مصممة أزياء إيرانية تدخل البهجة على أزياء النساء

تستوحي تصميماتها من الشرق الأوسط وأفغانستان وأقمشتها من الهند

ملابس النساء في إيران بين المحظورات الدينية واتباع صيحات الموضة
TT

بالنسبة لعديد من المهتمات بالاناقة والثريات في العاصمة الايرانية طهران، حيث يتطلب القانون من النساء إخفاء معالم اجسادهن، تعتبر تصميمات سيمين غودستينات بمثابة الحل الوسط، فملابسها انيقة، مترفة ومرتفعة الثمن، في الوقت الذي تظل فيه ملتزمة بحدود الحشمة التي حددتها السلطات.

تصاميم غودستينات طويلة وفضفاضة، وهي مصنوعة عادة من عدة قطع من اقمشة هندية مغزولة ومصبوغة يدويا، وألوانها حية وبراقة ومنطلقة من تصميمات تقليدية فارسية وكردية وافغانية. وقد اصبحت تلك المصممة ظاهرة بين مجموعة النساء الثريات المحدودة في الاوساط الايرانية.

وتصف ماجدة عبيدي، وهي محامية في السادسة والثلاثين من عمرها، تلك التصميمات بأنها «مريحة ومناسبة لايران، يمكنني لبسها خارج المنزل ويمكنني لبسها في المساء بل وحتى خارج ايران».

فيدا انصاري في الثالثة والسبعين من عمرها، تقول إنها كانت تشتري ملابسها دائما من محلات ارماني او بعض محلات الازياء الاميركية وأصبحت من الزبونات الدائمات لغودستينات، مضيفة انها تلقت ثناء وتقديرا من الخارج على الاشياء التي اشترتها من غودستينات. واوضحت ان «الناس سألوني حتى في نيويورك وواشنطن عن الاماكن التي اشترتيت منها ملابسها وأين ارتديها».

وتجدر الاشارة الى ان ملابس النساء كانت مجالا للجدل منذ انطلاق الثورة الاسلامية عام 1979، عندما طالبت السلطات الدينية في الحكومة من النساء ارتداء الشادور واصبحت الالوان الغامقة إجبارية. ولتحقيق ذلك تم تأسيس قوة شرطة خاصة لتطبيق القواعد الاخلاقية الجديدة وشنت الشرطة الدينية حملات منتظمة على النساء اللائي يتحدين التعليمات والقوانين الجديدة.

وبدأت آخر الحملات هذا الصيف بالقبض على مئات من النساء، ولكن يبدو ان تأثيرها كان محدودا. وبالرغم من وجود نساء يرتدين الشادور في الشوارع، فلا تزال هناك العديدات اللائي يرتدين ملابس قصيرة او غطاء رأس قصيرا يظهر مساحة من شعورهن. وكانت وزارة الشرطة قد اعلنت في الشهر الماضي انها ستقبض على النساء اللائي يرتدين «بوتات» طويلة فوق السراويل او قبعات بدلا من الحجاب. الا ان العديد من النساء تحدين تلك التعليمات ولا سيما المتعلق بالبوت. واذا ما رفضت امرأة وضع غطاء الرأس، يمكن ان تسجن لمدة تتراوح بين عشرة ايام وشهرين.

وبعد انتخاب الرئيس الاصلاحي محمد خاتمي في عام 1997، اصبحت القيود على الالوان المستخدمة اقل حدة، لفترة من الوقت، وسمح بإقامة عروض ازياء. وقال النقاد إن الالوان الغامقة تسببت في انتشار الاحباط بين النساء والاطفال وهو ما جعل السلطات تدريجيا تسمح لأطفال المدارس باستخدام حجاب وعباءات ملونة بدلا من الالوان الغامقة.

