قارئة الفنجان مهنة تعرف طريقها إلى الهند.. وشخصيات كبيرة تقبل عليها

صعبة وتعتمد على الإحساس والحاسة السادسة والقراءة النفسية

TT

تعال وتعرَّف على شخصيتك عبر أوراق الشاي وبقايا القهوة في الفنجان، او شاهد برنامجاً حول قراءة فنجان القهوة التركية، فهذا في الوقت الحالي من الاعلانات الشائعة في الصحف والقنوات التلفزيونية بالهند.

وتعرف قراءة اوراق الشاي وفنجان القهوة باسم التاسيوغرافي Tasseography، غير ان هذه الممارسة القديمة لـ«قراءة الحظ» اجتاحت الهند أخيراً، حيث ان أغلبية الناس، بغضِّ النظر عن انتماءاتها الدينية والاجتماعية، لديها ميل ولو من باب التسلية لهذه الأشكال من قراءة الحظ، مع أن لهذه الممارسة جذورا قديمة في الفن الصيني لقراءة اوراق الشاي، مارسها حتى رجال الدين. وانتقل هذا الفن في وقت لاحق الى الشرق الأوسط، حيث حلت القهوة المطحونة بدل أوراق الشاي، غير ان الإغريق والأتراك هم الذين قدموا قراءة فنجان القهوة إلى الهند. ومما يلفت الانتباه أن نوال غاني، 46 عاماً، وهي من أصل سوري، أصبحت تشتهر بهذا الفن في الهند، فهي تقرأ فناجين شخصيات بارزة مثل سونيا غاندي التي تقود حزب المؤتمر، وابنتها بريانكا، ورئيس الوزراء الهندي السابق أتال بيهاري فاجبايي، والكثير من مشاهير رجال الأعمال والسينمائيين الهنود.

وتدعي غاني انها ورثت قراءة فنجان القهوة من جدتها وأمها الخبيرتين بهذا الفن. وما يثير الاستغراب انها على الرغم من ادعائها القدرة على قراءة فناجين الآخرين، فانها، هي نفسها، ليست لديها فكرة عما يقوله فنجانها. بعد طلاقها عام 1991 ومن أجل رعاية أطفالها غادرت الهند الى الامارات العربية المتحدة لتصبح معلمة ومن ثم شرطية. وبعد أن عاشت خارج الهند لمدة 15 عاما، اتخذت أخيرا من قراءة الفنجان مهنة لها، مع العلم أن والديها هاجرا من سورية الى الهند عام 1936.

وقالت غاني «أستطيع التحدث بسبع لغات، بينها العربية والفرنسية والكانادا، وهي لغة ولاية كارناتاكا الهندية» مشيرة إلى أنها ليست منجمة بالمعنى الدقيق «انني فقط احذر الزبائن من بعض الوقائع واقترح عليهم سبلا مختلفة. ولا أدعْ زبائني يتكلون عليَّ. وقراءة الفنجان بسيطة مثل شرب كوب ماء».

وتقول ان قراءة فنجان القهوة صعبة وتعتمد على الاحساس والحاسة السادسة. انها في الأساس قراءة نفسية تجري باستخدام فنجان القهوة التي تكون في معظم الحالات «قهوة مطحونة تركية أو عربية أو يونانية، وهي غنية بطعمها».

وتتم العملية بأن يقلب الفنجان على الصحن ويعاد الى وضعه العادي ثانية. والآثار والصور التي تشكلها بقية القهوة تفسر من ثم من جانب قارئة الفنجان وتؤول معانيها. ويمكن أن تشكل بقية القهوة اشكالا مثل الحروف والأرقام والتصاميم الهندسية أو الخطوط المستقيمة أو المتموجة أو الأشكال التي تشبه الحيوانات أو الطيور. ومرة أخرى تكون للرموز المختلفة معانٍ خاصة. فالخطوط المستقيمة تشير الى التخطيط الدقيق وهدوء البال، بينما شكل الفنجان يشير الى الحب والانسجام.

ويمكن العثور على قراءة أوراق الشاي في كل الثقافات الشعبية من كتب مثل هاري بوتر وشيرلوك هولمز إلى عروض التلفزيون إلى الأفلام السينما.

وبونام سيثي هي قارئة فنجان أخرى تقدم خدماتها في دلهي، وتخصصت في هذه المهنة منذ تعرفها على قارئ فناجين يوناني عمل لما يقرب من 20 سنة في هذا المجال.

تقول سيثي: «منذ كنت طفلة شعرت أنني امتلك حاسة سادسة وقوة حدس صعب عليَّ شرحها. وقد جذبت إلى قراءة الفناجين وبدأت أمارسها».

وتأخذ سيثي ما بين 1000 إلى 1500 روبية لكل قراءة. وتشير: «معظم الناس لا يعطون أيَّ أهمية لراسب القهوة في فناجينهم، لكنهم يشعرون بأنهم يعيشون في لحظة تقاطع طرق في حياتهم ويريدون بعض المساعدة للوصول إلى قرار حاسم في حياتهم، وبعضهم يأتون إلى كل يوم لقراءة فناجين قهوتهم»، لكن الكثير من الناس يسخرون أيضا من قراءة الفنجان ومن قرائه، معتبرين كل ذلك غير علمي لكنهم مع ذلك ما زالوا يصرفون عليها بعض المال. فالصحفية الهندية سيما مصطفى قدمت إلى سيثي، وقرأت الأخيرة لها فنجان قهوتها في جلسة قراءة نظمتها في مقهى تابع لشركة تمتلك سلسلة من المقاهي.

وقالت سيما: «على الرغم من أن 70 في المائة مما قالت لي آنذاك تحقق، فإن اللقاء كان أكثر من حديث ودِّي. ايماني بقراءة الفناجين ليس قوياً لأنني لا أريد أن افسد حاضري من خلال القلق على المستقيل الذي لا يعرفه الا الله». وتضيف: «وبالنسبة لآخرين فقد حضروا جلسات قراءة الفناجين من باب التسلية فحسب، وقاموا بذلك تحت تأثير الفضول لا أكثر ولا أقل».