أبو ظبي تبحث عن 8 ملايين عام من التاريخ عبر التنقيب عن مملكة حيوانية تعيش في صحاريها

أبو ظبي تسعى للاستفادة من كنوز أثرية ومملكة حيوانية تكمن في بطن صحرائها («الشرق الأوسط»)
TT

ما بين لهيب الصحراء ونسيم البحر تبحث أبو ظبي عن تاريخ أثري يعود بها إلى ملايين السنين، عندما كانت الأسماك وفرس البحر مملكة حيوانية بأكملها تتغنى، لكنها أصبحت الآن في بطن الصحراء وعلى ضفاف الخليج العربي.

ومن المقرر أن ينتهي فريق أثري متخصص مكون من هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، وفريق من متحف بيبودي للتاريخ الطبيعي في جامعة ييل بالولايات المتحدة، الأسبوع المقبل من بحث وتنقيب استمر أربعة أسابيع، للبحث عن أحافير عصر المايوسين الحديث التي ترجع إلى 6 ـ 8 ملايين سنة مضت.

وفي اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط» مع الفريق الذي يقوم بالتنقيب في المنطقة الغربية من أمارة أبو ظبي، قال الدكتور وليد ياسين، مدير قسم الآثار في هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث، إن الفريق اكتشف عددا من الدلائل التي تشير إلى وجود عظام لفرس البحر والزرافة وطائر النعام الكبير (قبل انقراضه)، ومجموعة كبيرة من مملكة حيوانية كانت تعيش على امتداد 150 كيلومترا على ساحل أبو ظبي، ممتدة بنحو 50 كيلومترا داخل صحراء الامارة، مبينا أن ما يحمله بطن الصحراء يؤكد أن جل الحيوانات الموجودة فيها كانت تعيش في غابات ومروج.

ووفقا للدكتور ياسين فإن مواطني المنطقة الغربية من أبوظبي، أبلغوا هيئة الثقافة والتراث بوجود طبعات أقدام فيلة وحيوانات ضخمة على بعض من أجزاء الصحراء، «وهو الأمر الذي تطابق مع بحث الهيئة بوجود كميات كبرى من العظام الباقية والتي تشير إلى عمر زمني يعود إلى ملايين السنين. ويؤكد مسؤولو أبو ظبي أنه ومن خلال الاكتشافات التي تمت في امارة أبو ظبي، تبين أن أراضي المنطقة الغربية كانت قبل ثمانية ملايين سنة مختلفة عن الآن حيث كان فيها نهر يعج بأفراس النهر والتماسيح والسلاحف والأسماك، وفيها كذلك غابات وأراض أشبه بالسفانا، كانت تسرح فيها حيوانات لم يعد لها وجود حالياً في أي مكان من الجزيرة العربية، كالفيلة ووحيد القرن والزراف والنعام وغيرها.

وهذا التحري هو جزء من برنامج مدته أربع سنوات يتم تنفيذه بالتعاون مع إدارة البيئة التاريخية التابعة لهيئة أبو ظبي للثقافة والتراث.

وتسعى امارة أبو ظبي لحفظ وحماية التراث الثقافي المادي في الامارة وإدارته وتطويره، بما في ذلك المواقع الأثرية والثقافية والمباني التاريخية والمقتنيات.

ويتضمن هذا المشروع كذلك دراسة الطبقات الجيولوجية الغنية بالأحافير. ومن المواقع التي تم مسحها مناطق الحمرا وراس ضبيعة وراس القلعة وجزيرة الشويهات وجبل براكة، وسيقوم الفريق كذلك خلال الأيام القليلة المقبلة بمسح مناطق مليسة والنقا وأم الأشطان وجو الدبسا.

ومن النتائج التي تم التوصل إليها حتى الآن اكتشاف عدد من الأحافير المهمة، منها عظم حوض لطير كبير من فصيلة النعام، إضافة إلى فك فيل من فصيلة منقرضة. هذا ويذكر أن الحياة الحيوانية لعصر المايوسين في أبو ظبي كانت شبيهة بحيوانات نفس العصر في كل من أفريقيا وأوروبا وآسيا وقد تم كذلك العثور على عظام لفصائل أخرى يتم اكتشافها لأول مرة.

وبالتعاون مع أحد المتخصصين بعلم طبقات الأرض من الجامعة الأميركية في بيروت أخذت عينات من صخور المنطقة من أجل تحليل الحبيبات المغناطيسية المترسبة في مركباتها وبقايا الأحافير الدقيقة الموجودة فيها لمعرفة تاريخ تكوينها وطول حقبتها الزمنية.