معرض أميركي يدعو المدونين للعب دور النقاد

يهدف إلى تشجيع «الحوار النقدي والخلاق حول الموضة»

خصص متحف المتروبوليتان صفحة الكترونية للمدونين («الشرق الأوسط»)
TT

دعا أبرز متحف خاص بالموضة الجمهور الأوسع كي يلعب دور الناقد والمؤرخ والمتطفل في معرضه الجديد من خلال الاتصال به عبر موقعه الانترنتي: «blog.mode: addressing fashion». ويُفتتح «معهد الأزياء» في «متحف المتروبوليتان للفنون» أبوابه للمدونين الالكترونيين. وهذه البادرة الدافئة والميالة إلى تحقيق المساواة تتسبب في انقباض في النفس.. فهل النخبوية هي بالكامل سيئة؟

وبإمكان زوار أروقة «معهد الأزياء» حيث وضعت 40 قطعة ملابس مع ملحقات أخرى أن يبعثوا بآرائهم باستخدام كومبيوترات منصوبة في قبو المتحف. أما أولئك الذين يريدون أن يكتبوا من خارج المتحف فيمكنهم استخدام www.blog.metmuseum.org/blogmode/ وإرسال ملاحظاتهم. والمعرض الذي يستمر حتى 13 أبريل (نيسان) يهدف إلى تشجيع «الحوار النقدي والخلاق حول الموضة».

لكن مع وجود هذا العدد الكبير من المدونات الالكترونية المشاركة في الحوار قد يميل بعض المدونين إلى صب جام غضبهم على صناعة الموضة أو مهاجمة التعميمات الجنسية أو مناقشة الطريقة التي يعرّف الجمال وفقها. لكن في الكثير من المواقع عبر كتّاب المدونات عما يرغبون بارتدائه.

تشمل قطع المعرض روب الكسندر ماكوين المثير للحزن «المحارة» مع قماشه المتشقق. كذلك هناك البذلة التي عملها ميغويل أدروفر من قماش لحاف مرمي من نوع كونتين كريسب. وهناك ثوب عمله رودارت مع طيات تشبه السكاكين ونفشات الشلالات. وكل قطعة تمثل تحولا في الطريقة التي يتم وفقها إنتاج الأزياء، وهو تغيير في العلاقة ما بين الأزياء والثقافة الشعبية أو خطوة أخرى في طريق تطور المصمم. ومن أكثر القطع المثيرة للاستغراب هو ذلك الروب الرمادي من مجموعة أوليفيه ثيسكنز تم صنعها تحت ماركة نينا ريتشي حيث يضم امتلاء رومانسيا مع الصرامة الحضرية.

ليس هناك أي ربط بالأفكار التي تعكسها كل مجموعة من المعروضات. وعمل المشتغلين بالمنمنمات يقف إلى جنب الأعمال الرومانسية، وتلك الخاصة بالسرياليين والتفكيكيين والبراغماتيين. والنتيجة هي عرض خلطة واسعة، لكنها تسمح للمشاهد كي يصل إلى قطعة واحدة تتميز بالروعة وتمكنه من التعليق عليها: إنها قناع الطير وهي كورسيت خشبي وبذلة في هيئة لفاف ـ من دون الخوف كثيرا على المضمون أو المصدر. وحتى الآن لم يتحقق أي نوع من الحوار بين المدونين. وأحد الزوار ترك وراءه رسالة حول حاجة معهد الأزياء أن يهتم أكثر بالملابس الرجالية. بينما اشتكى آخر من ان نص المعلومات المصاحب لكل قطعة ملابس غير مضاء بما فيه الكفاية ومن الصعب قراءته.

تحتاج المتاحف إلى التكيف مع المجتمعات التي تخدمها وعليها أن تناضل من أجل جذب جمهور أكبر. فالمتاحف لا تمتلك الثقافة بل تغربل فيها وتضعها ضمن مستويات وتحاول أن تجد معنى ما فيها. ووجهات نظرها هي ليست الصحيحة لوحدها بل هي تقيَّم بشكل خاص لأنها نتيجة لبحث وتحليل غير عاطفي وفضول معرفي.

يشعر زوار متاحف الأزياء غالبا بعلاقة خاصة مع القطع المعروضة. وغالبا ما يكون التعليق في دواخلهم بهذا الشكل: «أنا لدي شيء مثل هذا في خزانة ملابسي». بغض النظر عما إذا كان المعرض مملوءا بالتنورات أو السراويل. فالأزياء مع حقائب يد المصممين والعطور ذات الماركات الراقية هي أمر ديمقراطي، بينما عالم رمبرانت ليس كذلك.

إنها هذه النظرية التي قادت معهد الأزياء كي يقدم فكرة المدونة. لكن في غالب الأوقات هي حينما يشعر الناس بالملكية على حساب الشكل الفني أو الحرفة التي تجعل أفكارهم التي تدور حولها موضوعا للاشتباه، وهي منحازة، والعاطفة تظل عائقا أمام الوصول إلى الحقيقة.

ليس هناك خطأ في سعي المتاحف كي تطلب من زوارها تزويدها بانطباعاتهم، سواء كان ذلك للمهتمين بشكل شديد بالأزياء أو لفئة اثنية معينة. لكن تقديم الانطباعات يجب ألا يكون مبدأ موجها. يجب أن يكون التنوير هو الهدف لا إعادة تأمين.

يمكن القول إن التصحيح السياسي وحركة التكنولوجيا يجادلان في أن يقوم «معهد الأزياء» بتشجيع مزاح حيوي على مدونة مكرسة للأزياء. ومثل الكثير من المدونات ستكون هناك تلك الإرهاصات من التبصر العميق التي تحقق تجاوزا لما هو قائم وتجعل كل تلك المحاولات ذات قيمة عالية. سعى «متحف المتروبوليتان» لشرح أن ما يبدو على الموقع لا يعكس موقف المتحف. لكن التعليقات تبدو تحت لافتة تقول: متحف المتروبوليتان للفنون. يجب ألا يكون كل شخص قادرا على كتابة وجهة نظره هناك بل يجب أن يكون امتيازا يكسبه الشخص، فلا يكفي أن يقول «ثوب جميل» كي ينشر على المدونة.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»