معرض «بيتي».. كرنفال من الألوان

حظ الصغيرات كان فيه أكبر من حظ الذكور وموضة الطبقات المتعددة هي السائدة

لقطة جماعية لفتيات «ميس بلومارين»
TT

دورة الموضة لم تعد تقتصر على الكبار، رجالا ونساء، بل أصبحت تشمل الصغار ايضا. ففي ميلانو ومنذ عدة سنوات هناك عروض خاصة على هامش أسابيع الكبار، تخص فلذات أكباد متابعات الموضة، من اللواتي لا يردن أن يتخلف صغارهن عن الموضة، وبالتالي هن مستعدات اكثر من أي وقت مضى لصرف مبالغ كبيرة لهذا الهدف، بل وكلما كانت الأزياء نسخا مصغرة عن أزيائهن الموقعة من قبل مصمميهن المفضلين كان ذلك افضل. وبيوت الأزياء العالمية لها دائما آذان صاغية، فما ان تلتقط نغمة جديدة حتى ترقص عليها بل وتصدر إيقاعات جديدة مبنية عليها. فمنذ بضعة اسابيع شهدت موسكو معرضا خاصا بالأطفال فقط، لا يقتصر على أزياء مترفة وفخمة فحسب، بل أيضا على آخر الصرعات في تسريحات الشعر والعناية بالبشرة. فليس من المعقول بعد الآن ان تنتظر الفتيات سن المراهقة للبدء في تعلم أبجديات الجمال والعناية بالشكل، بل يجب ان يتسلحن بالمعرفة والحس الجمالي العالي منذ نعومة أظافرهن، حتى لا يداهمهن الزمن على حين غفلة. وهذا الأسبوع، وبمجرد انتهاء اسبوع ميلانو الرجالي، حتى بدأت عروض الأطفال «بيتي» التي تشهد مشاركة عدة بيوت ازياء معروفة، خصوصا أن اسماء كبيرة دخلت اللعبة منذ فترة، بدءا من أرماني وكافالي، إلى ديور وبيربيري وبلومارين وميسوني وهلم جرا. ولعل بلومارين أكثر من برهن على إتقانه مخاطبة شرائح الفتيات الصغيرات والأطفال بلغة الأمهات، من خلال تشكيلات وتصميمات في غاية الرقة والنعومة. هذه الدار الغضة التي تم تأسيسها عام 1977 فقط على يد أنا موليناري وزوجها جيانبولو ترابيني، بمساعدة موسكينو في البداية، تميزت منذ انطلاقها بحسها الرومانسي، بل حتى اسم الماركة «بولمارين» مستوحى من لون البحر وعشق الزوجين له، وبالتالي ينعكس بشكل أو بآخر على تصميماتها للشابات. وهذا الحس الرومانسي هو الذي تحرص موليناري بالذات على أن تصبغه على الصغيرات، وماركتهن الفتية التي انطلقت عام 1987. ربما يعود الأمر إلى أنها امرأة وأم، وبالتالي تعرف تماما ما تريده أي أم لصغيراتها. ولا شك ان ذلك كان من ضمن العناصر التي جعلتها تحصل على جائزة مصممة العام في 1999، بالإضافة إلى جوائز اخرى حازت عليها عبر السنوات. ولا شك ان لغة التأنيث الغالبة، عندما يتعلق بأزياء الصغار، تعود إلى أن الأم تحب التعامل مع مظهر طفلتها أكثر من تعاملها مع مظهر طفلها، فقط لأن الخيارات قليلة وتقتصر على كنزات وبنطلونات وما شابهها، فليست هناك اكسسوارات زينة ولا ألوان متوهجة ولا تصميمات من الحرير والشيفون أو المخمل. بعبارة اخرى ليس هناك ما يعيدها إلى طفولتها. ولأن ما هو مطروح للإناث متنوع ورائع ويسمح لها بالتلاعب بالموضة بشكل فيه بعض الابتكار والخيال، فإنها تميل احيانا إلى التعامل مع طفلتها وكأنها دميتها الخاصة التي تتفنن في إبراز جمالها، وتعكس من خلالها ذوقها الخاص. وربما ايضا تتمادى في هذا الأمر لأنها تعرف، في لا وعيها، ان هذه الفترة قصيرة وبالتالي عليها ان تغرف منها قدر الإمكان. فالجيل الجديد يكبر بسرعة ويفهم اكثر من سابقه في أمور الموضة ومستجداتها، فما ان تبلغ الفتاة سن الخامسة حتى تبدأ في فرض شخصيتها وآرائها. في البداية يكون تأثير «باربي» والشخصيات الكارتونية هو الغالب، لكن بعد