«بيفانا» تسحر الصغار وتلهب حماس الكبار

الساحرة تزور أطفال إيطاليا اليوم لتهديهم حلوى وسكاكر أو قطعا من الفحم الأسود

إيطاليتان في ملابس الساحرة بيفانا خلال المهرجان السنوي الذي يقام في مدينة فيتربو
TT

تستمر فترة الأعياد وتخف حركة السير والازدحام في ايطاليا منذ الاسبوع الأخير من الشهر الماضي وحتى يوم الغد (الأحد) حين تزور الساحرة العجوز المنازل بشعرها الأبيض وقلنسوتها السوداء وهي تتنقل على عصا المقشة لتهدي الأطفال الجيدين جرابا مليئا بالحلوى والسكاكر، والأطفال السيئين قطعة من الفحم الأسود. كل هذا قبل أن يعود النشاط الطبيعي وتفتح المدارس أبوابها وتدب الحياة مجددا في ايطاليا. «بيفانا» أسطورة تسحر الصغار والكبار منذ أكثر من ألفي سنة. فكل طفل ذو خيال وأحلام بريئة لا ينام الليل منتظرا مكافأة البيفانا، وكل بالغ يترقب المشاركة في احتفالات السيرك ومتابعة المهرجين ومهرجانات الأغاني الشعبية. وحسب الاحصائيات الأخيرة فنصف سكان ايطاليا ينعمون بأجواء البيفانا وإن كانوا يتحسرون لتصادفها هذه السنة مع عطلة نهاية الاسبوع مما يحرمهم من الاستمتاع بيوم اجازة اضافية. وتأخذ مظاهر الاحتفالات بهذه المناسبة عدة أشكال. ففي مدينة فيتربو شمال العاصمة الايطالية، تم صنع جراب بلغ طوله 52 مترا وتم حشوه بمختلف أنواع الحلويات وسيجري عرضه في الشوارع اليوم الأحد أثناء الاحتفال السنوي. وفي مدينة كاميرينو بشرق ايطاليا فقد حضرت أطول قطعة من حلوى النوغا (ويسمونها بالايطالية توروني) بطول 400 متر ستدخل قطعا في كتاب غينيس للارقام القياسية. أما في روما فستقام الليلة حفلة موسيقية في حديقة الموسيقى ـ أكبر مجمع للعروض الفنية في أوروبا ـ للاغاني الشعبية الايطالية وسيكون المغني الشهير لوتشيو دالا نجم الحفل، كما ستقوم مجموعة من أشهر المهرجين في روسيا بعرض هزلي خاص علما بأن روما هي ثالث أفضل مدينة للاطفال في ايطاليا بعد تورينو في الشمال الغربي ورافينا في الشمال الشرقي. وفي مدينة فلورنسا بوسط البلاد فسيتوافد الأطفال والكبار فيها الى السيرك الاميركي كما ستسمح المتاحف التاريخية الفنية مثل متحف أوفيزي بزيارة مجانية للأطفال ليتعرفوا على لوحات مايكل أنجلو وبوتيشيلي الخالدة.

قد لا يعرف بعض المهتمين بالتاريخ أن أصل احتفالات البيفانا تعود الى أيام الرومان واعتناق المسيحية وربما الى أقدم من ذلك. كان الرومان يحتفلون كل عام بأعياد الشتاء ويخلدون الى الراحة حين يدب البرد الشديد وتتوقف الأعمال الزراعية ويختارون تمجيد آلهتهم بالطعام والشراب، وربما تأثروا باحتفالات الأقدمين في بلاد البابليين والآشوريين الذين كانوا يقدمون القرابين الى عشتار آلهة الخصب. يقال إنه حين انتشرت المسيحية في ايطاليا اقتبست الكنيسة بعض الأعياد الرومانية خاصة بعد الخلاف حول يوم ولادة السيد المسيح فاختار الكاثوليك يوم 25 ديسمبر (كانون الأول) والارثوذوكس 6 يناير (كانون الثاني) حسب السنة الميلادية المسماة الغريغورية فصادف يوم 6 يناير يوم البيفانا. قصة البيفانا الآن تكرر نفس الفكرة فتقول ان الساحرة رفضت مرافقة وفد كان يبحث عن الطفل يسوع ثم ندمت فيما بعد فقررت زيارة كافة البيوت بحثا عن الطفل المحبوب لتقدم له الهدايا. وسواء كان الدافع دينيا أم احتفاليا فالمهم أننا سنرى حسب التقاليد مئات من المحتفلين اليوم بألبسة تعود الى القرون الوسطى وهم يطوفون الشوارع في أجواء تغلب عليها الفرحة والتآلف.