الشتاء يطرق الأبواب في السعودية والخليج

الثلوج تحط رحالها على جبال رأس الخيمة والمخيمات تنتعش في الكويت وموجة برد تجتاح مناطق متفرقة في السعودية

تاجر أخشاب سعودي يتدثر بمعطف ثقيل لمقاومة البرد الذي أصاب مدن المملكة و بسببه ارتفعت اسعار الخشب الذي يستخدم للتدفئة
TT

تأثرت السعودية والخليج بموجة البرد الشديدة التي تسود العالم حاليا، وانخفضت درجات الحرارة عن معدلاتها الطبيعية في بلدان تعرف بطقسها الحار عامة. ولعل ذلك التناقض هو ما جعل خبر وفاة رجل في المدينة المنورة من شدة البرد يبدو غريبا لسكان السعودية.

فقد أودت موجة البرد الشديدة التي تشهدها المدينة المنورة وعدد من مناطق السعودية، بحياة احد رجال الامن العاملين بوحدة أمن مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي في المدينة المنورة.

واعلن عن وفاة وكيل رقيب (ز ج) عند الثالثة فجرا، جراء تعرضه لبرودة الطقس، اثناء تمركزه في نقطة حراسته داخل العربة، واكتشف زميل مناوب الوفاة عندما شعر بأن زميله لا يجيب على النداءات المتكررة، وانه اكتشف توقف علاماته الحيوية، التي شخصت وفاته بعد الكشف عليه طبياً، بأنها ناتجة عن توقف عمل القلب نتيجة شدة البرد.

وكانت منطقة المدينة المنورة قد سجلت معدلات منخفضة لدرجات الحرارة هذا العام، فيما توقع خبراء الأرصاد الجوية أن يشهد عدد من المدن السعودية موجة برد قارس، بدءا من غد السبت، اذ ستنخفض درجات الحرارة إلى الصفر في الرياض والمناطق الشرقية والشمالية والجنوبية، وذلك بعد التحسن الملموس الذي طرأ على حالة الطقس خلال اليومين الماضيين.

وذكر بيان بثته إدارة التحاليل والتوقعات بالرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، وجود فرصة لهطول أمطار قد تصحبها زوابع رعدية مع نشاط في الرياح السطحية، خلال اليوم والغد، تستمر حتى بداية الأسبوع المقبل، خصوصا في مناطق شمال غرب المملكة، تليها مناطق الوسط والشرق، بسبب بدء محور المنخفض الحراري بالتفاعل التدريجي مع محور منخفض جوي متعمق في طبقات الجو العليا، وتتحول معظم الرياح إلى جنوبية غربية نشيطة يصحب ذلك ارتفاع تدريجي في درجات الحرارة، مثلما حدث يوم الأربعاء الماضي، ويستمر ذلك إلى اليوم الجمعة، ويتوقع أن يصل مستوى درجات الحرارة إلى 3 درجات مئوية، في الوقت الذي لن تزيد عن 8 درجات في معظم المناطق.

من ناحيتها نفت الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة ما تناقلته وسائل الإعلام خلال الأيام الماضية من تحذيرات حول موجات برد تتعرض لها البلاد لأول مرة على بعض مناطق المملكة، مشيرة الي ان ادنى الدرجات التي ينتظر ان تسجل في المملكة 4 درجات تحت الصفر في حائل والمناطق الشمالية.

واوضحت الرئاسة ان ادنى الدرجات التي سجلتها ابرد المناطق السعودية في الاعوام الماضية لم يتجاوز 9 درجات تحت الصفر، وسجلتها مدينة حائل، وبحسب حسين محمد القحطاني المتحدث الرسمي باسم الأرصاد، فان اقصى درجة برودة سجلتها الرياض كانت 4 درجات تحت الصفر قبل اكثر من 10 سنوات، وزاد «وهذا ينافي ما يشاع حاليا».

وأشار القحطاني إلى تأثر بعض المناطق بموجة برد جديدة بداية من السبت المقبل، مبينا ان الانخفاض في درجات الحرارة إلى نقاط دون الصفر في بعض المناطق كالرياض والمنطقة الشرقية والشمالية والجنوبية، يأتي بعد التحسن الملموس الذي بدا على حالة الطقس خلال اليومين الماضيين.

واضاف القحطاني ان إدارة التحاليل والتوقعات بالرئاسة بينت في تقريرها، أن هناك فرصة بمشيئة الله لهطول أمطار قد تصحب بزوابع رعدية مع نشاط في الرياح السطحية، وذلك خلال اليوم والغد، وكذلك بداية الأسبوع القادم بدءا من مناطق شمال غرب المملكة من ثم مناطق وسط وشرق المملكة، حيث يبدأ محور المنخفض الحراري بالتفاعل التدريجي مع محور منخفض جوي متعمق في طبقات الجو العليا وتتحول معظم الرياح إلى جنوبية غربية نشيطة يصحب ذلك ارتفاع تدريجي في درجات الحرارة، التي بدأت في التصاعد من الاربعاء إلى اليوم الجمعة، ويتراوح الارتفاع من 3 إلى 8 درجات مئوية.

وعاودت إدارة التحاليل والتوقعات تحذيرها من ان موجة برد قادمة تتأثر بها أجواء المملكة تعيد درجات الحرارة إلى التدني تبدأ من يوم غد السبت.