ذلك يبدأ تأثير بريتني سبيرز ومثيلاتها. لكن إلى ان تصل إلى تلك السن فإن الموضة التي طرحها أخيرا المصممون وبيوت الأزياء الإيطالية في معرض «بيتي بيمبو»، الذي يعتبر من اهم المعارض الخاصة بالأطفال، بل يمكن القول انه الترمومتر الذي تقاس به توجهات الموضة إلى هذه الشريحة، تشير إلى أن هناك تنوعا وابتكارا، لكن هناك ايضا عودة إلى الطفولة بكل براءتها ودلالها. وكالعادة شاركت بيوت نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ميسوني، كلوي، ألبيرتا فيريتي، أرماني، كافالي وهلم جرا. وكانت الإشارة الواضحة أن كلمة الزبونات الروسيات هنا ايضا مسموعة بفضل قدراتهن الشرائية وهوسهن بكل ما هو مميز. فكل ما في هذه التشكيلات يضج بالأناقة والمرح، والأهم من كل هذا الفخامة التي تريد اية ام مقتدرة ان تحصل عليها. لكن الجانب الإيطالي كان ايضا حاضرا من خلال الألوان والنقوشات والاقمشة وطبعا التصميمات. وإذا كانت موضة الأمهات تغلب عليها قطعة «الفستان» الذي تسيد خزانتها في العام الماضي وسيبقى معها في المواسم المقبلة، فإن القطعة التي غلبت على موضة الصغيرات لهذا العام هي التنورة الواسعة، أحيانا مستديرة ومنفوخة، بعضها مدعوم بالتول حتى يزيد من استدارتها، واخرى بطيات تجعلهن في كل خطوة يبدون وكأنهن بجعات أو حمامات. وهذا بحد ذاته يجعل العرض ممتعا للأمهات قبل صغيراتهن، والنتيجة ممتعة ايضا للمصممين بالنظر إلى حجم المبيعات الذي يرتفع مباشرة بعد العرض. صحيح انها نسخ مصغرة عما يمكن لأي شابة ان تلبسه، لكنها اكثر نعومة وبراءة، بنقوشاتها المستوحاة من الطبيعة أو من قصص ألف ليلة وليلة برومانسيتها. وإلى جانب التنورات كانت هناك الفساتين ايضا، وإن بعدد أقل، وغلب عليها قماش المخمل الناعم المنساب، ما يجعلها مناسبة للحفلات والمناسبات الكبيرة، إلى جانب المعاطف التي يزين ياقتها الفرو، أو مطبوعة بنقوشات الحيوانات البرية. كانت هناك أيضا جاكيتات قصيرة وواسعة، فضلا عن كنزات متنوعة من الصوف والكشمير، هي ايضا قصيرة إلى حد أن بعضها لا يغطي سوى الأكتاف. في عرض «بلومارين» لم تهمل الاكسسوارات، فقد كانت سخية ولم تغب منها سوى حقائب اليد. فالجوارب جاءت منقوشة، بل إن بعضها كان مخرما وبعضها بألوان تلهب خيال الصغيرات، والأحذية تنوعت بين المنخفض تماما مثل أحذية الباليرينا، وبين العالي الكعب، لكن القاسم المشترك بينها انها كانت من الجلد اللماع، الذي يعرف انتشارا كبيرا في صفوف الكبيرات ايضا. القاسم المشترك الآخر بين كل هذه القطع، سواء الفساتين أو التنورات، فكان طولها الذي يجلس فوق الركبة. فقد غابت فساتين وتنورات «الماكسي» الطويلة. ولعل التفسير الوحيد لهذا الغياب ان موضة الطبقات المتعددة التي رأيناها في السنوات الماضية ستبقى مع الصغيرات لسنوات مقبلة نظرا لجمالياتها وعمليتها في الوقت ذاته. ورغم ان تعدد الطبقات كان جليا في تشكيلة «بلومارين» إلا انها كانت اوضح في تشكيلة «بروكسفيلد جونيور» التي جاءت على النقيض من «بلومارين»، شقية شقاوة الصبيان، من حيث البنطلونات والخامات الصوفية التي توحي ببعض الخشونة احيانا، إلى جانب الألوان الداكنة. ولا شك ان الألوان كانت من الأشياء اللافتة هذا العام في معرض «بيتي». فـ«بلومارين» مثلا ابتعدت عن الألوان الهادئة وتبنت الألوان المتوهجة، مثل الأحمر القاني، بل إن نقوشات «كافالي» للكبار، كانت بهي الأخرى موجودة بشكل لافت.