لوحات حية تفك شيفرة الإنسان في معرض بدبي

تستخدم تشكيلة متنوعة من الوسائط الفنية

TT

في معرض «لوحات حية، أساليب وممارسات تشكيلية» الذي يضم أعمالا للفنانات غادة الكندري، لمياء قرقاش، ندا هادي زادة وهيف كرمان تشترك أعمال هذه الكوكبة من الفنانات في اهتمامها الكبير بالتعبير عن الشكل الإنساني سواء بصورته الكاملة أو المجزءة. وعبر تشكيلة متنوعة من الوسائط الفنية كالتخطيط والرسم والفيديو، تسعى الفنانات الشابات إلى فك شيفرة صورة الإنسان وتجلياتها المختلفة، في نفس الوقت الذي يحاولن فيه التعليق على البيئة التي يعيش فيها.

تتراوح أعمال الفنانة الكويتية غادة الكندري من لوحات البورتريه الملونة إلى تخطيطات أولية بالأبيض والأسود. أما ما يجمع بين لوحاتها وتخطيطاتها فهو الموضوع، إذ تصور جميعها مجموعات من الأقارب في أجواء منزلية غير عادية توحي بالعلاقات المتوترة بينهم. بينما تتنوع النغمة السائدة في كل عمل من أعمالها وتتراوح من العاطفي إلى الحزين والسعيد، وفي بعض الأحيان المرح. تسكن لوحات غادة في عالم خاص بها من البراءة، بينما تحاول رسوماتها التخطيطية أن تدخل في حوار مع رسومات أخرى.

بينما تسعى رسومات الفنانة العراقية هيف كهرمان إلى تصوير فظائع الحرب، والتي تعاني منها النساء دوما أكثر من غيرهن. تستخدم هيف حبر السومي على الورق البني مستلهمة العديد من الاتجاهات الفنية التي تتراوح من الفن الياباني إلى فنون الخط العربي والآرت نوفو والمنمنمات الفارسية والأيقونات الإغريقية. تتميز رسومات هيف بالدقة التصويرية الشديدة والتي تخلق صورا مذهلة ومزعجة في نفس الوقت، مليئة التفاصيل التي تسيطر علينا وتمنعنا عن إشاحة النظر عن الفظائع التي تصورها سواء كانت من قبيل الاغتصاب أو جرائم الشرف، وتجبرنا على التفكر في أمور كنا نرفض الاعتراف حتى بوجودها.

وإذا كانت هيف تسحرنا بتفاصيلها الدقيقة وتمنعنا من إشاحة البصر، فإن الفنانة الإماراتية لمياء قرقاش تثير فضولنا بحرصها على ستر الجسد البشري الأنثوي وإخفاء أهم تفاصيله. تسلط لوحات قرقاش المصورة بالفيديو على المساحة القلقة التي تفصل بين الثوب والجسد، وتتلاعب بالمقارنة بين صورتين متلازمتين: الأولى لا يظهر فيها إلا الثوب فقط، والثانية لا يظهر فيها إلا الجسد فقط، لتطرح تساؤلات حقيقية حول نظرة المجتمع إلى المرأة وصورتها فيه.

وترسم الفنانة الإيرانية ندا هادي زادة أشكالا بشرية متشظية بضربات قوية من ريشتها الزاهية وخطوطها السوداء الواضحة. تضع ندا أجسادها النازفة ذات الحدود السوداء القوية على خلفيات من الألوان الصارخة. تعبر أعمال ندى عن الإنسان الرازح تحت وطأة القلق أو العذاب النفسي، بأسلوب سوداوي ومؤلم.

تنطلق فنانات معرض «لوحات حية» من الجسد الإنساني لمناقشة العديد من المواضيع المختلفة. وتستفيد أعمالهن من التاريخ العريق والنظريات المتعددة لاستخدام الجسد كموضوع فني، وتوظف كل ذلك من أجل إجراء المقارنات والاستقراءات. وباستخدامهن تشكيلة متنوعة من الوسائط الفنية من أجل تصوير هذا الموضوع الفني العريق، فلقد نجحن في لفت الأنظار إلى ما يشغل بالهن من قضايا كالحروب، والتعذيب، والحب، والعائلة، والتقاليد. إن «لوحات حية» لا يسلط الأضواء على الأساليب المختلفة التي تناولت بها الفنانات الأربع موضوع الجسد، بل يشكل أيضا أرضا خصبة لمناقشة العلاقات والمؤثرات يين تلك الأساليب المختلفة.