مدينة نابل التونسية تستقبل العام الجديد بعرائس من السكر

في مهرجان سنوي يقام احتفالا برأس السنة الهجرية

ملصق المهرجان (نابل ـ 2) («الشرق الأوسط»)
TT

إذا كان الأوروبيون يستقبلون العام الجديد بالحلويات والمرطبات والديوك الرومية، فان للعديد من العائلات العربية عامة والتونسية خاصة عاداتها في استقبال العام الهجري الجديد. ولعل عادة طبخ الملوخية من بين أكثر العادات انتشارا بين هذه العائلات تيمنا بخضرة «الملوخية». وفي هذا الإطار، تختص مدينة نابل التونسية دون سائر مدن البلاد التونسية بعادات طريفة في الاحتفال برأس السنة الهجرية، إذ أن العائلات هناك تطبخ «الملوخية» في آخر يوم من السنة الهجرية وتفتح السنة الجديدة في يومها الأول بطبق «الكسكسي» والحلوى والفواكه الجافة. ويحتفل الأطفال على طريقتهم الخاصة، فيتم إعداد حلوى «المثرد» والذي تتوسطه عروس مصنوعة من الحلوى ويزين الطبق بمختلف أنواع الفواكه المجففة.

وتصنع هذه العرائس وتباع في نابل مع الحلوى والفواكه الجافة على ناصية الشارع الرئيسي للمدينة طيلة الأسبوع الذي يسبق رأس السنة الهجرية، وهو ما يضفي حركة في صفوف العائلات ويرسم الفرحة على وجوه الأطفال الصغار.

وتفترض التقاليد المنتشرة في صفوف العائلات هناك أن تكسر عروس رأس العام يوم عاشوراء وتؤكل أو يحلى بها الشاي، ويبقى التساؤل مطروحا حول مصدر صنع عروس السكر ومدلوله، فالبعض يرجع هذه العادة إلى عادات فينيقية والبعض الآخر يرجعها إلى أعماق التاريخ ويربطها بعادات بونية؟

وبما أن مدينة نابل تعتبر المنطقة الأقرب لايطاليا، فمن المرجح أن هذه العادات قد تمازجت بمرور الحضارات والسنوات بين شعوب الضفتين. ولتأكيد تمسك المدينة بهذه العادة الطريفة، فان نابل هي المدينة التونسية الوحيدة التي تقيم سنويا مهرجان عرائس السكر، فقد بادرت جمعية صيانة مدينة نابل منذ سنة 1997، بتنظيم تظاهرة للتعريف بعادات نابل في الاحتفال برأس السنة الهجرية وصنع عرائس السكر بفضاء معرض المدينة. إلا أن تلك العرائس حملت تساؤلات الزوار حول مدلول هذه الاحتفالات وخصوصية الاحتفال لدى سكان هذه المدينة. ومع مرور السنوات اكتسبت التظاهرة أحقيتها وأصبحت من بين الأركان التنشيطية للزائرين لمعرض نابل. وشهدت سنة 2004 العرض الأول لشريط «عرائس السكر بنابل» للسينمائي أنيس الأسود ومعرضا لعرائس السكر المصنوعة في نابل وعرائس السكر من منطقة باليرمو الايطالية. ويرى منظمو هذه التظاهرة الطريفة أن سنة 2006 هي السنة الرسمية لانطلاق هذه المهرجانات، وذلك لارتباطها بانطلاق المسابقة التي أضفت الكثير من الحركة من قبل صناع الحلوى والعرائس. ومن المنتظر أن يتخذ المهرجان ذو الطابع الإقليمي حسب تطلعات منظميه، طابعا عالميا. وكان المهرجان قد امتد خلال السنة الماضية ثلاثة أيام واحتضنه وسط المدينة العتيقة بنابل، وشهد إضافة مسابقات وتنظيم ورشات فنية لزخرفة عرائس الطين بمشاركة الأطفال ونوادي الرسم بالمدارس الابتدائية وطلبة المعهد العالي للفنون الجميلة بنابل وورشة تقنية لصب السكر في القوالب لصنع العرائس إلى جانب معرض وثائقي وعرض أشرطة وثائقية تهتم بعروس السكر. والواضح أن هذه العادة على طرافتها اتخذت أبعاداً سياحية فهي تجلب الكثيرَ من الزوار لمدينة معروفة بكونها تستقبل أعدادا هائلة من السياح سواء داخل البلاد أو خارجها، وهو ما يفسر في جانب ما سعي منظمي هذه المهرجان نحو جلب المزيد من المشاركات الأجنبية، والتي انطلقت فعليا بالمشاركة الإيطالية. وإذا كانت بداية السنة بالقليل من الحلوى فألاً حسناً، فان الإقبال على عرائس الحلوى بنهم في بلد مثل تونس يسجل أعدادا هائلة من المرضى المصابين بداء السكري سواء من الأطفال الصغار أو المسنين، مما يجعل الكثير منهم يحتاطون قبل التهام هذه الحلوى، حتى وان كانت في شكل عرائس.