«أبو زريق» طائر يعيد تشجير ما التهمته الحرائق من غابات لبنان

حملة تهدف لتوعية اللبنانيين بضرورة حماية الطبيعة

الطائر «أبو زريق» يتولى تحريج لبنان («الشرق الأوسط»)
TT

أطلقت جمعية «ارض لبنان» حملة نموذجية لإعادة تشجير حرج بعبدا (شرق بيروت) الذي التهمته النيران الصيف الماضي، اسمتها «أبو زريق». وتقضي الحملة بزرع حبوب البلوط بدلا من زرع الاغراس وذلك على طريقة الطائر «أبو زريق» الموجود بوفرة في الأراضي اللبنانية، والجميل الريش، والذي ينتمي الى فصيلة الغراب.

ويقول رئيس الجمعية بول أبي راشد لـ«الشرق الأوسط»: «إن هذا الطائر يمضي فصلي الشتاء والخريف في جمع حبات البلوط وإخفائها في التراب، وبما انه لا يستهلك من البلوط بقدر ما يخفي في الأرض، فان بعض هذه الثمار تنبت اغراسا من السنديان، تعزز تشجير الغابة. وهكذا يقتضي اتباع «التقنية» التي يستخدمها الطائر الجميل، من خلال البدء بجمع حبوب البلوط، ثم دسها في التراب، على ان تتولى الجمعية حماية الأغراس بعد انباتها، أولا من خلال الإتيان براع وقطيعه لأكل العشب والهشيم، بحيث يحال دون حصول حريق في الحرج أو الغابة، ومن ثم تأمين ناطور احراج يسهر على الاغراس الصغيرة».

أما «تقنية» الزرع، فيقول أبي راشد: «الأمر سهل للغاية، اذ يكفي ان ندس البلوطة في التراب على عمق يساوي سماكتها، ومن ثم سقيها عدة مرات في فصل الجفاف وابعاد الماعز عنها». ولكن هل يمكن لهذه التقنية ان تغني عن حملات التشجير الواسعة التي تكلف ملايين الدولارات يقول ابي راشد: «يمكن اللجوء الى هذه التقنية في الاحراج البعيدة، سواء على القمم او في الوديان، حيث يسهل نقل الحبوب، فيما يصعب نقل الاغراس، وخصوصا اذا كانت المساحات المطلوب تشجيرها واسعة جدا، كما هي الحال حاليا في لبنان على اثر الحرائق التي التهمت مساحات واسعة من الغابات الصيف الماضي، والحرائق التي تسبب بها العدوان الاسرائيلي على لبنان صيف 2006. خصوصا ان الاغراس التي تزرع تحتاج الى سقي فورا مما يفرض صعوبة في نقل معدات الغرس والسقي».

ويضيف قائلا: «بامكان تقنية ابو زريق ان تشجع على غرس اصناف اخرى من الاشجار البرية وغير الموجودة في المشاتل، وتعزيز الاصناف البرية التي وجدت تربتها الخصبة في هذه الغابة او تلك، وهكذا يمكن المحافظة على التنوع البيولوجي. يضاف الى كل ذلك ان اغراس المشاتل تحتاج الى عناية دائمة، والى وقت طويل للتكيف، في حين ان الغرسة التي تنبت في الارض امامها فرص كبيرة للتكيف وحتى عدم الحاجة للماء، فضلا عن سرعة تفريخها، بحيث لا تحتاج الى اكثر من شهر بعد طمر الثمرة او البزرة، في حين ان الاغراس قد لا ينجح بعضها».

ويعترف ابي راشد «ان هذه الطريقة غير كافية بالتأكيد لاعادة تشجير كل ما احترق من غابات لبنان واحراجه، بل هي محاولة تحفيز لجميع اللبنانيين كونها فكرة سهلة التنفيذ، ومعدومة التكاليف. والجمعية على استعداد لتقديم النصائح، وتنظيم المحاضرات في المناطق».

وكانت جمعية «ارض لبنان» قد استعانت اخيرا، بمتطوعين على دفعتين لجمع البذور والثمار في حرج بعبدا ولم يقتصر الامر على البلوط، بل تعداه الى «القطلب» (نوع من فصيلة الخلنجيات) والخروب، والفستق، والصنوبر.

ويعتبر ابي راشد ان «حملة ابو زريق» «تؤدي الى توعية اللبنانيين على ضرورة حماية الطبيعة المتمثلة بالغابة او الحرج، وتقربهم من الارض، لان الابتعاد عن الطبيعة كامن وراء العديد من الحرائق».

وكان لبنان قد تعرض الصيف الماضي لأوسع موجة من الحرائق غطته من الشمال الى الجنوب، ومن الساحل الى الداخل، والتهمت، بحسب مسح قامت به وزارة البيئة و«جمعية المحافظة على الغابات وتنميتها»، اكثر من مليوني شجرة، اي ما مساحته 2700 هكتار من الأراضي الحرجية، اي ما يوازي 83 في المائة من المساحات القابلة للاحتراق التي كانت قد حددتها وزارة البيئة في مسح سابق. وتولت الجمعية، بتشجيع من وزارة البيئة، تحويل حملة اعادة التشجير التي اطلقت عليها اسم «الحرقة بالقلب»، والتي ساهم فيها عدد من المصارف، وصندوق اعادة اعمار لبنان الذي تأسس بعد حرب يوليو (تموز) 2006، والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي، وشارك فيها نحو 1500 متطوع.

وكان عدوان يوليو (تموز) 2006 على لبنان قد أدى الى احراق نحو الف هكتار من الغابات والحقول الزراعية قدرت خسائرها بنحو 140 مليون دولار، بحسب تقرير اعدته «جمعية المحافظة على الغابات وتنميتها» بالتعاون مع «شركة العلاقات النمساوية ـ العربية».