الإعلانات هندية والعارضات أوروبيات

تعكس تفضيلا ثقافيا عميقا للبشرة الفاتحة

TT

يظهر في الإعلان التلفزيوني نجم سينمائي هندي يسير على الشاطئ، يضع نظارة شمسية تحمل اسمه. وفجأة تظهر فتاة بيضاء ترتدي مايو بكيني اسود اللون على الرمال ثم تظهر أخرى. وبعدها تظهر فتيات بيض يهبطن من السماء ويعدو النجم السينمائي للاختفاء.

وتضع فتاة آيسلندية خضراء العينين ذراعها حوله وتهمس بإغراء «مجموعة الخريف... يا حبيبي.» والإعلان هو لشركة نظارات شمسية، ولكن المنطلق غير مميز في عالم الإعلانات الهندية. فهذه الايام، تطل وجوه النساء والرجال البيض، معظمهم من اوروبا الشرقية، من لوحات الاعلانات ومن مراكز التسوق ومجلات الازياء. وفي معرض دولي للسيارات في نيودلهي كانت معظم العارضات من البيض.

لقد تزايد وجود العارضات القوقازيات في الاعلانات الهندية في السنوات الثلاث الماضية. ويعكس الاتجاه تفضيلا ثقافيا عميقا للبشرة الفاتحة في هذه الدولة ذات البشرة البنية. ولكن المحللين ذكروا ان الاهتمام بالبشرة الفاتحة، يرجع ايضا الى عولمة الاقتصاد التي ادت الى جذب مزيد من العارضات من اوروبا الى مدن مثل ممباي التي تعتبر العاصمة الثقافية للهند.

وقال انكاشي تشارابورتي، رئيس وكالة اسكيمو انديا المتخصصة في احضار العارضات من اوروبا الشرقية «يتطلع الهنود دائما لهذه البشرة البيضاء الجميلة النقية. وهي متأصلة في نفسيتنا. ويتصل بي المعلنون للمنتجات الدولية والهندية ويسألون: نبحث عن عارضة بيضاء شعرها اسود أو: هل لديك فتاة بيضاء ذات ملامح هندية؟ يريدون فتيات بيضاوات يناسبن الذوق الهندي».

ويتبلور هوس الهنود في الاعلانات المبوبة وفي مواقع الانترنت التي تساعد على ترتيب الزيجات. فالعبارات المستخدمة للون البشرة هي «فاتح للغاية او فاتح او قمحي او قمحية متوسطة أو قمحية غامقة أو غامقة أو غامقة للغاية.» ويعلق كبار السن في الأسر الهندية على لون المولود الجديد بعد التأكد من جنسه. وواحد من افضل كريمات تفتيح البشرة المباعة في الهند اسمه fair&lovely. وقد صدر كريم للرجال بإسم fair&handsome في العام الماضي.

وتقول ريا راي وهي عارضة هندية في الثانية والعشرين من عمرها «العقلية الهندية تفضل البشرة الفاتحة. ويتم تفتيح صوري لكي ابدو افتح ـ في الواقع افتح كثيرا. ولكن عندما اعمل في بريطانيا وفرنسا، يعتبر لوني مميزا. انه طريق مزدوج، العارضات الهنديات يذهبن للخارج والعارضات الاجنبيات يأتين الي هنا».

وتكسب العارضات البيضاوات اللائي يعملن في الهند بتصاريح عمل ثلاثة اشهر ما بين 500 الى 1500 دولار في العمل الواحد، وهو مبلغ رخيص نسبيا، لأن العارضات يأتين عادة من دول اوروبية لا تزال في مرحلة التطور، وجديدات على ساحة الإعلانات الدولية. اما بالنسبة نجمات بوليوود ولاعبي الكريكيت وكبار العارضات الهنديات، فيحصلن على اجور مرتفعة.

ويقول المعلنون انهم يفضلن العارضات البيضاوات لأنهن اقل حرجا من نظرائهن الهنديات فيما يتعلق الكشف عن مفاتنهن.

وقد وتقول تانيا بوهينس وهي عارضة سلوفانية في الخامسة والعشرين من عمرها «اشعر باهتمام الهنود بلون بشرتي. واعتقد ان ذلك يرجع الى ان البريطانيين حكموا الهند لفترة طويلة». وقد عاشت تانيا في الهند لأكثر من شهر وشاركت في اعلانات للعطور والملابس والفنادق.

وتنشر مجلات الازياء الدولية مثل كوزموبوليتان وايل وماري كلير وفوج، في طبعتها الهندية فتيات بيضاوات على صفحتين. ويقول رئيس تحرير الطبعة الهندية من مجلة فوج باندانا تيواري هذا المنطلق «غلوكال» وهو مزيج من الكلمتين الانجليزيتين عالمي ومحلي لوصف التوجه الجديد بين المستهلكين الهنود. وقال تيواري «عندما نجعل عارضة بيضاء ترتدي ملابس هندية، يعتبر ذلك تبادلا ثقافيا. وهو يظهر الثقة الاقتصادية الذاتية. وهو أيضا يلبي الشعور العام بارتباط الجمال والبشرة الفاتحة. وبالنسبة لشخص يجر عربة ريكشاو ويكسب دولارين في العام تعتبر رؤية فتاة بيضاء مهربا وحلما».

وتجدر الاشارة الى ان بعض العاملين في مجال الإعلانات يشير الى ان هذا الاتجاه هو محاولة لإعطاء المنتجات الهندية صبغة دولية. الا ان هذا السعي محصور في العارضات البيضاوات. ونادرا ما تظهر عارضات افريقيات او من شرق آسيا». وتقول روهيت شاولا المصور الفوتوغرافية والمخرجة «الكثير من الشركات العالمية تدخل السوق الهندية الآن وهذه الشركات تستخدم عارضات فاتحات البشرة للتأكيد على هويتهن الغربية. وفي المقابل تتنافس الشركات الهندية مع الشركات الغربية في استخدام العارضات الغربيات. و يعكس ذلك فكرة ان وضع وجه أبيض للدعاية عن منتجك هو الطريق السريع للبيع».

وقد بدأت شركة وودلاند للأحذية والملابس في استخدام عارضات بيضاويات في اعلاناتها المطبوعة في الهند قبل عامين. واشار مسؤول في الشركة الى ان التسويق والاستراتيجية الثقافية كانت وراء هذا الاتجاه. ومن جانبه قال لوكايش ميشرا، المدير العام للتسويق في وودلاند «فتحنا محلين في دبي في العام الماضي وندرس الآن هونغ كونغ وكوالا لمبور، ونريد الآن القول اننا ماركة عالمية. ونهتم ايضا بالعقل الهندي الذي يعتقد انه اذا كان البيض يستخدمون منتجاتنا فلا بد انها جيدة».

* خدمة «واشنطن بوست» - خاص بـ«الشرق الأوسط»