتصفحين من العالم.

أوضح مندوب السعودية أن هذا المشروع سيرفع عن كاهل اليونسكو، ولو جزءاًَ، من كلفة استخدام لغتنا كواحدة من اللغات المعتمدة فيها. وفي اشارة الى العبارة الشهيرة للفيلسوف الفرنسي ديكارت «أنا أُفكر إذاً أنا موجود»، قال الدريس «أنا أتكلم لغتي إذاً أنا موجود». ثم تحدث ممثل جامعة الدول العربية السفير ناصيف حتي فقال إن اللغات تكسب إذا ما تم التحدث بها. والعربية بالذات هي حاملة ثقافتنا والمعبرة عن تراثنا، ولهذا نريد لها أن تكون احدى اللغات الحية في بيت الثقافة العالمي هذا.

وفي كلمته، اعترف كوتشيرو ماتسورا، المدير العام لليونسكو، بأن القيود المالية حالت دون أن تكون العربية، وهي لغة 21 دولة عضواً في المنظمة، حاضرة كما يجب، رغم أنها لعبت دوراً أساسياً في نقل العلوم الانسانية عبر التاريخ. وشرح وسائل استخدام المنحة السعودية في تدريب المترجمين وتوحيد المصطلحات المتداولة في وثائق اليونسكو واستكمال نقل ما هو موجود من المعلومات على الموقع الإلكتروني بالإنجليزية والفرنسية، الى العربية.

وأخيراً أخذ الكلمة الأمير خالد بن سلطان، وفي بدايتها حمد الله رب العالمين الذي شرّف اللغة العربية بالقرآن الكريم، وقال إنها اللغة التي يسعى لتعلمها مليار مسلم لادراك معانيه وتذوق اعجازه. كما أشاد بالقرار السديد الذي اتخذته الجمعية العامة للأُمم المتحدة بإعلان 2008 عاماً للغات في العالم، فاللغات هي الوسيلة الرئيسية لتبادل الأفكار وزيادة التفاهم بين الشعوب. وفي ختام الكلمة أعلن عن تقديم مليوني دولار اضافي الى برنامج دعم العربية الذي يحمل اسم والده الأمير سلطان.

واتيح للمتخصصين وممثلي وسائل الاعلام وأعضاء السلك الدبلوماسي ممن حضروا المناسبة أن يطلعوا على الخارطة الجديدة لموقع اليونسكو باللغة العربية وأن يتصفحوا ما يحتويه من صور ومعلومات وآثار ونصوص ونماذج موسيقية تخص كل بلد عربي. كما حضروا معرضاً عن اللغة العربية باعتبارها أداة محركة للعلوم العربية عبر التاريخ، فيه صور ومخطوطات ورسوم توضيحية وخرائط قديمة، جمعها وعلق عليها الخبير العالمي المغربي الأصل الدكتور جورج إفراح.