أسبوع الموضة اللندني يرفع شعار «من فات قديمه تاه»

عودة بيوت أزياء من الستينات ومصممون يتحدون برودة الشتاء بالألوان

من جون روشا
TT

تعرف لندن، أو بالأحرى أسبوعها للموضة، عدة تذبذبات. فتارة تمر بفترة يغلب عليها البرود، وتارة يغلب عليها الدفء، ومرة أخرى موجة من السخونة اللذيذة. وهذا الموسم بلا شك ساخن، والفضل في هذا يعود إلى السياسة التي انتهجها ستيوارت روز، مديرها التنفيذي الذي ما إن دخل على الخط منذ اربع سنوات، حتى حولها إلى مغامرة تجارية ممتعة، فيما نجحت هيلاري ريفا، رئيسة منظمة الموضة البريطانية، الجهة المسؤولة على تنظيم هذا الأسبوع، في استقطاب النجوم إليها. صحيح ان لندن لا يمكن ان تنافس لا نيويورك ولا باريس في حجم النجوم الذين يحضرونها، ويبدو انها تدرك ذلك تماما، لهذا فإن النجوم الذين عملت على استقطابهم هم المصممون المبدعون، سواء من ابنائها الذين تركوها في فترة من الفترات بحثا عن اسواق جديدة، أو مصممين عالميين يضفون عليها البريق، ويغرفون بدورهم بعضا من جنونها الفني. فخلال عامين فقط، عرض فيها كل من جيورجيو أرماني، ومارك جايكوبس، كما عاد إليها ماثيو ويليامسون ولويلا بارتلي. ورغم انها هذا الموسم ستفقد واحدا من نجومها الشباب، جوناثان سوندرز الذي قرر العرض في نيويورك، إلا انها كسبت عودة المخضرمة فيفيان ويستوود إليها، التي ستعرض مساء يوم الخميس، الأمر الذي سيضفي عليها الكثير من الأهمية، لاسيما ان العارضة كايت موس، ستشارك في عرضها، الأمر الذي لم يعد حدثا مهما، كون العارضة شبه اعتزلت المهنة. وإلى ان يحين عرضها، فإن المتاجر الشعبية هي التي سرقت الأضواء في اليومين الأخيرين، ونقصد هنا عرض «يونيك» لتوب شوب، و«يايغر لندن» اللذين أعطيانا نبذة عما سنتوقعه في الاسواق في الخريف والشتاء المقبلين.

السياسية الناجحة التي انتهجتها لندن في السنوات الاخيرة، لن تتغير بترك ستيورات روز لها في نهاية هذا الأسبوع، لان من تسلم المشعل، هارولد تيلمان، رجل اعمال لا يقل عنه تمرسا وفهما للسوق، فهو الرئيس التنفيذي لمحلات «يايغر» التي عرفت على يده انتعاشا ملحوظا، سوءا فيما تقدمه من ازياء وإكسسوارات، أو في مبيعاتها. لكن اللافت في هذين اليومين هما عرضي «بيبا» و«أوسي كلارك» كونهما ماركتين من الستينات يحاولان منافسة ماركات شابة، وهو الأمر الذي يعتبر صعبا في أحسن الحالات، لأن التخلص من إرث غني، وإيحاءاته «القديمة» التي أكل عليها الدهر وشرب، يعتبر من شبه المستحيلات. المصمم آش ألوم غر، الذي استعانت به دار أوسي كلارك، استطاع إلى حد كبير تفادي نكهة «الفينتاج» فيما قدمه، 16 مظهرا فقط. فالأكمام جاءت منفوخة بنقوشات خفيفة زادتها الألوان الباستيلية هدوءا والأقمشة الإيطالية المترفة رقيا. الإيحاءات، وإن كان من الستينات في الفساتين على وجه الخصوص، إلا انه لم يكن مبالغا فيها، عكس الماكياج وقصات الشعر التي غلبت عليها الغرة المحددة بشكل صارم. «بيبا»، التي عرفت عدة تذبذبات في المواسم الأخيرة وكانت ردود الأفعال عليها متضاربة في عهد المصممة بيلا فرويد، هي الأخرى عرفت نجاحا كبيرا في عرضها الأخير، حيث لم يعمد مصممها الجديد هيكتور كاسترو الغرف من أرشيف الدار إلى حد التخمة، واكتفى بالقليل الذي ترجمه بلغة عصرية للغاية، الأمر الذي يؤكد أن عصر «النهضة بالنسبة» لـ«بيبا» قد حان. لم يقتصر الانتعاش على دور الأزياء التي شهدت اوجها في الستينات والسبعينات، بل ايضا المحلات الكبيرة وعلى رأسها «يايغر» التي، على ما يبدو، يريد رئيسها التنفيذي، هارولد تيلمان ان يحتذي بتجربة «بيربيري» ويحملها إلى العالمية، وترقيتها من مجرد متجر كبير إلى دار أزياء تنافس الباريسيين والميلانيين في حرفيتها وأناقتها. ورغم عمر الدار، 125 سنة، إلا ان خطها «الراقي» إن صح القول والذي يعرف بـ«يايغر لندن» لم يبدأ سوى منذ 5 مواسم، أي انه غض ولا يزال يتلمس طريقه، وإن كان يتميز باستعمال خامات رفيعة ويجمع بين الكلاسيكية والحداثة في تصميماته، بشكل نافس المصممين مصممين مخضرمين. يوم الاثنين، أرسل المصمم البريطاني، جاسبر كونران، عارضات في أزياء منحوتة بألوان براقة تتباين بين الأخضر الزمردي والبرتقالي إلى جانب الأبيض. وجاءت التصميمات، سواء التي استعمل فيها الكشمير أو الحرير، تزين العنق وتحدد الخصر، فيما خلا عرضه من الإكسسوارات، باستثناء قفازات قصيرة وأحذية منخفضة الكعوب. كونران برر توجهه هذا بعد العرض بقوله: «هناك الآن الكثير من التطريزات والورود، لهذا اخترت ان أقوم بشيء مختلف، يركز على الشكل والقوام اكثر».