وقالت الصحافية شابنام رامحاتي، التي كانت تغطي عروض الازياء لصحيفة «شرق» التي اغلقتها الحكومة، «وجود مثل هذه العروض التي ظهرت في ظل رئاسة خاتمي عندما كانت هناك مساحة اكبر من الحرية تشير الى تطور المجتمع حتى فيما يتعلق بالازياء». غير ان ملابس غودستينات لا تترك مساحة لانتقادات الشرطة الاخلاقية. وقالت في منزلها في شمال طهران «تمنح تلك الملابس مرتديتها مظهرا ملكيا لأنها طويلة وذات عدة طبقات من الاقمشة وتقليدية في ذات الوقت». وتستخدم غودستينات غرفة معيشتها الضخمة لعرض الازياء، كما انها تبيعها ايضا في بوتيك في دبي.

وقالت غودستينات، وهي في السابعة والخمسين، ان تصميماتها هي نتيجة لنشأتها حيث عاشت في اوروبا واميركا منذ كان عمرها 13 سنة حتى 34 سنة قبل ان تعود لإيران.

واضافت «لقد كنت غربية، غير انني لم اكن مستريحة. الكثير من المصممين يقولون انهم يريدون ان تصبح المرأة مثيرة جنسيا. ولكني لا اريد من النساء التحول الى مادة».

وفي الوقت الذي تلتزم فيها غودستينات بالقواعد الدينية، فإن ملابسها تختلف من الملابس التي تظهر في عديد من عروض الازياء التي نظمتها الحكومة في الآونة الاخيرة لتشجيع النساء على ارتداء الشادور الاسود او المعاطف الفضفاضة.

وكانت غودستينات قد درست المسرح وعملت بروفيسيرة للفنون لمدة عامين عندما عادت لإيران في الثمانينات. وتقول ان اهتمامها بالازياء يرجع الى زيارة للهند قبل ثماني سنوات.

واوضحت «اذا كنت تحب الالوان والاقمشة فلا بد ان تحب الاقمشة الهندية وتتشجع على استخدامها بطريقة ما. الالوان في الاقمشة تذكرني دائما بالألوان على المسرح».

وتطلق غودستينات على ملابسها اسم «التقاليد» لإنها تقول انها تنسخ بعض التصميمات القادمة من الشرق الاوسط وجنوب آسيا وتجددها. فتنوراتها الافغانية الطراز طويلة تصل الى الكاحل، على العكس من التنورات الافغانية التقليدية التي تصل حتى الارض. أما الملابس التي تحاكي الطراز الكردي فتمتاز بالاكمام الطويلة ويمكن لفها حول الوسط مثل الحزام.

وتنطلق تصميمات المعاطف لدى غودستينات من الموروث الشعبي فهي فولكلورية الطابع وتنطلق من تصميمات المعاطف التي كان يرتديها الرجال خلال عهد القاجار قبل مائة سنة، وهي ذات اكمام واسعة على شكل جرس، ويشبك عند الخصر، وتتوفر بأطوال مختلفة.

وتصنع غودستينات بعض ملابسها في ايران والبعض الاخر في الهند. وتستخدم الاقطان والحرير الهندي بالوان براقة بمزيج متفرد يجمع على سبيل المثال بين الاخضر البراق مع البني او الزهري والفضي. تلك التنويعات جذبت اليها العديد من النساء اللائي مللن ارتداء الالوان التقليدية الغامقة.

وقالت سهيله شكري وهي في الخامسة والاربعين بعدما اشترت معطفا اصفر اللون يحمل تصميمات بالاسود والبني «هذه هي المرة الاولى التي اشتري فيها معطفا بلون براق». وبالرغم من أسعارها المرتفعة فملابس غودستينات لا تزال تباع ـ حوالي 500 في العام الواحد ـ وتتراوح اسعارها من 200 الى 900 دولار. ويبدأ سعر المعطف الشتوي من تصميمها من حوالي 400 دولار بالمقارنة بالمعاطف العادية التي لا يزيد ثمنها على 40 دولارا.

ويحتاج كل معطف الى 20 قدما من القماش، وهي تستخدم على الاقل خمس طبعات مختلفة لكل معطف. واوضحت غودستينات «في الماضي كان المصممون اكثر حذرا ولم يفكروا في التصميمات التجارية» ولكن بالنسبة لها لم تؤثر قواعد الجمهورية الاسلامية على تصميماتها.

* خدمة «نيويورك تايمز»