غاب كاسترو وبقي سيجار كوبا مشتعلا

احتفال هافانا بالمهرجان العاشر لمنتجها الشهير

عاملة تغليف في مصنع للسيجار بهافانا (أ.ب)
TT

على غلاف مجلة «ذا ايكونوميست» البريطانية في عدده الأخير ظهر سيجار «كوهيبا» ينطفئ معلنا بذلك نهاية «مجد» الرئيس الكوبي فيديل كاسترو. شركة «كوهيبا» المتخصصة في صناعة اجود انواع السيجار الكوبي والتي تعد هي الأبرز في تلك الصناعة، تأسست في عام 1966 وكانت مخصصة للرئيس المعتزل فيديل كاسترو وكبار الرسميين والزوار قبل أن تطرح تجارياً في الأسواق عام 1982. وكان كاسترو الذي لا يدخن منتجات الشركة بكثرة حاليا بسبب وضعه الصحي، يجد في ذلك السيجار الذي يستخدم فيه نوعين من التبغ المخمر بطريقة معينة ما يستهويه بسبب ما فيه من النكهة المضاعفة والرائحة القوية. كوبا، «لؤلؤة» البحر الكاريبي وكبرى جزره ودوله، اشتهرت منذ وطأ أرضها الأوروبيون بخيراتها الزراعية وثرواتها المعدنية، كما عُرفت برفعة مستواها الثقافي وسمعتها الفنية، رغم تقلّب العهود وتبدل السياسات. حتى اسم كوبا، المأخوذ من لغة شعب التاينو الأصلي يعني «الأرض الخصبة الشاسعة» أو «المكان العظيم». واليوم يعدّ السكر والتبغ والبن أهم المنتجات الزراعية للبلاد، بجانب أنها تحتل المرتبة الثانية في احتياطيات النيكل في العالم بعد روسيا، والمرتبة الخامسة عالمياً في إنتاج الكوبالت المكرّر، كما إنها حالياً دولة منتجة للنفط. المستعمرون الإسبان، الذين حكموا كوبا لما يقارب الـ400 لم يفتهم التنبه لثرواتها الطبيعية، فاستغلوها وأخذوا يصدّرون السكر (ومشتقاته) والتبغ والبن بكميات تجارية كبيرة إلى أوروبا. ومن تبغ كوبا الاستثنائي الجودة طارت في كل أنحاء المعمور عبر العقود شهرة السيجار الكوبي المستعصي على التقليد. من أهم مناطق زراعة التبغ الكوبي التي ارتبطت بأفخر أنواع السيجار منطقة «فويلتا أباهو»، بمقاطعة بينيار دل ريو، في غرب الجزيرة الكوبية. وكان بين أوائل من عمل في ميدان السيجار الأخوان الألمانيان أوغست وهيرمان أبمان، ويقال إنهما تحوّلا إليه من العمل المصرفي، ويرجح أن مؤسستهما التي حملت اسم «هـ . أبمان» أبصرت النور عام 1844. وخلال العام التالي 1845 أقيمت مؤسسة أخرى تحمل اسماً شهيراً آخر في عالم السيجار في هافانا هي بارتاغاس، التي انطلقت بهمة مهاجر إسباني اسمه هايمي باراتاغاس رافيلو، كان قد عمل لفترة من وصوله إلى كوبا بزراعة التبغ ولما أتقن مهنته وفهم أسرارها بنى مؤسسته وصار أحد أكبر مالكي مزارع التبغ في فويلتا أباهو.

يقام حاليا في العاصمة الكوبية هافانا المهرجان العاشر للسيجار الذي تقيمه شركة «هابانوس»، حيث يتم عرض افخم واجود انواع السيجار في العالم، والذي يستحوذ على 80% من سوق السيجار العالمي باستثناء أميركا التي حظرت التجارة بين البلدين ومنعت من استيراد المنتجات الكوبية منذ عام 1962. ولكن تبقى الدول العظمى الأخرى فرنسا، إسبانيا، والمانيا وحتى سويسرا اكثر المستوردين لذلك النوع من الدخان في العالم. والعام الماضي شهد ارتفاعا لمبيعات السيجار الكوبي بنسبة 7% بحسب قول مانويل غارسيا نائب رئيس شركة «هابانوس» الكوبية لصناعة السيجار خلال المهرجان. الشركة المملوكة بالمناصفة ما بين الحكومة الكوبية واحدى شركات التبغ الفرنسية تأسست في عام 1994 وتقدم 27 نوعا مختلفا من اميز انواع السيجارالكوبي، وفي شهر يناير الماضي قامت شركة بريطانية بشرائها مقابل 18 بليون دولار أميركي. وفي الحفل السنوي الذي تقيمه الشركة الكوبية والذي يختتم فعالياته اليوم الجمعة يتجمع عدد كبير من المختصين في السيجار ومحبينه ومجمعينه من حول العالم للاطلاع على المنتجات الجديدة والاستمتاع برائحة السيجار التي يجدون فيها متعة خاصة.