من جهته، قدم السير بول سميث، أحد اهم المصممين البريطانيين على الساحة، تشكيلته بعد الساعة السابعة مساء يوم الاثنين في فندق «كلاريدجز». إيقاعها في البداية كان هادئا من حيث الألوان التي غلب عليها الأسود، والأسود والبيج، لكن سرعان ما تزايد إيقاعها من خلال ألوان متوهجة مثل الأخضر والبرتقالي، أحيانا من خلال الجوارب السادة أو المنقوشة بفنية عالية لا يضاهيها إلا تفصيله الراقي. جون روشا، كسر هذا الموسم القاعدة بتبنيه ألوانا غير الأسود والأبيض، فقد استعمل البنفسجي، الأحمر، الأصفر والبرتقالي ايضا، إذ أتحفنا بجاكيتات باللون الأحمر مع إيشاربات صفراء وأحزمة بنفسجية براقة تحدد تنورات منفوخة بألوان متعددة. هل هذا يعني ان المظهر بهلواني؟ لا بالعكس فقد كان مدهشا لأنه نجح في تنسيق الوان لم نكن نتصور انها يمكن تتناغم مع بعضها.

الزوجان إيلي كيشيموتو، قدما بدورهما باقة مشكلة من الألوان من خلال نقوشات هندسية وأخرى غلبت عليها التقليمات أو النقط مزجاها مع رسومات لورود ضخمة ليؤكدا انهما يعرفان ما تريده المرأة الانيقة عموما وشريحة الشابات خصوصا. تجدر الإشارة الى ان الزوجان، مارك إيلي وواكاكو كيشيموتو سيتوجهان إلى باريس قريبا لإنهاء تفاصيل اول تشكيلة لهما لدار «كاشاريل» ستعرض خلال أسبوع باريس في آخر الشهر. الألوان المتوهجة توالت في عروض كل من أماندا وايكلي، ودار «بي.بي.كيو». الأولى، مثلها مثل جون روشا تميل إلى الأسود والألوان الترابية في العادة، خرجت عن المألوف وقدمت تشكيلة مميزة للنهار والمساء على حد سواء، غلبت عليها ألوان الورد والبرتقال، لكن أجمل ما فيها لون الزمرد الذي غلب على كل المناسبات، والثانية (بي.بي.كيو) من خلال فساتين قصيرة ناعمة، من التول والحرير باللون الأسود المطعم بزخات متوهجة من البرتقالي النحاسي والخوخي والأصفر الهادئ، وكأنها تريد أن تتحدى برودة الخريف والشتاء.