سفينة نلسون وسيارة محترقة من العراق في ساحة ترافالغر

مسابقة لشغل العمود الرابع الفارغ والحكم للجمهور

زائرة تتفحص عمل الفنان ينكا شوينيبار المعنون «سفينة نلسون في زجاجة» المعروضة في الـ«ناشيونال غاليري» بلندن العمل واحد من ستة أعمال تتسابق لتحتل العمود الفارغ في ساحة ترافالغر (أ.ب)
TT

بالنسبة الى زائر ساحة ترافالغر التي اقيمت للاحتفاء بانتصار الاسطول البريطاني على جيوش نابليون بونابرت يبقى هناك تساؤل حول قاعدة العامود الرابع التي لا تحمل أي تمثال عليها. والمعروف تاريخيا ان القاعدة التي صممها سير تشارلز باري بنيت في عام 1841 كان من المقرر ان يوضع عليها تمثال للملك ويليام الرابع ولكن تعثر ذلك المشروع لنقص التمويل.

وفي عام 1999 تبنت الجمعية الملكية للفنون مشروع «قاعدة العامود الرابع» الذي تولى وضع تماثيل متعاقبة لفنانين معاصرين في ذلك المكان.

وأخيرا اطلقت مسابقة لإنجاز عمل فني يمكن ان يوضع على قمة العامود ويكون مجاورا لتمثال القائد الشهير نلسون. وفي قائمة مكونة من ستة اعمال قدم فيها فنانون بريطانيون رؤيتهم لما يمكن أن يصبح شاغل البقعة الفارغة في الساحة الاشهر. الاعمال المختارة تعرض في قاعة مفتوحة للجمهور بالـ«ناشيونال غاليري» المطل على ساحة ترافالغر حتى الربيع المقبل. ويترك تحديد القطعة الفائزة للجمهور الذي سيصوت عليها في شهر مايو (ايار) المقبل. وتعلق صحيفة «الاندبندنت» ان الطابع الجماهيري للمشروع الذي يبتعد بالأعمال الفنية عن جو المتاحف والنقاد هو ما يجعل للمشروع أهمية خاصة، وتضيف «هذا هو التمثال العام بمعنى الكلمة».

من بين الاعمال المعروضة هناك مجسم أنجزه الفنان ينكا شونيبار والمعنون «سفينة نلسون داخل زجاجة». والعمل الذي يقترب الى روح الميدان ويتناسب مع تمثال نلسون شاغل العامود الاطول في الساحة عبارة عن مجسم لزجاجة بداخلها سفينة حربية صغيرة ذات اشرعة من القماش الملون. ويقول الفنان إن عمله يعكس تعدد الثقافات في المجتمع البريطاني حيث أن القماش المستخدم في الاشرعة يحمل بعدا تاريخيا اذ استخدمت تلك الاقمشة بنقوشاتها في فترة الستينات كرمز للاستقلال الافريقي. أما الفنانة البريطانية تريسي إيمين والفائزة بجائزة تيرنر في عام 1999، فقدمت اربعة تماثيل لحيوان الميركات الشبيه بالقطط والذي ترى إيمين انه يعبر عن الوحدة وروح العائلة. ولكن تماثيل إيمين تبدو خفيفة الوقع اذا ما قورنت بعمل الفنان بوب اند روبرتا سميث الذي يحمل عبارة فرنسية «اصنعوا الفن لا الحرب» وتعتمد اللافتة الضخمة على قوة الريح لاضاءتها بمصابيح صغيرة ملونة. ويقول الفنان ان عمله يحاول تغيير وجه ساحة ترافالغر من كونها «ساحة تذكارية للماضي الحربي الى شعلة للثقافة».

أما العمل الرابع في المنافسة فهو للفنان جيريمي ديلر وهو اقرب للواقع الحربي البريطاني، فهو عبارة عن سيارة محترقة يرى الفنان ان تكون من مخلفات الحرب في العراق وان تنقل الى لندن. ويرى الفنان ان هذا قد يلفت الجمهور الى الحرب القائمة في العراق، ولكنه يؤكد ان السيارة في هذه الحالة ليست عملا فنيا وانما هي قطعة من الواقع ويضيف «هي ليست عملا فنيا تماما مثل ان المدرعة الحربية المعروضة في المتحف الحربي في لندن لا تمت بصلة لعالم الفن».

باستخدام اربع مرايات ضخمة في اعلى العامود يطمح الفنان أنيش كابور بان تعكس تلك المرايات المثبتة في أوضاع مختلفة صورا مقلوبة للسماء والارض، تصبح تلك المرايات أداة لعرض المناظر الطبيعية والمطر والسحب والسماء وضوء الشمس بدلا من الاعمال التي تعكس البطولة والسياسة.

ويبدو ان الاعمال المعروضة كلها تتفق في وجوب تقديم مفهوم جديد بعيد عن المفهوم البطولي الاستعماري الذي يرمز له تمثال نلسون.

ويبقى الفنان الشهير أنتوني غروملي الذي يعرفه الجمهور البريطاني من تمثال «ملاك الشمال الضخم» المقام على أحد الطرق السريعة في مدينة نيوكاسل، فيقرر الفنان ان المساحة الفارغة اعلى العامود يجب ان تكون مخصصة للانسان، فيقترح ان يمنح الجمهور عبر مسابقة لاختيار الافضل فرصة للوقوف أعلى العامود للتعبير عن موقف او القاء كلمة، وهو ما سيكون محكوما بضوابط بالطبع. ويقول غروملي ان فكرته هي خليط ما بين ركن المتحدثين في حديقة الهايدبارك وبين تلفزيون الواقع. واذا ما فاز غروملي في المسابقة فانه سيحتاج الى 8760 متطوعا من مختلف أنحاء العالم ليتبادلوا الوقوف كل منهم لمدة ساعة على أعلى العامود وذلك على مدار اليوم لمدة عام كامل. ويتوقع غروملي ان يتنوع الاشخاص من المتطرفين فكريا الى من يريدون الانتحار او حتى من سيلزمون الصمت، ولكنه يقول «ان العالم عبارة عن مسرح كبير وكل الناس مدعوون للوقوف على خشبته».