الحرفي اللبناني شوقي يزبك يرسم البيوت اللبنانية التراثية بالخشب

حرصاً على إبقائها في ذاكرة اللبنانيين

TT

شوقي يزبك حرفي لبناني اهمل مهنة المطاعم لينصرف الى ممارسة حلم نشأ معه في مرحلة الفتوة وهو «الرسم» بالخشب. وقد اختار نوعاً معيناً من هذا «الرسم» اذ حصره في بناء مجسمات من البيوت اللبنانية التراثية، وبالأخص الريفية، التي يخشى يزبك من انقراضها امام زحف الاسمنت والبناء الحديث العشوائي.

يتحدث الحرفي اللبناني لـ«الشرق الاوسط» عن حرفته، فيقول: «لقد بدأ ولعي بالخشب منذ الصغر، حيث كنت احرص على صنع مغارة الميلاد من الخشب بدلاً من الورق المخصص لهذه المغارة. ومنذ عدة سنوات عدت الى ممارسة هذه «اللغة الخشبية»، بحيث رحت اسرق الوقت على حساب مهنتي في المطاعم لـ«أبني» مجسمات البيوت اللبنانية الريفية التي توشك على الانقراض، سعياً مني الى ابقاء هذا التراث في ذاكرة اللبنانيين، واليوم بت متفرغاً لهذه الحرفة التي تجد قبولاً وإقبالاً من الجميع، ولا سيما من عشاق التراث، واتصومع في محترفي بين آلات الحفر والنشر والدهان».

يضيف يزبك: «المجسمات التي اختارها هي للبيت اللبناني، بقناطره، وقرميده، وحجارته وسقوفه الخشبية، ومفروشاته المؤلفة من الجلود الصوفية المبسوطة على ارض الدار وحول مدفأة الحطب التي ينتصب داخونها في الوسط، ومن الطراريح، والنحاسيات، ومحمل الجرة، والإبريق الفخاري، وغير ذلك من حواشي البيت الريفي. فمن بيت مربع الاضلاع، الى البيت المستطيل مع المصطبة، الى العلية (غرفة كانت تبنى في الطبقة الثانية من البيت، وتستخدم للنوم فقط) مع السطيحة الواسعة، الى البيت المؤلف من طبقتين على ابعد تقدير، مع الحديقة والشجر الذي يظلل المدخل، والدرج الخارجي وغير ذلك من الانماط الريفية».

ويعتبر يزبك ان المجسم لا يتجاوز المتر المكعب الا نادراً، ويستخدم فيه الخشب الخفيف الوزن كالشوح والميرنتي وغيرهما بعد دهنه بـ «السيلر»، واربع او خمس مرات بمادة «اللكر» تماماً كما تدهن الموبيليا. «وهذا من شأنه ان يؤمن حماية ابدية للخشب مع الحرص على مسحه مسحاً بالماء لا غسله» على حد قول الحرفي اللبناني، الذي يوضح ان هذه المجسمات تلقى اقبالاً واسعاً من اختصاصيي الديكور وعشاق التراث، الامر الذي دفعه الى الاشتراك في اكثر من معرض، وكان ابرز هذه المعارض هو المعرض الذي اقيم منذ فترة في دبي مع الفنانين سعد شيبان واسعد رنو وسواهما. كما اقمت معرضاً في مارينا ضبيه (شمال بيروت)، وآخر في «سيتي مول» و«بيروت مول».

ويطمح شوقي الى اكثر من تصدر مجسماته المنازل والفنادق والصالات، الى «بناء» قرية لبنانية كاملة، ببيوتها التراثية، وطرقاتها الضيقة، وحدائقها الغناء وكل ما تميزت به هذه البيوت من فن وذوق. ويقول في هذا الصدد انه يفاوض البلدية التي يقيم في اطارها على وضع مساحة صغيرة في تصرفه لينفذ حلمه وعلى نفقته الخاصة، وتكون القرية مفتوحة للجميع «كي يتعرفوا على تراثهم وذاكرتهم وتاريخهم».

يذكر ان يزبك يحرص على السكن في منزل لبناني يعود عمره الى 120 سنة، في منطقة زحف اليها العمران العشوائي الحديث (جديدة المتن من ضواحي بيروت الشمالية الشرقية).