ورجح القحطاني أن تصل درجات الحرارة في المناطق الشمالية الى اقل من 4 درجات تحت الصفر، تليها في البرودة مدن الرياض والقيصومة وبعض المناطق القريبة منها، التي قد تصل فيها درجات الحرارة إلى الصفر المئوي، وهي نفس الدرجة في الباحة، وبعض المناطق المرتفعة في المنطقة الجنوبية، بعكس المناطق الساحلية كجيران وجدة، التي توقع بان تصل فيها اقل درجة حرارة الي 17 درجه مئوية.

أما السكان فلجأوا الى الاكلات الساخنة الموسمية التي تجلب الدفء في الليالي الباردة مثل الحنيني والعريكة والمحلى وشراب السحلب والكستناء المشوية. أما في الامارات العربية المتحدة، التي يمكن اعتبار مناخها اكثر برودة من مناخ السعودية، فقد شهدت خلال الايام القليلة الماضية انخفاضا كبيرا في درجات الحرارة، خاصة في الامارات الشمالية التي وصلت فيها درجات الحرارة للصفر المئوي.

وتتوقع مراكز الأرصاد الجوية أن تواصل درجات الحرارة انخفاضها، وأن تشهد الامارات تقلبا في طقسها ليلا ونهارا، وتشير التوقعات إلى أن تصل درجات الحرارة إلى أقل من عشر درجات مئوية في الليل في معظم المناطق الاماراتية.

ولم يتوقف المد الشتوي على الامارات على انخفاض درجات الحرارة، بل أن الثلوج حلت أيضا على بعض المناطق الشمالية، كما شهد ذلك يوم الثلاثاء الماضي، حيث هطلت الثلوج على قمة جبل جيس التابع لأمارة رأس الخيمة وانخفضت درجة الحرارة إلى واحد تحت الصفر، وجاء هذا التغيير في الطقس في هذه المنطقة بالذات، بسبب تأثر المنطقة برياح شمالية باردة محملة بالسحب الممطرة.

وبحسب توقعات الأحوال الجوية، فمن المنتظر أن تواصل درجات الحرارة انخفاضها خلال اليومين المقبلين على المناطق الاماراتية. وساد المنطقة جو بارد وبلغت درجة الحرارة العظمى خلال النهار 17 درجة مئوية، و10 درجات مئوية خلال الليل في دبي والعين.

في الكويت ومع دخول الشتاء، تغيرت طريقة تعاطي المجتمع مع هذا الفصل، فبدا البعض في التحضير لإقامة مخيمات في الصحراء التي تشكل معظم جغرافية الدولة، وتحول الكويتيون إلى السياحة الداخلية، وقضاء إجازاتهم داخل البلاد بعكس ما يحدث صيفا.

ويتوزع الكويتيون صحراويا ما بين شمال البلاد وجنوبها، وتنشط ظاهرة إقامة المخيمات الخاصة، التي يمكن تميزها بمحاذاة الطرق السريعة المؤدية إلى خارج المدينة، وتمتد حتى قلب الصحراء، مبتعدة بحوالي عشرين كيلومترا عن المدنية.

وتحولت إقامة المخيمات إلى صناعة يتولاها متعهدون مختصون، يقومون بتجهيز مخيمات كاملة، بحسب الحاجة، من خلال توزيع الخيام، بناء على عدد الرواد، وتخصيص خيام للتجمعات، وأخرى للتسلية، ثم يقومون بتأجيرها سواء على العائلات أو الشركات الخاصة ومؤسسات الدولة، بغرض التجمعات العائلية أو لإقامة أيام مفتوحة للموظفين.

وعادة ما تجهز هذه المخيمات بجميع الاحتياجات الضرورية كدورات المياه والمفروشات، والكماليات كأجهزة البلازما ووصلات الانترنت فائقة السرعة، إلى جانب مساحات مفتوحة للعب الأطفال وملاعب الكرة الطائرة وكرة القدم. كما تشهد هذه الفترة من العام، رواجا في سوق الدراجات النارية رباعية العجلات، ومولدات الكهرباء، إضافة إلى الفحم ومعدات الشواء والتدفئة، إضافة إلى القبعات والقفازات والأوشحة والجوارب الصوفية.

وفيما يستمتع الكويتيون بقضاء وقتهم في المخيمات الصحراوية، يفضل آخرون المكوث في بيوتهم، اتقاء لبرود الطقس، ورغبة بخلق جو أسري حميمي حول المدفأة، حيث تسود روح من الألفة، على صوت فوران المشروبات الساخنة كالشاي المنقوع بالنعناع، والحليب الممزوج بالزنجبيل، والزعتر البري، وغيرها من المشروبات التي تقدم خلال هذه الفترة من العام.

ومع تغير المناخ عالميا، وتنامي موجات البرد والصقيع في المنطقة، أخذ المزارعون الكويتيون يشتكون منذ العام الماضي، من تداعيات موجة الصقيع التي تتعرض لها البلاد، إذ تقضي على كثير من المحاصيل، وتكبدهم خسائر تقدر بملايين الدنانير.

وبحسب تصريح نائب المدير العام لشؤون الثروة النباتية في الهيئة العامة لشؤون الزراعة فيصل الصديقي، فإن فرقا مختصة بدأت الأسبوع الجاري إحصاء الضرر في المزارع المتضررة، في منطقتي الوفرة القريبة من الحدود الكويتية السعودية جنوبا، والعبدلي المتاخمة للحدود العراقية الكويتية شمالا، لمعرفة حجم الأضرار التي تعرضت لها المزارع منذ بداية الأسبوع، فيما لا يزال المزارعون بانتظار تعويضات كانت الحكومة قد قررت صرفها لهم لتغطية خسائرهم التي تكبدوها من موجة صقيع العام الماضي.