عراقيون يحتفلون بيوم الحب.. وآخرون خائفون

عراقي: إرسال زهرة حمراء عبر الجوال أسهل وأرخص

عراقية تزين تفاحة بحبات القرنفل في أحد المطاعم (أ.ف.ب)
TT

اغتنم العراقيون مناسبة يوم الحب أمس لتناسي معاناتهم اليومية وقضاء بعض الوقت مع الاشخاص المقربين لديهم. وشهدت بعض محال بيع الزهور والهدايا، في عدد من احياء العاصمة، اقبالا جيدا، فيما اشتكت اخرى من قلة مبيعاتها بسبب المخاوف الامنية.

وكان لـ«الشرق الاوسط» اكثر من وقفة مع مناسبة يوم الحب، فكانت اولى جولاتنا في شارع فلسطين، واول ما جذب انتباهنا ان اغلب المكتبات الموجودة في هذا الشارع شرق بغداد تزين واجهاتها بالزهور الحمراء والقلوب الكبيرة، ناهيك من الالعاب.

وقال صاحب مكتبة وهو يغلف احدى الهدايا، التي اشتراها منه مراهقون لا تتعدى اعمارهم 16 عاماً «منذ ايام ونحن نشهد اقبالاً على شراء الهدايا التي تزدحم بها مكتبتنا ونحاول جهد الامكان ان نلبي طلبات زبائننا»، واضاف «بسبب الوضع الامني المتحسن نسبياً، كان هذا العام مختلفاً، اذ ان قوة الشراء عالية، الامر الذي جعلنا نستعد لهذا اليوم قبل اكثر من عشرة ايام». واضاف ان «الاناث هن الاكثر اقتناء للهدايا، وغالباً ما يدققن في الاختيار، وحتى في نوع الاغلفة التي سوف تغلف هداياهن، من القلوب والورود الحمراء بالاضافة الى الالعاب على شكل الدببة، وهناك من يقتني التحف الزجاجية الحديثة، وتكون غالبا باللون الاحمر». وفي محل «زهور بابل» في منطقة الكرادة (وسط بغداد)، الذي يبيع الزهور منذ سبعينات القرن الماضي، تراكمت زهور صناعية في كل جانب ووضعت بطاقات التهنئة بيوم الحب الى جانب علب زجاجية صغيرة تحوي رسائل غرام صغيرة.

وقال يوسف محمد (50 عاما) صاحب المحل، الذي بدا منشغلا مع آخرين بتنظيم المحل: «لدينا زهور وهدايا متنوعة ليوم الحب، لكن لم يأت الا عدد محدود جدا لشرائها».

وكان يوسف محمد يبيع الزهور لشخصيات تاريخية، بينها الرئيس العراقي السابق صدام حسين. وقال «لا يوجد في بغداد الان الا عدد محدود من محلات بيع الزهور، بعدما كان هناك العشرات قبل 2003»، موضحا ان «عددا قليلا جدا من الشباب جاء امس لشراء زهور عيد الحب، ولم يأت احد مطلقا اليوم، وهذا امر غريب حقا». وتوقع محمد ان «تكون المبيعات محدودة جدا هذا العام». وبرر عدم وصول زبائنه المعتادين بـ«الخوف من وقوع حوادث وانفجارات، بالاضافة لزحمة الطرق والاجراءات الامنية المشددة في كل مكان (...) خصوصا بعد انفجار سيارتين مفخختين على مقربة من موقع محلنا».

وقالت فتاة، رفضت الكشف عن اسمها، دخلت للتو لشراء وردة بمناسبة يوم الحب لخطيبها «اتمنى شراء أجمل زهرة بالمناسبة لخطيبي، لكنني مرغمة على شرائها من هنا فقط، لان المكان قريب من مكان عملي». واضافت «ليس من السهل اطلاقا التنقل في الشوارع». وفرضت السلطات المحلية اجراءات مشددة، بينها نقاط تفتيش ونشر حواجز اسمنتية، بهدف الحد من وقوع اعمال عنف قد تتسبب في مقتل مدنيين.

وفي «البيت الاخضر» للزهور جنوب بغداد، قالت شابة تتولى ادارة المحل، فضلت عدم كشف اسمها، ان «زهور الحب تباع عادة بالعشرات قبل يوم او يومين من يوم الحب، لكن حتى الان لم يزرنا سوى ثلاث او اربع فتيات لشرائها!». واضافت وهي تتنقل وسط زهور وضعت في كل جوانب المحل ان «عددا محدودا من الناس بات يتذكر يوم الحب بسبب الظروف الأمنية والخوف الذي يهدد الناس».

وقالت شابة في العشرينات من العمر، اكتفت بذكر اسمها الاول سجى في محل آخر لبيع الورود، «رتبنا المحل ووضعنا الزهور في كل مكان، لكن لم يأت سوى عدد قليل للسؤال عنها من دون ان يشتريها احد!».

وأكدت سجى، التي تتولى ادارة محل «زهور بغداد»: ان «مئات الزهور كنا نبيعها في الاعوام الماضية في يوم الحب وهذا العام جلبنا 300 زهرة فقط». وتابعت «ولا اتوقع اننا سنجد من يشتري حتى لو نصفها». واشارت سجى الى ان «المهتمين بالزهور غالبا ما يكونون من الطبقة المثقفة المتعلمة، وبلدنا يعاني من رحيل معظمهم هربا من العنف».

واكدت سجى ان الناس «يتحدثون عن العبوات والانفجارات واجراءات امنية وانقطاع الكهرباء اكثر من اي شيء اخر». من جانبه، قال ايمن محمد (26 عاما) وهو يتفحص انواع الزهور من وراء الزجاج، ان «ارسال زهرة حمراء عبر الهاتف الجوال يبدو اسهل طريقة للتعبير عن المشاعر هذه الايام».

واختلفت الروايات عن أصل يوم الحب، إلا ان اغلبها أجمعت على أن الكاهن فالنتاين كان يدعو للمحبة بين البشر كمعظم الكهنة، ورجال الدين، لكنه أعدم في 14 شباط عام 268م إبان حكم الإمبراطور كلوديوس الثاني لتشجيعه الناس على الزواج والبقاء مع زوجاتهم، في حين أراد الإمبراطور تجنيدهم. وتزامن مقتله مع بدء موسم الحب عند العصافير، والاحتفال ببداية فصل الربيع، رمز الخصب والتجدد في التقويم الروماني. وعادة إهداء الورود في هذا اليوم، يرجحه البعض، بأن والدة الكاهن فالنتاين كانت تزور قبره باستمرار، وهي تحمل معها الورود.

أما اللون الأحمر، الذي أمسى رمزاً ليوم الحب، فبسبب لون شقائق النعمان التي نبتت مكان مصرع رمز الحب والخصب، والجمال (أدونيس) بعد أن روته عشتروت بدموعها.