مواد ملونة بريشة بوران جينشي

TT

تمزج بوران جينشي بين لوحات مصنوعة بعناية شديدة من المنسوجات المصبوغة أو التي تحمل علامة تجارية، وبين فن الخط العربي والتصميمات الهندسية المستوحاة من الفن الإسلامي، لكي تبدع تشكيلتها الخاصة من القبعات ما بعد الحداثية. تركز جينشي على الأزياء والعلامات التجارية حتى تستطيع أن تحدث تغييرا جذريا في هذا العنصر من عناصر الحياة العصرية الراقية، وتجعله يعبر عن الشخصية المتفردة للفنان، حتى أن من يرتدي هذه الأزياء يختفي تماما ويظل العمل الفني فقط في مكانه.

تعلمت جينشي فنون الخط في فترة نشأتها في مدينة مشهد الإيرانية. وهي تركز في أعمالها الفنية على المزج الخلاق بين الجوانب التقليدية من ثقافتها وفنون الخط وبين مغامراتها الجمالية الخاصة. وفي معرض مزين تستكشف جينشي إمكانية الدمج المبدع بين اللغة القديمة وبين لغة العصر وعلاماته التجارية، حيث تختلط شعارات «نايك» و«بيربيري» الشهيرة مع فنون الخط الإسلامية لإبداع قبعات فريدة في نوعها. تعلق هذه الأعمال الورقية الجريئة على أساليب التسويق الإثنية، وتفكك مفاهيم الهوية، وتناقش تأثير مجتمع العولمة على هذه الهويات.

كما تشمل هذه التشكيلة الفنية أعمالا مكونة من نماذج تلتف فيها الخيوط المزركشة لترسم صورة شاملة للنسيج، ثم تضفي جينشي طبقة جديدة عليها من الأشكال المعتمدة على فنون الخط الإسلامية بانسيابيتها الشهيرة ولمساتها الجمالية الأخاذة. تستوحي جينشي عادة تصميماتها الخطية من قصائد أو جمل فارسية، وعلى الرغم من أنها تظل مبهمة ولا تشكل كلمة أو جملة مفيدة، إلا أن المشاهد لا يسعه إلا أن ينبهر بثقلها الثقافي وأصلها العريق.

ولا تخلو لوحات جينشي من عناصر فكاهية، فترفرف راية القراصنة بمرح فوق بعض أعمالها، وتستخدم قطعا نحتية مازحة تسخر من المتلقي برفق، بينما تتلاعب الفنانة بقبعات الرأس وتزركشها بنماذج مستوحاة من غوتشي أو ملابس العسكر فتضفي عليها روحا شبابية متمردة.

تعد تشكيلة مزين الأولى من نوعها من إبداع جينشي، وهي الفنانة التي تشتهر بتطورها المتواصل وبحثها الدائم عن أفكار وأشكال جديدة، حيث استكشفت الفنانة في رحلتها الإبداعية الطويلة العديد من المفاهيم، كما في سلسلة «أعمال النمل» التي تعتمد على اللونين الأبيض والأسود وتستوحي تحركات النمل، وسلسلة أعمال «الترديد» المكونة من رموز لغوية تتردد في أرجائها نصوص فارسية، ولكن دون أحرف العلة أو التحريك، لتنطق بلغة تستعصي على الفهم. وعلى الرغم من حرص جينشي على استكشاف العديد من الأساليب والمدارس الفنية إلا أنها ظلت ملتزمة بثقافتها التي تعتمد على فنون الخط والتجريد. وتظل جميع أعمال جينشي الفنية، الماضية والحاضرة، مخلصة لتراثها الثقافي العريق وروح العصر في نفس الوقت.