العود العربي يجد بيتا دائما له في أبوظبي

المشروع نواة لتأسيس أوركسترا إماراتية ـ عربية

بيت العود العربي سيكون بداية للعاصمة الاماراتية لتأسيس مشاريع موسيقية عالمية («الشرق الأوسط»)
TT

افتتح في العاصمة الإماراتية أبوظبي مساء الجمعة الماضي، «بيت العود العربي» برعاية ودعم من هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، وبإشراف العازف العراقي المعروف نصير شمة، وذلك بحضور حشد من المسؤولين وأعضاء السلك الدبلوماسي العربي والدولي المعتمدين لدى دولة الإمارات، وجمهور كبير من عشاق الموسيقى العربية الأصيلة، الذين استمتعوا بما قدّمه شمة وفرقته من معزوفات رائعة تتناسب وأهمية افتتاح بيت العود العربي.

كما تجوّل الحضور في أقسام البيت واستمعوا لشرح من نصير شمة عن مراحل وآلية الدراسة والمنهاج وشروط الالتحاق، حيث تمّ بالفعل قبول تسجيل عشرات الطلاب كمرحلة أولى ممن تنطبق عليهم الشروط الأكاديمية للبيت.

وأكد محمد خلف المزروعي مدير عام هيئة أبوظبي للثقافة والتراث أنه وضمن الاستراتيجية الثقافية العامة التي تتبناها الهيئة، والقائمة على ضرورة تعدد الفعل الثقافي وتنوع مصادره ومظاهره، فقد كان تبنيها للعديد من المشاريع الثقافية الهامة التي تتكامل في أدائها وعطائها، وذلك من أجل جعل الثقافة والتراث في مقدمة خطط المشروع التنموي في إمارة أبوظبي، ودولة الإمارات العربية المتحدة، وفي هذا الإطار يأتي إنشاء بيت العود العربي ليشكل أفقاً إبداعياً جديداً، وإضافة نوعية للمشاريع العديدة التي تتبناها الهيئة. وقال المزروعي بهذه المناسبة إن الهيئة تنفذ هذا المشروع لتوجد جيلا من العازفين القادرين على التعامل مع العود وقراءة مختلف المؤلفات الموسيقية وعزفها على هذه الآلة باحتراف. وأكد أنه سيكون لبيت العود العربي في أبوظبي دور كبير في نشر جماليات هذه الآلة في الإمارات، ومساهمة حقيقية في الموسيقى العربية والشرقية، ولذلك فإن مشروع بيت العود هو بداية إماراتية طموحة لمشاريع موسيقية عالمية، ونواة لتأسيس أوركسترا إماراتية ـ عربية تجمع بين روعة الموسيقى العربية وسحر الموسيقى الغربية، خاصة أن بيت العود قد باشر باستقبال الموهوبين في العزف على هذه الآلة من مختلف الأعمار والراغبين في تعلم العزف عليها. كما أن المشروع لن يقتصر دوره على تدريس العود بل سيوفر التعليم على آلات شرقية أخرى، وبالتالي يُصبح بإمكان هيئة أبوظبي للثقافة والتراث الاستفادة من خريجي هذا المشروع لتكوين فرقة موسيقى إماراتية ـ عربية تمثل الإمارات في مهرجانات الموسيقى المختلفة.

وتهدف أبوظبي من إنشاء بيت العود العربي إلى نشر الثقافة والوعي الموسيقي بآلة العود في إمارة أبوظبي بشكل خاص ودولة الإمارات العربية المتحدة بشكل عام، وإبراز أهمية آلة العود كجزء رئيسي في الموسيقى العربية الشرقية ومدارسها.

وتعتبر آلة العود من أقدم وأعرق الآلات الموسيقية الشرقية، ومن أكثرها التصاقاً بروح ووجدان الإنسان العربي، إلى الحد الذي أضحى معه ذكر «العود» مرتبطاً بصفة «العربي»، ذلك أنه كان رفيق رحلته التاريخية، فواكبه في مختلف عصوره وأمصاره، وكان سفيره إلى ثقافات العالم، وترجمانه الروحي في مخاطبة الأمم والشعوب، فاحتل بذلك مكانة رمزية كبيرة في الحضارة العربية الإسلامية، واعتبر من أهم آلاتها الموسيقية، ويكفي دليلا على ذلك أن الفلاسفة العرب من أمثال الفارابي والكندي وابن سينا بنوا نظرياتهم الموسيقية على هذه الآلة. كما عرف التاريخ العربي في مختلف حقبه العديد من عازفي العود وخبرائه، ممن شكلت تجاربهم مدارس موسيقية معروفة، وذلك من أمثال: «ابن سريج» و«سعيد بن مسجح» و«إبراهيم الموصلي» و«منصور زلزل» و«إسحاق الموصلي» وغيرهم كثير. ولما فتح العرب الأندلس كان للعود حضوره المميز، وكان له الدور الكبير في تطوير الموسيقى العربية، ونقلها إلى أوروبا، وحسبك بالموسيقي الكبير «زرياب» (160هـ/777م ـ 238هـ/852م) الذي كان رئيس المغنين في الأندلس، وشيخ العوادين، وإمام المخترعين في صناعة آلة العود، والذي بفضله تطور العود وانتشر صناعة وفناً.