صوت القوات البريطانية في البصرة: علاقتي بالعراق تجري في دمي

زار العراق طفلا لعائلة تبني جسورا.. ليعود جنديا لجيش تخلى عن القتال لصالح الإعمار

TT

لا تخفى على احد العلاقة التاريخية بين العراق وبريطانيا، والتي تضمنت مراحل عدة تشمل انتداباً وحروباً واخرى شهدت تقاربا سياسيا. وعلى مر عقود من العلاقة الطويلة بين البلدين، كانت دائماً هناك شخصيات عراقية وبريطانية ارتبط تاريخها الشخصي ارتباطاً حميماً بتطورات العلاقات بين العراق وبريطانيا. ومن بين هذه الشخصيات البريطاني الميجور توم هولاوي، الذي يقول عن علاقته بالعراق انها «تجري في دمي».

لم يعرف الطفل توم هولاوي الذي جال في شوارع بغداد قبل 25 عاماً اثناء الحرب العراقية ـ الايرانية انه سيعود الى العراق جندياً بريطانياً في حرب مختلفة تماماً وبدور يعتبره الجيش البريطاني جوهرياً لمستقبل العراق. فبدأ هولاوي هذا الاسبوع مهمته ناطقاً باسم القوات البريطانية المتمركزة في البصرة والتي تستمر لمدة 6 اشهر. وهذه العودة الرابعة لهولاوي الى العراق، اولها لزيارة والده الذي كان مهندساً مدنياً وبعدها جندياً اثناء الحرب على العراق عام 2003 حيث كان متمركزاً في العاصمة مع قوات اميركية. وقال هولاوي ان هدفه في عمله الجديد كناطق باسم القوات البريطاني في البصرة هو «توصيل الى جميع الشعوب، ليس فقط الشعب البريطاني والأوروبي بل العربي والعراقي، رسالة حول ما نفعله وما نريد انجازه». وأضاف في حديث خاص لـ«الشرق الاوسط» قبل توجهه الى العراق لاستلام مهامه: «منذ نقل السلطة الامنية الى القوات العراقية في البصرة في ديسمبر (كانون الاول) الماضي، نزود العراقيين بالمساعدة من خلال تدريب عناصر الشرطة والجيش، بالاضافة الى دعمهم من الجوانب اللوجستية وتزويدهم بالمعلومات الاستخباراتية». وفي الوقت الحالي يعتبر الدور البريطاني في العراق مبنياً على التنمية واعادة الاعمار، التي «يدعمها الجيش البريطاني من خلال تقديم الدعم المالي لمشاريع ذات فائدة» بحسب هولاوي. ويذكر ان الجيش البريطاني في البصرة لديه تخويل بصرف ما يصل الى 100 الف دولار على كل مشروع، بالتعاون مع المدنيين البريطانيين في البصرة ومن دون العودة الى لندن. وأضاف هولاوي: «لدينا شبه شيك على بياض لدعم المشاريع المفيدة لأهالي البصرة، وهذا امر جيد». وينظر هولاوي الى مشاريع التنمية والاعمار في العراق اليوم وفي ذهنه مشاريع الاعمار التي قامت بها عائلة هولاوي في السابق في العراق. فجد توم الاكبر اسس شركة «هولاوي» للمقاولات في بريطانيا وكانت مسؤولة عن بناء جسور عدة في بريطانيا مثل «جسر تشلسي» عبر نهر التيمز في لندن. ولكنها ايضاً قامت بمشاريع مهمة في العراق وابرزها بناء جسري الملك فيصل والملك غازي عبر نهر دجلة في بغداد، كما قامت ببناء جسور في بعقوبة ومدن عراقية اخرى. وتحدث هولاوي عن زيارته الاولى الى العراق قائلاً: «كان والدي مهندساً مدنياً وذهبت الى العراق عندما كنت طالباً صغيراً خلال عطلة صيفية لزيارة والدي الذي كان يعمل في تصفية المياه». وأضاف: «حزن والدي (الذي توفي في التسعينات من القرن الماضي) عندما رأى تدمير مصافي المياه وتراجع الوضع العراقي وكان يتحدث عنها». وتابع: «زرت المواقع التاريخية في العراق وزرت مدناً كثيرة مثل كركوك واربيل وبناء على ذكريات اعلم بأن العراق قادر على النهوض». ويركز هولاوي الآن على الدور المخول له في الجيش البريطاني، مبتعداً عن الخوض في التداعيات السياسية الاوسع لوجود القوات البريطاني في العراق. وقد حصل هولاوي على اسبوعين من التدريبات المكثفة للاستعداد لدوره الجديد، بالاضافة الى اجراء لقاءات يومية في وزارة الدفاع البريطانية قبل التوجه الى البصرة حيث سيعمل خلال الاشهر الستة المقبلة. وقال هولاوي: «ليس من السهل التوضيح للبريطاني العادي المقيم في المملكة المتحدة ان يفهم ما نقوم به، وهذا ما ساحاول العمل عليه»، موضحاً: «من المهم اعطاء الجنود الشعور بأنهم يعملون شيئاً مفيداً، فالفكرة في بريطانيا بأن جنودنا في العراق جالسون اهدافاً للصواريخ وهذا ليس صحيحاً بالطبع ولكن هذه النظرة تؤثر عليهم». وشرح هولاوي انه يرى عمله «بناء جسور تفاهم» في العراق وبين العراقيين والبريطانيين. وأضاف: «ربما كان دائماً مكتوباً لعائلتي ان تبني جسوراً في العراق، بطريقة او اخرى». وابدى هولاوي تفاؤله تجاه مستقبل العراق، قائلاً: «أشعر بالتفاؤل، فقد رأيت في العراق خلال السنوات الخمس الماضية تطورات مهمة، فكلي امل بالعراق كبلد وبالعراقيين كشعب». واضاف: «رأيت العراق اثناء الحرب العراقية ـ الايرانية كطفل ولكن اتذكر منذ ذلك الوقت قدرة العراقيين على النهوض».