دبي: المتحف البريطاني يستعرض اللغة العربية عبر «فن الكلمة»

نائب الرئيس الإماراتي يفتتح المعرض الأول من نوعه بالشرق الأوسط

الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي يتأمل في أعمال المعرض. («الشرق الأوسط»)
TT

إذا كان محبو اللغة العربية يبحثون بضراوة عمن يساعدهم في مواجهة مد اللغات الأجنبية، وبخاصة اللغة الأنجليزية، فإن أصحاب أكثر لغة عالمية انتشارا، وأعني البريطانيين أنفسهم، هم من حمل مبادرة إقامة أول معرض للمتحف البريطاني بالشرق الأوسط، وفي دبي تحديدا، يركز على طرق استخدام الحرف العربي عبر معروضات راقية تحمل قيما فنية ومن مدارس فنية متنوعة.

المعرض الذي افتتح على مستوى أماراتي عال، بحضور الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، ونائب حاكم دبي الشيخ مكتوم بن محمد، يقام تحت شعار «فنانو الشرق الاوسط المعاصر»، ويقام في مركز دبي المالي العالمي.

اللوحات المنتشرة في أرجاء المعرض مزجت وبشكل فني بديع الفن التشكيلي بالشعر العربي، بالإضافة إلى لمسات زخرفية عبر الخط العربي الذي كانت لمساته واضحة في هذه اللوحات الفنية، باختصار كان المعرض سلة من الفنون المتخالطة تشاهدها في لوحات فنية حملت آفاقا من الفن والكلمة معا.

ويحتفي المعرض بإبداع فناني المشرق العربي من خلال التركيز على أسلوب استخدام الكتابة في أعمال فنية معاصرة. واعتمد فنانو المنطقة أساليب مبتكرة لتحويل النصوص إلى فن، بدءاً من النصوص العربية التقليدية إلى النثر العربي المعاصر، حيث استخدموا آيات قرآنية كريمة وأبياتا من الشعر، ونصوصاً نثرية للتعبير عن مواقف معينة، أو لمجرد تجسيد روعة وجمال الحرف العربي. ويهدف المعرض إلى إبراز هذا الجمال من خلال أعمال فنية غاية في التميز.

ويقول محمد القرقاوي، رئيس «دبي القابضة»: «نحن سعداء بالفرصة التي أتيحت لدبي القابضة للتعاون مع المتحف البريطاني في استضافة مثل هذا المعرض المتميز. لطالما كانت دبي القابضة ملتزمة بدعم وتشجيع الابتكار والإبداع في المشرق العربي في مختلف المجالات، ولا شك أن تطوير المواهب الفنية في المنطقة يمثل جزءاً أساسياً من هذا الهدف. وكلنا ثقة أن المعرض سيبرز مدى الموهبة والحس الإبداعي الذي يمتلكه فنانو المنطقة».

ويحمل معرض المتحف البريطاني، الذي يقام بدعم من شركة «دبي القابضة»، اهمية خاصة بالنسبة للمنطقة، وذلك لتركيز المعرض على اللغة العربية التي احتلت مكانة بارزة منذ انتشارها بشكل واسع قبل اكثر من 1300 عام كلغة للتواصل والتعليم مع احتفاظها على مر القرون بمكانة بارزة كواحدة من اجمل اللغات العالمية، التي الهمت العديد من الفنانين وكانت مصدرا مهما للثقافة العربية في منطقة الشرق الاوسط اضافة الى دورها في الحفاظ على الهوية العربية والاسلامية في عالم سريع التغيرات.

ويعد معرض «فن الكلمة»، الذي يضم الاعمال الفنية المتميزة والتي تعرض للمرة الاولى في المنطقة، احد اكبر المعارض الفنية على مستوى المنطقة. ويسلط المعرض الضوء على طرق استخدام الكلمة والحرف العربي في الفن الشرق اوسطى المعاصر. وينظم المعرض المتحف البريطاني بالتعاون مع «دبي القابضة» بدعم من مركز دبي المالي العالمي والدعوة عامة لحضور فعاليات المعرض الذي يستقبل الزوار يوميا من الساعة الثانية عشرة ظهرا وحتى التاسعة مساء وحتى الثلاثين من ابريل المقبل.

من جهته، قال نيل ماكريجز مدير المتحف البريطاني «ستكون هذه المرة الاولى التي يقيم فيها المتحف البريطاني معرضا في منطقة الشرق الاوسط، ولا شك ان دبي هي الخيار الامثل كونها تمثل مركزا نشطا للفن المعاصر، اننا سعداء بالفرصة التي اتاحتها لنا دبي القابضة لتنظيم هذا المعرض المتميز في مثل هذه المدينة البارزة».

معظم الاعمال المعروضة في المعرض هي من مقتنيات المتحف البريطاني الذي تفرد من بين كافة المؤسسات البريطانية في افتناء اعمال فناني الشرق الاوسط وشمال افريقيا منذ اواسط ثمانينات القرن العشرين.

وينقسم المعرض الى 4 اقسام رئيسية تشمل قسم (نص مقدس)، حيث تتطرق الاعمال في هذا القسم الى العلاقة بين النصوص العربية والدين الاسلامى والتي تظهر حيوية وقدرة فن الخط الاسلامي على الاستمرار والتطور حتى اليوم. وتعكس الاعمال الفنية في قسم فن وادب قوة وعظمة التراث الادبي لمنطقة الشرق الاوسط والمزايا المتفردة للشعر العربي والفارسي قديما وحديثا والاعمال المتميزة للكتاب الصوفيين.

وتوضح الاعمال المعروضة في قسم اعادة تشكيل الكلمة طريقة استخدام النصوص في الفن التجريدي في منطقة الشرق الاوسط بدءا من منتصف القرن العشرين وحتى اليوم. وسيجد المتلقي ان اللوحات تحمل رسائل اكثر غموضا وتناقضا من باقي الاقسام، كما انها ترتبط بهويات لها علاقة بالماضي والحاضر.

أما اللوحات المعروضة في قسم الهوية والتاريخ والسياسة فتستعرض طرق استخدام الكلمة في العمل الفني لاعطاء لمحات تاريخية تكشف عن ردود افعال الفنانين تجاه الصراعات الكبرى التي شهدتها المنطقة خلال العقود القليلة الاخيرة.

ويأتي تنظيم المعرض كخطوة اولى في اطار سلسلة من المبادرات الثقافية التي تستهدف دعم الرؤية المستقلية لعمليات التنمية الثقافية في دبي، كما حددها الشيخ محمد بن راشد في خطة دبي الاستراتيجية 2015، عندما اكد ضرورة بذل كل الجهود لنشر الوعي الثقافي من خلال دعم المبادرات والمشاريع الثقافية التي تؤكد هوية وتراث المنطقة.